يسرى أبوعنيز تكتب: سقوط أم إنتحار
لا نعرف هل كانت حادثة وفاة الأربعيني عن الجسور العشرة وسط العاصمة عمان الأسبوع الماضي ،هل هي حادثة سقوط،أم أنها حادثة إنتحار،وذلك بعد أن أضرم النار بنفسه،ولكن الشيء الذي نعرفه،وهو حقيقة واضحة للجميع أن هذا الشخص لقي حتفه بعد تلك الحادثة التي وقعت من أعلى الجسور العشرة.
فهذا الأربعيني،والذي أضرم النار بنفسه، من الواضح أن الحياة قد ضاقت به ،فلم يجد أمامه حلًا سوى هذ الأمر،رغم أننا لا نعلم ما هي ظروفه ،ولا الأسباب التي دفعته لمثل هذا التصرف الذي فقد بعده حياته ثمنا له.
ولكن من الواضح أن الحوادث التي يلجأ بعض الأشخاص فيها إلى اضرام النار بأنفسهم،أو تلك الحوادث التي يلجأ فيها بعض الأشخاص للإنتحار ،أو التهديد بالإنتحار متبعين العديد من الأساليب في تزايد مستمر في العالم بشكل عام ،والأردن بشكل خاص،رغم انها من الظواهر الجديدة ، والغريبة في المجتمع الأردني،ولكنها ظهرت خلال السنوات العشر الأخيرة.
حتى أصبح من يرغب بتحقيق مطلب معين لدى الجهات ذات العلاقة يتبع أسلوب التهديد بالانتحار ،أو من تضيق به الحياة بسبب ظروفه الإقتصادية ،وهناك من يقوم بالانتحار فعلا دون التهديد بذلك،لتكون حياته ثمنا لهذا التصرف الذي يرفضه المجتمع،كما يرفضه ديننا الإسلامي الحنيف.
الحياة ضاقت بهذا الرجل مرات كثيرة،غير أنها في هذه المرة كانت القاضية ،حيث لم يتمكن يوم الحادثة من توفير متطلبات أطفاله للذهاب للمدرسة،كما لم يتمكن من تسديد القسط الشهري لصندوق المرأة ،وليكتمل الأمر عليه بمصادرة بسطته،فلم يجد وقتها حلًا وهو في حالة من اليأس بعد أن إجتمعت كل هذه الظروف عليه،ووقعت كل هذه المصائب على رأسه سوى اضرام النار في نفسه،ليكون جثة هامده أسفل الجسور العشرة بعد هذه الحادثة.
وحادثة هذا الرجل الأربعيني،وصاحب البسطة ،الرجل البسيط،هزت وجداننا،بل هزتنا جميعا ،لكون هذا الأمر قد يتكرر مع الكثير من شبابنا،لعدم توفر فرص العمل،وارتفاع نسب الفقر والبطالة،وسوء الظروف المعيشية للمواطن الأردني،بسبب ظروف جائحة الكورونا، أو بسبب مصادرة بسطات من لجأ للبيع بهذه الطريقة ،لعدم وجود البديل لتوفير مصدر دخل لأسرته،وهذا الأمر خطير جدا ،خاصة إذا ما لجأ شبابنا للإنتحار لعدم قدرتهم على مواجهة هذه الظروف الصعبة.
وعودة للأرقام الرسمية حول حوادث الإنتحار في الأردن، فإنها تشير إلى وقوع152 حالة انتحار خلال العام الماضي2020،وفي العام 2019 بلغت 119 ،أي أن عدد الحوادث في العام الماضي كانت بزيادة تبلغ 33 حالة عن العام الذي سبقه،بينما بلغت 142 حالة في العام2018،وبلغت 130 حادثة انتحار في العام2017،بينما بلغت 120 حادثة في العام2016،وبلغت 113 حادثة انتحار في العام2015.
وفي قراءة اولية في احصائيات حوادث الإنتحار في المملكة فإنها تتذبذب بين عام وآخر،غير أنها كانت الأعلى في العام الماضي2020،ومن ثم في العام2018،ولعل الظروف العائلية ،والخلافات الأسرية، والأوضاع الإقتصادية الصعبة،مثل الفقر والبطالة،وعدم وجود مصادر الدخل من ابرز الأسباب وراء حوادث الإنتحار.