صلاة الدم والشهادة
بلال حسن التل
لأنها نتهى معراج رسولهم, ومبتدأ معراجه, ولأنها وصية محمد الجد الأعظم لملوكهم الهواشم, ولأن الدم الزكي للملك المؤسس لدولتهم الهاشمية المعاصرة عبدالله الأول ابن الحسين روى دم فلسطين فصار دم الشهداء عروة وثقى توحد الاردن وفلسطين فإن ما يربط بين الأردنيين والقدس, أعظم من كل ما يربط سائر شعوب الأرض بالقدس, فبين القدس والأردنيين رابط ديني بأعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين, وبأعتبارها منتهى المعراج ومبتدأ الإسراء لرسولهم محمد عليه السلام, وحاضنة كنيسة قيامة مسيحهم ودرب إلامه.
وبين القدس والأردنيين رابط تاريخي يعود إلى الآف السنين.
وبين القدس والأردنيين رابط قربى ونسب فكثيرة هي العائلات الممتدة بين القدس ومدن الأردن, ويكفي ان ابن الكرك مثل القدس في مجلس نواب الدولة الواحدة.
وبين القدس والأردنيين رابط قومي شديد القوة, ويكفي أن نذكر بأن مفجر ثورة العرب والداعي لنهضتهم في عصرهم الحديث, جد الهواشم من ملوك الاردن الحسين بن علي يثوى في رحاب القدس, بعد أن رفض أن يقايض القدس بالعرش فأختار القدس على العرش.
ولأن القدس تمثل ذلك وأكثر للأردنيين, فقد مهروها بالدم الذي سال على اسوارها, وفي ازقتها, وعندما لم تكتفي من الدم الأردني الزكي, أودع الأردنيون في جوفها أغلى ما يملكون من “رفاة شهدائهم” التي مازالت تشكل كنزاً لا ينضب, تمن ارض فلسطين بين الحين والحين بجزء منه علينا عندما تكشف عن واحد من هذه الاجساد الطاهرة, ليذكر هذا الجسد الطاهر بعظمة جيشنا العربي المصطفوي, الذي فضل ضابطه وجنوده دائما المنية على الدنية, فقاتلوا فوق تراب فلسطين حتى الرمق الأخير ويكفي أن نستذكر هنا قصة كتيبة الحسين الثانية التي صمد جنودها المئة وواحد أمام هجمات العصابات الصهيونية حتى قضى منهم “97” ولم يستسلم الأربعة الباقون إلا بعد أن اثخنتهم الجراح, فانحنى لهم عدوهم اعترافاً بشجاعتهم, فصارت قبور شهدا الجيش الاردني نجوماً تضيء مدن وقرى فلسطين وتزين لياليها.
وعلى ذكر الجراح نتذكر بطولات جيشنا العربي الأردني في حي الشيخ جراح, وقصص ابطال وشهداء الجيش العربي الاردني, الذي اهدانا رحم فلسطين مؤخراً جثمان احدهم, ليذكر العالم من جديد بتضحيات الأردنيين من أجل فلسطين, وأي صور البطولات والفداء رسم ابطال جيشنا الأردني هناك, وهي الصور التي حاول الكثيرون انكارها او تشويهها, لكن ارض فلسطين ظلت تنحاز الى الحق, فتظهر جثامين الشهداء الاردنيين في كل وقت لتكذب كل ارجيف المبطلين, وآخرها جثمان الشهيد الذي صعد إلى بارئه وهو يدافع عن قدسية القدس في معركة “تلة الذخيره” لذلك اصر رفاقه في الجيش العربي الاردني على الصلاة عليه في المسجد الأقصى, صلاة الدم والشهادة التي تحمل الكثير من المعاني والدلالات والرمزية, وتؤكد ان للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس شرعية الدم والشهادة, لذلك تمثل هذه الصلاة ترسيخا من عسكرنا لوصاية مليكهم على مقدسات القدس،في وقفة عز وفخر اعتاد عليها نشامى الجيش الأردني، اكدوا عليها وهم يعيدون رفاة شهيدهم إلى رحم فلسطين في حرم الاقصى على انغام سلام الشهيد, في خطوة تذكرنا بكل قيم الايمان وصفات الاباء, وتذكرنا بكل الروابط التي تربط الاردنيين بالقدس وكل فلسطين, وتذكرنا بعهدنا مع العروبة وعهدنا مع الهواشم, وبعهدنا مع الشهادة التي يحترفها ابناؤنا في القوات المسلحة الأردنية “الجيش العربي”.