” عباس في حالة تدهور خطير”…. مركز أبحاث إسرائيلي يستعرض أوضاع السلطة الفلسطينية
استعرض مركز أبحاث إسرائيلي بارز الأوضاع الصعبة التي تمر بها السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، في ظل تصاعد الغضب الشعبي ضدهما، وتأثير ذلك على مستقبل السلطة، بعد أن يحين موعد انتهاء عصر “أبو مازن”.
وقال “مركز بحوث الأمن القومي الإسرائيلي” التابع لجامعة “تل أبيب” العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده يوحنان تسوريف، إنه مع مرور 3 أشهر على العدوان الأخير على غزة، “تواصل مكان السلطة الفلسطينية ورئيسها التدهور، فالغضب الشعبي يتواصل، وحجم الثقة به وبأجهزة السلطة يواصل التدهور، واتهامات السلطة بالفساد تتعاظم، والنزاعات العشائرية تكثر، في حين أن أجهزة أمن السلطة تخشى من التدهور”.
وأوضح أن هناك حالة من “النفور وانعدام الاهتمام بمواصلة وجود السلطة في صيغتها الحالية، التي تعتبر غير أهل، وحكمها التفكك وإعادة البناء على أسس أخرى”، لافتا إلى أن إلغاء إجراء انتخابات المجلس التشريعي، في نيسان/ أبريل الماضي، كشف في نظر الشعب الفلسطيني عدم جدوى السياسة التي يقودها عباس منذ انتخابات 2005، فمن التنسيق الأمني مع تل أبيب، إلى الاعتماد على الأسرة والمؤسسات الدولية كمركز الضغط على إسرائيل”.
ولفت المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان “نظرة عليا”، أن “عباس قاد الخط الذي جعل من الكفاح المسلح ضد إسرائيل غير شرعي، في حين وصف التنسيق الأمني كضروري لسيطرة السلطة على المظاهرات الشعبية؛ خوفا من فقدان السيطرة”.
وأكد أن “هذه السياسة تعتبر اليوم في نظر الشعب الفلسطيني واهنة ومستسلمة، فضلا عن أنها تعفي إسرائيل من كل عبء أمني، وتحرم الفلسطينيين التهديد بالعمليات كوسيلة ضغط أساسية على تل أبيب”، موضحا أن “هذه هي الخلفية لانعدام الهدوء السائد في مناطق الضفة الغربية منذ عملية “حارس الأسوار”.
وأشارت الدراسة إلى أن “الاحتجاجات ضد عباس والسلطة تتواصل، وترافق بأعمال فاشلة من أجهزة الأمن السلطة، وأبرز مثال هو قتل الناشط نزار بنات على يد عناصر تلك الأجهزة، ما زاد الغضب الشعبي”، منوهة بأن هناك قدرا من التحدي للسلطة في الاحتكاك المتزايد بين الفلسطينيين وبين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
وبحسب إحصائية إسرائيلية، قتل جيش الاحتلال أكثر من 40 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ العدوان الأخير على غزة، الذي بدأ يوم 10 أيار/ مايو 2021 واستمر 11 يوما، وهذا القتل -بحسب المركز- “يغذي الغضب المنتشر في الضفة الغربية، إضافة لاستمرار الاحتجاج في بلدة “بيتا” والإرباك الليلي بإلهام من حماس في غزة”.
ومن المؤشرات على تدهور السلطة “ضعف سيطرة أجهزة أمن السلطة في جنين، كما أن تواصل البناء في المستوطنات يشعل التوتر”.
واعتبرت الدراسة، أن “حماس هي الرابح الأساس من هذه التطورات، فهي تعد اليوم كمن يمثل القضية الفلسطينية بشكل أصيل أكثر من السلطة، وكمن لا يخاف الصدام مع إسرائيل”، مضيفة: “مع ذلك، لا يوجد في هذه الظواهر والتطورات ما يخلق الكتلة الحرجة لإسقاط السلطة، فالسلطة ورغم ضعفها تحافظ حاليا على مكانتها، وأجهزتها الأمنية لا تزال تتمتع بقدرة ردع (ضد المحتجين الفلسطينيين) لا بأس بها”.
وزعمت أن هناك “عدة حقائق تساعد عباس والسلطة على تجاوز الأزمة، حاليا على الأقل، الأولى؛ انتخاب عباس، وإن كان ذلك قبل 16 عاما، إضافة لزخم البناء الواسع في الضفة بعد 2007، بعد أن تولى سلام فياض رئاسة الوزراء، ووسع الاستثمارات في الاقتصاد، وخلف آلاف أماكن العمل”.
وأضافت: “كل هذا ينسب لعباس، ويجعل من الصعب على الساعين إلى ضعضعة الاستقرار في الضفة الغربية رفع مستوى التوتر والاحتجاج الجماهيري”، معتبرة أنه “طالما بقي عباس في منصبه، سيكون من الصعب على الغضب والاحتجاجات التي تجتاح الضفة أن تترجم إلى الإطاحة به، مثلما حصل في عدة دول عربية خلال الربيع العربي”.
ونبهت إلى أن “حماس، وإن كانت هي القوة الأقوى اليوم في الرأي العام الفلسطيني، فإنها على علم جيد بمصاعب قدرتها على الحكم بنقص شرعيتها وضعفها لدى الأسرة الدولية، وهي الأمور التي عليها يستند وجود السلطة، بالمخاطر التي تنطوي على أخذ الحكم دون انتخابات، وكذا بالتشكيك في قدرتها على الحكم في نظر الجمهور، وعليه، ففي أثناء المباحثات في مسألة المصالحة الفلسطينية، أبدت حماس اهتماما بالمشاركة في الحكم”.
وفي ظل هذه القراءة الإسرائيلية يبرز السؤال: “هل الاحتجاجات المتصاعدة ضد السلطة والاحتكاك اليومي مع الجيش الإسرائيلي في أرجاء الضفة الغربية لا يمس بقدر كبير باستقرار السلطة؟ هل يمكن لإسرائيل أن تكتفي بمحاولات تحسين البنى التحتية الاقتصادية والحياة اليومية للفلسطينيين والمواظبة على سياسة إدارة النزاع، أم أن عليها أن تضع أمام ناظريها جوانب أخرى من المعادلة ترتبط بالتطلعات الوطنية الفلسطينية؟”.
وتابع المركز: “مثلما شهد مرة أخرى التصعيد الذي أدى للعدوان على غزة، بوسع هذه الاعتبارات والمشاعر المرتبطة بها أن تتغلب على اعتبارات عملية تتعلق بالربح والخسارة، وتحدث احتجاجات، عنف وسفك دماء، علما أن وزن هذه الاعتبارات يتزايد بعد الفرضية السائدة في أوساط الشعب الفلسطيني هذه الأيام، ضمن أمور أخرى في ضوء تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، أنه لا يجري الحديث اليوم عن سعي لتسوية في إطارها تقوم دولة فلسطينية مستقلة، بل عن حلول طارئة غايتها استمرار إدارة النزاع”.
وأكدت الدراسة أنه “تبلورت في الساحة الفلسطينية معارضة عنيدة لكل خطوة لا تكون جزءا من استراتيجية سياسية واسعة، والأفكار الكثيرة التي طرحت وعرضت على الفلسطينيين في مجالات الاقتصاد والبنى التحتية، لا تستقبل كبديل عن المسيرة السياسية”.
ولفتت إلى أن “الخوف من تبني نهج إدارة النزاع في ظل التركيز على هذه المجالات من قبل إدارة جو بايدن يزداد، وبالفعل، تعد مؤسسة السلطة في نظر الكثير من الفلسطينيين كإنجاز وطني، ولكن فقط كمرحلة أولية لدولة فلسطينية، وحتى حماس، التي تعارض اتفاقات أوسلو، ترى اليوم في السلطة مؤسسة يجب العمل على حفظها، فهل في اليوم التالي لعباس سيتمكن الفلسطينيون من مواصلة الاكتفاء بهذا المعقل الوحيد، أم ربما سيحاولون الإثبات بأن بوسعهم أن يحققوا ما لم ينجح أبو مازن في تحقيقه؟ بمعنى التقدم الملموس نحو الاستقلال”.
وقدرت أنه “لا مفر من جهد مرغوب فيه إسرائيلي دولي، غايته منح الفلسطينيين أفقا سياسيا، وغرس الأمل في أوساطهم، وخلق الظروف لإعادة بناء الواقع الفلسطيني الداخلي، ومنع عدم الاستقرار المحمل بالمخاطر في زمن تبادل الحكم في نهاية عهد عباس”.