في يومه العالمي.. الأردن يكافح الاتجار بالبشر بفعالية
إيمان المومني – يحرص الأردن بكل مؤسساته ومنظمات المجتمع المدني فيه، على مواصلة مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، بشكل فعّال ومكثّف.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت 30 من شهر تموز من كل عام، يوما عالميا لمكافحة الاتجار بالبشر .
ويأتي موضوع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر لهذا العام بعنوان “أصوات الضحايا تقود الطريق”، للتركيز على أهمية الاستماع إلى الناجين والتعلم منهم.
ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة فإن “الناجون هم جهات فاعلة رئيسية في مكافحة الاتجار بالبشر، بل إنهم يلعبون دوراً حاسماً في وضع تدابير فعالة لمنع هذه الجريمة، وتحديد الضحايا وإنقاذهم ودعمهم في طريقهم إلى إعادة التأهيل”.
وترى المنظمة الأممية أن “التعلم من تجارب الضحايا وتحويل اقتراحاتهم إلى إجراءات ملموسة سيؤدي الى اتباع نهج أكثر فعالية وتركيزاً على الضحايا في مكافحة الاتجار بالبشر”.
واعتبر معنيون ومختصون تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الاتجار بالبشر جريمة عالمية يرتكبها البعض، سواء أفرادا أو مجموعات منظمة، بهدف بيع البشر واستغلالهم لتحقيق الربح، وأن الأردن استطاع أن يكون من أوائل الدول التي تصدت لهذه الجريمة.
وقال المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي، إن الأردن استحدث الاحكام بموجب القانون المعدّل لقانون الاتجار بالبشر رقم (10) لسنة 2021م، والذي تضمّن إدراج التسول المنظم ضمن مفهوم جريمة الاتجار بالبشر، وإمكانية وقف مُلاحقة أي من المجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر من قبل النيابة العامة، اضافة الى إنشاء “صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر”، والمخصص لتقديم المساعدة القانونيّة للمجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر، لما من شأنه تعزيز الحماية القانونية من مظاهر استغلال الأطفال في جريمة التسول.
وبين أن المركز لاحظ في الآونة الأخيرة تفاقماً لظاهرة التسول واتخاذها أشكالاً وأساليب متعددة تتمثل في التسول المباشر عن طريق الاستجداء، والتسول غير المباشر كبيع السلع الزهيدة لجني المال.
وأضاف أن تقارير حالة حقوق الإنسان الصادرة عن المركز ترصد الجهود الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر على الأصعدة الثلاث (التشريعات، السياسات، الممارسات)، إذ أن المركز عضو في اللجنة الفنية لمنع الاتجار بالبشر وكان له الدور الفاعل في الدفع لإقرار القانون المعدل لقانون منع الاتجار بالبشر، مبديا بعض الملاحظات والتوصيات حول المنظومة الوطنيّة لمكافحة الاتجار بالبشر، من حيث وجود بعض الاشكاليات في ملاحقة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، ومنها: طول أمد التقاضي، وعدم وضوح تعريف جريمة الاتجار بالبشر الذي يعد معوقا أمام وصول الضحايا للعدالة وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وبين أن هناك استمرارية في الانتهاكات التي يتعرضن لها عاملات المنازل، ومنها: الحرمان من الأجور، حجز حريتهنّ، طول ساعات العمل، التأخر في دفع الأجور،اضافة الى إشكالية نظام الكفالة المتمثلة بعدم قدرة العامل بتغيير مقر عمله إلا بموافقة الكفيل.
ورأت المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ليندا كلش، أن الأردن كانت ثالث دولة في المنطقة تصدر قانون لمنع الاتجار بالبشر، ومن هنا توالت الاجراءات لمكافحة الاتجار بالبشر ومنها مؤخرا تعديل القانون والذي تم هذا العام. واشارت الى أنه لا زالت هناك العديد من الاجراءات التي يتوجب اتباعها منها مراجعة باقي التشريعات ذات العلاقة وذلك للوقاية من الاتجار بالبشر.
كما نوهت أن معظم القضايا هي استغلال في العمل الجبري والغالبية العظمى من الضحايا من العمال المهاجرين الذين تم استغلالهم بالعمل الجبري وتوافرت فيها عناصر الاتجار بالبشر من فعل ووسيلة وغاية، بالإضافة الى الاستغلال الجنسي ومن ضحاياه اردنيات واجنبيات. وبينت أن هناك بعض الثغرات لمكافحة هذه الجريمة ومنها نظام دور ضحايا الاتجار بالبشر والذي يستوجب الاحالة من قبل المدعين العامين وذلك بخلاف العديد من الدول التي تخصص دور للإحالة الفورية للضحايا المحتملين، وعدم وجود ترجمة كفؤة، هذا بالإضافة الى الافتقاد الى إعادة الادماج للضحايا مما يؤدي بهم الى الوقوع مرة أخرى ضحايا اتجار بالبشر أو يتحولوا الى متاجرين.
من جهتها، قالت المحامية المتخصصة بقضايا الاتجار بالبشر أسماء عميرة، إن الدستور الأردني نص في مادته (13) على انه لا يفرض التشغيل الالزامي على أحد، وكفلت المادة 23 منه معايير العمل اللائق، كما صادق الأردن على اتفاقيات حقوق الانسان الاساسية باستثناء الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وعائلاتهم لسنة 1990، لافتة إلى أن المواثيق التي صادق عليها الأردن لتشكل منظومة متكاملة لمنع وقمع الاتجار بالبشر، إذ كفل العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية بوضع التزام على عاتق الدول الأعضاء بمنع أي ممارسة تقضي الى الاسترقاق والعمل الجبري وحماية الأفراد من هذه الممارسات.
وأشارت إلى أن الأردن انضم للاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 والبروتكولين الملحقين بها المتعلقة بمنع وحظر الاتجار بالبشر بخاصة النساء والأطفال ومكافحة تهريب المهاجرين لسنة 1962، كما وقع على 24 اتفاقية عمل دولية بشأن المبادئ والحقوق الاساسية في العمل.
وأضافت، أن هناك على الصعيد الوطني قانون ابطال الرق لسنة 1929 وقانون منع الاتجار بالبشر لسنة 2009 والذي تم تعديله هذا العام وأصبح ساريا منذ تاريخ 162021 ، وحملت التعديلات الجديدة الكثير من الايجابيات ومنها إضافة التسول المنظم كصورة من صور الاتجار بالبشر، كما تم تغليظ العقوبات الواردة به، وتم النص على الإقامة المؤقتة للضحية (من الجنسيات الأخرى) في المملكة إلى حين استكمال الإجراءات الضرورية للتحقيق والمحاكمة.
وبينت، أنه رغم كل الاتفاقيات والقوانين يوجد بعض التحديات منها صعوبة إعفاء الضحايا من الجنسيات الأخرى من غرامات تجاوز الإقامة، ولا زالت هنالك بعض القضايا التي تُكيف جنحة اتجار بالبشر على الرغم من وجود ظرف مشدد لها خاصة عندما تكون الضحية أنثى، حيث يجب أن تكون جناية وليست جنحة وهذا يغير من اختصاص المحكمة صاحبة النظر في الدعوى، كما أنه لغاية الآن لا يوجد ادعاء عام متخصص ينظر بهذه القضايا، ولا توجد أي قضية تكيفت اتجار بالبشر لها علاقة بالتسول المنظم رغم وجود الكثير من الأطفال المستغلين في التسول في الأماكن العامة.