مابين القدس وغزة : انتهاكات مستمرة وتوسيع الاستيطان وتهويد
نشوة زايد – غزة
هذه البقعة من الارض الصامدة لم تسلم من انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي اليومية ..
فمنذ أن قامت إسرائيل باحتلال مدينة القدس عام 1967، وهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة وفي الأراضي التابعة لها أحد أهم الوسائل لتحقيق هدف اليهود الأساسي تجاه مدينة القدس.
رصدت محافظة القدس عددًا من الانتهاكات تركزت حول الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك والاعتقالات وعمليات الهدم وقرارات الإبعاد والتهجير والاعتداء على الصحفيين وإصابة العديد من المواطنين وارتقاء شهداء.
– وسط مزيد من الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني والتي كان أبرزها في 16 حزيران، حين أعدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي ميدانياً الشابة د. مي خالد يوسف عفانة ( 29 عاماً) من بلدة أبوديس، بعد إطلاق الرصاص الحي باتجاهها عند مدخل بلدة حزما، إذ سلكت بالخطأ شارعاً “استيطانيا” شرع الاحتلال بشقه، ما أدى إلى ارتقائها شهيدة، وكما لم تسلم الشهيدة من بطش الاحتلال حية فلم تسلم منه متوفيه أيضاً فما تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثمانها إلى جانب عشرات من الجثامين المحتجزة سابقاً.
كما أصدرت سلطات الاحتلال 46 قرارًا بالإبعاد في مدينة القدس، من بينها 5 قرارات بحق سيدات، وجاء نحو 17 قرار منها بالإبعاد عن المسجد الأقصى، و15 قرارًا بالإبعاد عن حَيَّ الشيخ جرّاح، و9 قرارات بالإبعاد عن البلدة القديمة، و9 قرارات بالإبعاد عن باب العامود و4 قرارات بالإبعاد عن بلدة سلوان، وتراوحت فترات الإبعاد ما بين أسبوعين إلى ستة أشهر. كما جددت سلطات الاحتلال قرارًا بالإبعاد بحق أمين سر حركة فتح في القدس شادي مطور عن الضفة الغربية لمدة ستة أشهر.
كما أصدرت سلطات الاحتلال 34 قرارًا بالحبس المنزلي بحق مقدسيين، تتراوح فترة القرارات ما بين خمسة أيام إلى أسبوعين ومن بين القرارات قرار إقامة جبرية وقرار حبس منزلي مفتوح.
قالت منظمة التحرير الفلسطينية، إن الاعتداءات العدوانية الإسرائيلية، تصاعدت بشكل كبير خلال العام الماضي 2020, في جميع المناحي والاتجاهات.
وكشف مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تقريره السنوي، عن مجمل انتهاكات الاحتلال كأعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين والاستيطان والاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل ومحاولات تهويد القدس وغيرها من جرائم الاحتلال خلال العام 2020.
الجرحى والمعتقلون
قامت سلطات الاحتلال خلال العام 2020 بإصابة وجرح نحو (1650) مواطنا في جميع الأراضي الفلسطينية، من بينهم نحو 100 مواطن أصيبوا بنيران الاحتلال في قطاع غزة، كما أصيب المئات بالاختناق، نتيجة إطلاق قوات الاحتلال الغاز السام المسيل للدموع صوب المتظاهرين ضد سياسات الاحتلال الممنهجة.
كما قامت سلطات الاحتلال باعتقال (4634) مواطنا فلسطينيا، من بينهم نحو (543) قاصرا، و(128) سيدة في كل من الضفة الغربية بما فيها القدس، وحدود قطاع غزة، فيما استشهد 4 أسرى في سجون الاحتلال، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
وتمارس سلطات الاحتلال سياسات عقابية قاسية ضد الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم حتى نهاية العام الماضي نحو 4400 أسير، من بينهم 170 طفلا، و40 سيدة، بحسب الهيئات المختصة بشؤون الأسرى.
هدم البيوت والمنشآت
قام الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2020 بهدم وتدمير 976 مبنى، منها حوالي 30% في محافظة القدس بواقع 296 عملية هدم، منها 180 مبنى داخل أحياء مدينة القدس، وبلغ عدد عمليات الهدم الذاتي 89 عملية هدم ذاتي للمباني الفلسطينية يقع معظمها في محافظة القدس، كما أصدر الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2020 أوامر بالهدم ووقف البناء والترميم لنحو 1,012 مبنى في الضفة الغربية والقدس بزيادة مقدارها حوالي 45% عن العام 2019، كما تقوم سلطات الاحتلال بوضع العراقيل والمعوقات لإصدار تراخيص البناء للفلسطينيين.
لم تتوقف سياسة قوات الاحتلال عن هدم المباني المملوكة للفلسطينيين وما نتج عنه من تهجير للسكان من منازلهم في جميع أنحاء الضفة الغربية، إذ وثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة (أوتشا) منذ عام 2009، أن قوات الاحتلال دمرت 7,514 منزلا او منشأة منذ عام 2009 منها 1,343 منشأة ممولة من المانحين مما أدى لتهجير 11,356 مواطنا، وتوزعت عمليات الهدم بواقع 19% في القدس الشرقية، بالإضافة الى 79% في المناطق المصنفة ج ونحو 2% من عمليات الهدم في المناطق المصنفة أ و ب، ووثقت أوتشا أن نحو 851 منشأة تم هدمها خلال العام 2020، منها 157 منشأة ممولة من المانحين مما أدى لتهجير 1,001 مواطن.
تهويد القدس
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تشديد إجراءاتها العسكرية ومضايقاتها المتكررة لعزل سكان حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى في سلوان جنوب المسجد الأقصى، في ظل مخطط إسرائيلي أوسع لتهويد البلدة القديم.
وقال رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل تفكجي إن إسرائيل لها برنامج منذ القدم يهدف إلى تهويد فلسطين، وذلك من خلال عدة قوانين منها قانون مصادرة الأراضي للمصلحة العامة وقانون تنظيم البناء، مشددا على أن الاحتلال يهدف إلى جعل العرب أقلية واليهود أغلبية.
واعتبر أن قضية حي الشيخ جراح وبطن الهوى تدخل ضمن هذه السياسة الإسرائيلية المخطط لها، مؤكدا أن القوانين الإسرائيلية ساهمت في مصادرة نحو 87% من مساحة القدس الكاملة باستخدام قوانين تؤسس لخدمة مشروعهم التهويدي الذي يسعى إلى جعل عدد اليهود يصل إلى نسبة 88%
أما لارا فريدمان رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط والدبلوماسية الأميركية السابقة، فقالت إن ما حصل في حي الشيخ جراح هو مجرد نموذج لما يحصل وسيستمر حصوله في فلسطين، ولكن الجديد في الأمر أن الناشطين على الأرض يقومون بعمل جاد لمشاطرة رسالتهم وجعل العالم يعرف الحقيقة.
يذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في تقرير لها أن سياسة التهويد تهدف إلى تعزيز هيمنة الإسرائيليين اليهود على الأرض، وجعل أغلب الفلسطينيين متمركزين في جيوب محاصرة ذات كثافة عالية وخدمات رديئة، مما جعلها تصف السياسات الإسرائيلية بأنها تُشكل جريمتي فصل عنصري واضطهاد.
اقتحام الأقصى
وشهد العام 2020 اقتحام المسجد الأقصى 27624 مرة، ما بين مستوطن وطلاب معاهد تلمودية ورجال شرطة ومخابرات وأعضاء كنيست، فيما أصدرت سلطات الاحتلال قرارات بإبعاد 315 مواطنا عن المسجد، والبلدة القديمة لفترات متفاوتة.
واعتقلت سلطات الاحتلال محافظ القدس عدنان غيث وقيدت حركته واتصالاته، وتهدف قوات الاحتلال من ذلك منع النشاط الرسمي الفلسطيني من العمل داخل القدس، وشرعت جرافات الاحتلال بهدم سور مقبرة اليوسفية لأغراض إقامة مسار ما يسمى “حديقة التوراتية”.
ولاتزال باحات المسجد الأقصى تتعرض لعدة اقتحامات من قبل المستوطنين، واعتداءات قوات الاحتلال على فلسطينيين واعتقال اشخاص منهم، في حين دعت الرئاسة الفلسطينية المجتمع الدولي للتدخل محذرة من العودة “لنقطة البداية”.
استيلاء وتجريف أراض
وأكد المركز الفلسطيني أن سلطات الاحتلال قامت خلال العام 2020 بالاستيلاء على نحو (8830) دونماً من أراضي المواطنين الفلسطينيين، كما أعلنت عن الاستيلاء على (11200) دونم لصالح ( 3 ) محميات طبيعية في الأغوار.
وأصدر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق “نفتالي بينيت” قراراً بمصادرة نحو (1100) دونم من أراضي محافظة بيت لحم تقع على إطراف مستوطنة “افرات” في مجمع “غوش عتصيون” الاستيطاني، فيما استولت سلطات الاحتلال على القلعتين الآثريتين “دير سمعان ودير قلعة” الواقعة شمال غرب بلدة كفر الديك وشرق دير بلوط في محافظة سلفيت، والذي يعود تاريخهما إلى القرن الرابع الميلادي، وذلك لصالح سلطة الآثار الإسرائيلية، كما تم تمديد سريان مصادرة الأراضي الواقعة خلف الجدار شمال بلدة حبلة لأغراض أمنية وعسكرية.
وأخطرت سلطات الاحتلال بالاستيلاء على نحو (1400) دونم في الضفة الغربية، تشمل كلا من قرى بورين، ومادما، وعصيرة القبلية، جنوب مدينة نابلس، إضافة إلى بلدات الجبعة وشوفة وياسوف ورافات ومنطقة المعرجات شمال غرب أريحا، فيما جرفت آليات الاحتلال أكثر من (1500) دونم من أراضي المواطنين الزراعية في الضفة الغربية والقدس أدت إلى اقتلاع آلاف أشجار الزيتون واللوزيات.
اعتداءات المستوطنين
وكانت جماعات إسرائيلية متطرفة، دعت مؤخرا، إلى تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى وبأعداد كبيرة، في 18 يوليو/تموز بمناسبة حلول ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل”.
وفي 15 من الشهر ذاته، انطلق آلاف المستوطنين من القدس الغربية باتجاه باب العامود أحد أبواب البلدة القديمة بالقدس الشرقية، حيث أدوا “رقصة الأعلام” الاستفزازية ورددوا هتافات وأناشيد باللغة العبرية.
وأطلق بعض المستوطنين هتافات من بينها “الموت للعرب” إضافة إلى أخرى مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أن يغادروا باب العامود تجاه حائط البراق (يسميه الإسرائيليون حائط المبكى)، الجدار الغربي للمسجد الأقصى.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بنقل مواطن فلسطيني إلى المستشفى جراء الاعتداء عليه بالضرب، في حين عالجت فرقه عددا من الإصابات ميدانيا.
وتقدم الحاخام يهودا غليك اقتحامات مئات المستوطنين للأقصى، الذين قاموا بجولات استفزازية في ساحات الحرم وتلقوا شروحا عن “الهيكل” المزعوم، في حين أدى بعضهم شعائر تلمودية قبالة قبة الصخرة، قبل أن يغادروا ساحات الحرم من باب السلسلة.
العدوان على غزة
وضعت الحرب التي استمرت 11 يوماً أوزارها فجر الجمعة 21 مايو ، بإعلان وقف لإطلاق النار، بدأته إسرائيل من طرف واحد ووافقت عليه المقاومة الفلسطينية بعد ذلك بوساطات عربية ودولية.
بعد عدوان الاحتلال في القدس والشيخ جراح، كانت المقاومة في غزة هي هددت ثم ردت على اعتداءات الاحتلال، وبذلك تكون المقاومة ربطت بين دورها في غزة، وبين الضفة الغربية والقدس المحتلة، ما رآه مراقبون فرضاً لمعادلة جديدة في المواجهة مع الاحتلال .
وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة ، إن العدوان الإسرائيلي الهمجي على أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وقطاع غزة خلال شهر مايو، أسفر عن استشهاد 277 مواطناً، بينهم 70 طفلاً و40 سيدة، إضافة لنحو 8500 جريح.
وأوضحت الكيلة ، أن الوزارة رصدت 89 انتهاكاً بحق مراكز العلاج وسيارات طواقم الإسعاف، فيما استشهد طبيبان في قطاع غزة وأصيب عدد من الأطباء الممرضين، بينهم طبيب في حالة حرجة، مشيرة إلى أن الاحتلال استهدف مراكز العلاج في قطاع غزة وعمد إلى إعاقة عمل سيارات الإسعاف وطواقمها وعرقل وصول الجرحى إلى مراكز العلاج ومركز فحص كورونا، وهو يشكل خرقاً فاضحاً لكل المواثيق والمعاهدات الدولية واتفاقية جنيف الرابعة.
وأشارت إلى أن قصف الاحتلال طال مستشفى بيت حانون، ومجمع الشفاء الطبي، والمستشفى الاندونيسي، ومركز هالة الشوا، ومركز الشيماء عيادة الرمال، وغيرها من العيادات والمراكز الأخرى.
وأضافت الكيلة، “ما شاهدناه من دمار كبير لحق بالمباني التابعة لوزارة الصحة في القطاع، والاعتداءات على المسعفين في ساحات المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح بالقدس، وعلى نقاط التماس والحواجز العسكرية في الضفة الغربية، هو دليل واضح على انتهاك يرقى إلى جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي”.
وخلال استعراضها لتقرير حول آثار العدوان الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني في الأسابيع الماضية، بينت وزيرة الصحة أن مشافي القدس استقبلت أكثر من 400 جريح كان 22 منهم في حالة حرجة نتيجة اعتداءات جيش الاحتلال على المواطنين في باحات المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وبلدات وأحياء مدينة القدس.
وأضافت، أنها لاحظت خلال زيارتها للجرحى في مشافي القدس خلال العدوان أن الاحتلال كان يطلق النار بهدف التصفية والقتل العمد، من خلال عدد الإصابات الكبيرة وطبيعة الإصابات التي كان معظمها في المناطق العلوية لإجلاء المصابين.
ونوهت إلى أن الاحتلال استهدف أيضاً العيادات الميدانية التي تم إنشاؤها بالتعاون مع نقابة الأطباء، فضلاً عن إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في مستشفى المقاصد.