في ذكرى غيابه: الدكتور عبد اللطيف عقل صوت شعري فلسطيني مميز
بقلم: شاكر فريد حسن
تحلّ اليوم الذكرى الثامنة والعشرون لوفاة الشاعر والفيلسوف الفلسطيني الدكتور عبد اللطيف عقل، أحد أعلام واعمدة الشعرية الفلسطينية، ومن رواد الإلهام للثقافة الوطنية تحت الاحتلال.
عبد اللطيف عقل من بلدة دير استيا شمال سلفيت، ولد سنة 1942، أنهى تعليمه الجامعي في دمشق، ثم سافر إلى أمريكا ونال شهادة الدكتوراة من جامعة هيوستن في الطب النفسي، بعد ذلك أشغل محاضرًا واستاذًا في عدد من الجامعات الفلسطينية، وهو من مؤسسي مركز السراج للثقافة والفنون والمسرح، ونال جوائز عديدة في علم النفس الاجتماعي والفن المسرحي، وفي آب العام 1993 وافته المنية، تاركًا لنا آثارًا أدبية وبحثية هامة وخالدة.
صدر له في الشعر: “شواطئ القمر، أغاني القمة والقاع، هي والموت، وقصائد عن حب لا يعرف الرحمة” وغير ذلك.
وفي مجال المسرح، فله: “العرس، البلد طلبت أهلها، والمفتاح”.
وفي المقالة صدر له كتابان هما:” سر العصفور الأزرق كالدم، والسلام عليكم”.
أما في الحقل البحثي الأكاديمي، فله: “علم النفس الاجتماعي، والإهدار التربوي”.
كتب عبد اللطيف عقل قصائده وأشعاره من وحي شعوره وحسه الإنساني بالطبيعة الريفية الفلسطينية، التي وصفها بشكل خلَاب، مركزًا على المكان والمدينة الفلسطينية، وجاءت كلماته من الأرض والوطن.
وتُعد تجربته الشعرية تجسيدًا حيًّا لرؤيته للشعر على مستويات اللغة والأسلوب والصورة والإيقاع، عدا المضمون، وهو ممن تبوأوا الالتزام بالقضية الفلسطينية، حيث عاش معاناة شعبه من تشريد وتهويد ونفي وتهجير وتعذيب وتنكيل ومصادرة أرض وبناء مستوطنات.
سلك طريق الالتزام في معظم كتاباته، وسخرّ موهبته الإبداعية في سبيل الدفاع عن قضية شعبه، وتناول في نصوصه الشعرية والنثرية الوطن بهمومه السياسية وقضاياه وأحداثه، وعبر عن حبه لأرضه، ودعا إلى الصمود فيها، وتبنّى المدرسة الشعرية التي انتمى إليها من قبله المرحومين محمود درويش وسميح القاسم وغيرهم من الشعراء والأدباء الذين جسّدوا التزامهم إلى أبعد من الحدود الفنية، وانتسبوا للحركة والثقافة الوطنية.
وتجربة عقل تعبر عن الاتجاه الواقعي الماركسي، الذي ظهر لدى كثير من رموز الشعرية الفلسطينية، حيث عبر عن انتمائه الطبقي لطبقة الكادحين من الفلاحين والعمّال والمسحوقين والفقراء، ووقف إلى صفهم ينتصر لهم، ويرى فيهم حملة لواء الثورة والخلاص والحرية، فيقول:
مع الفلاحين أشق الأرض جراحا، أدفن
فيها الصورة والحب، وفي يوم تبتسم الحرية
في الانسان، وتسكن في الكلمات معانيها
تنمو أجنحة للأشياء
وفي ذلك الوقت، أغني للفرسان الآتين
أعري جسدي الأبرص بالخوف
واغتسل دمًا كالعطر، أقرأ شعري قدّام
تلاميذ الصف الأول والعمال البسطاء
عبد اللطيف عقل صوت شعري فلسطيني مميز وساطع، تعددت نغماته، وشكل طاقة إبداعية وموهبة فنية قادرة على التجلي والتميز في ميادين الأدب، فهو الشاعر والاديب والباحث والفيلسوف، الذي انخرط في الهم الفلسطيني، وانشغل به، وأصبح جزءًا من مشهده، ومات حبًا في كنعان، وعاصمة جبل النار، مدينته نابلس التي كتب لها الكثير، وسيبقى حاضرًا في ذاكرتنا الثقافية والوطنية الحيّة.