بداية جفاف السدود، فماذا لو تأخر الشتاء؟
كتب أ.د. محمد الفرجات
بدأت بعض السدود في المملكة تري علامات نضوب المياه بشكل واضح، وهذا أمر ليس بغريب في نهاية كل صيف، خاصة مع زيادة درجات الحرارة والتبخر، إضافة لزيادة الطلب على المياه لغايات الري، مقابل إتساع المساحات المزروعة، والتي تعتمد على مياه السدود، سد الملك طلال والذي تعتمد عليه ٨٠% من الأغوار الشمالية مثال.
الرصد الجوي طويل الأمد لمنتصف الموسم يتحدث عن فعاليات جوية خفيفة، ولن تساهم كثيرا برفد السدود عبر الجريان، خاصة وأن الأرض عطشى وسيذهب جزء كبير من أي تساقط إضافة للتبخر كرشح أرضي.
إن لم تتساقط أمطار بكثافة عالية تستطيع رفد سد مثل الملك طلال، فنهاية شهر ١٠ وكل شهر ١١ من هذا العام، قد لا تستطيع السدود الوفاء برفد زراعاتنا، خاصة عندما نأخذ النوعية بعين الإعتبار، فبالتأكيد لن تسيل مياه قاع بحيرة سد مثل سد الملك طلال، والذي يرفد يوميا من الماء المعالج الخارج من محطة الخربة السمراء، إضافة لجريان مياه الأمطار في الحوض السطحي للسد في موسم الشتاء.
المساحات المروية في الوحدات الزراعية في الأغوار، تشكل جزءا كبيرا من سلة المملكة الغذائية وأمننا الغذائي الوطني، كما وتشكل مصدر دخل للأهالي من المزارعين، حيث أنها عملهم اليومي بين زراعة وري وقطف وتغليف وتسويق.
أي شح إنتاجي في الخضار سيؤدي إلى رفع الأسعار بشكل جنوني، أمام مواطن يعاني ضعف الرواتب بالأصل إضافة لتحديات الفقر والبطالة.
وزارة المياه عليها التعامل مع الأمر بجانب وزارة الزراعة، تلافيا لأي طاريء أو أزمة قد تلوح بالأفق، وقد ترتقي إلى أزمة إقتصادية وإجتماعية ذات إنعكاسات سياسية، في وقت نسعى فيه جميعا لتخطي أزمة الوباء وتبعاته المختلفة، إضافة للمضي قدما بإصلاحات سياسية وإقتصادية تحتاجها البلاد.
تشكل المياه الجوفية في المنطقة بدائل جيدة مع تحلية المالح منها إلى حين تخطي الأزمة، بجانب الترشيد بما تبقى من مياه السدود، إضافة لمحاولة زيادة وتحسين كفاءة المعالجة في محطة الخربة السمراء التي ترفد بمياهها المعالجة سد الملك طلال، والذي وكما أسلفنا يروي ٨٠% من مزروعات الأغوار الشمالية.
وزارتي المياه والزراعة وسلطة وادي الأردن والأرصاد الجوية وسوق الخضار المركزي وجمعيات المزارعين، أنتم الآن فريق واحد لتخطي أية أزمة، ونثق بكم كثيرا.
التغير المناخي بدأ يرسم ملامحه عالميا، وهنا لدينا على شكل جفاف، والزيادة السكانية بفعل موجات اللجوء لا ترحم، وزراعتنا ما زالت بحاجة لتطوير أساليب الزراعة والري لتحسين الإنتاج بالنوع والكم.
التكيف مع التغير المناخي مطلوب، وتبقى رحمة الله تعالى فوق كل شيء، ونسأل الله تعالى الغيث.