زيارة استفزازية!
بقلم: شاكر فريد حسن
لا يمكن النظر إلى قيام رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ بإضاءة أولى شمعات عيد الانوار “الحانوكا” العبري، في الحرم الإبراهيمي في قلب مدينة الخليل المحتلة، سوى مجاهرة بموقفه الداعم لمعسكر الاستيطان، بكل ما تمثله هذه الخطوة وتحمله من دلالات سياسية ومعاني رمزية ورسالة استعلائية. وبذلك أثبت هرتسوغ وبرهن بأنه يميني خالص، ولا علاقة له باليسار فيما يتعلق بالنهج والممارسة ضد الشعب الفلسطيني.
لقد اقتحم الرئيس الإسرائيلي أول أمس الأحد، بصورة استفزازية مدينة الخليل الفلسطينية، تحت حراسة مشددة من قوات الشرطة والأمن، للمشاركة في مراسيم الاحتفال بعيد “الحانوكا”، وفي كلمة له من داخل الحرم زعم هرتسوغ أن “الارتباط التاريخي للشعب اليهودي بالخليل وتحديدًا بـ “مغارة المخبيلا” وهو الاسم التوراتي للحرم الإبراهيمي، بتراث الأمهات والآباء، أمر لا شك فيه، ويجب أن يرتقي الاعتراف بهذا الارتباط فوق كل خلاف”.
إن اختيار مدينة الخليل، التي تعتبر وتشكل نموذجًا للقمع والقهر والنهب والاستعلاء الاحتلالي، هو بمثابة انتهاك للمعتقدات الدينية الإسلامية، واستهتار بمشاعر وحقوق أبناء شعبنا الفلسطيني، ويستفز فيهم الوعي والوجدان، وهو ما أثار الغضب الشعبي والرسمي الفلسطيني، والادانة الواسعة من قبل الفلسطينيين وقوى ما يسمى باليسار الإسرائيلي، وجاء على لسان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية: “إن الزيارة تمثل استفزازًا لمشاعر الشعب الفلسطيني، وانتهاكًا صارخًا لحرمة الحرم الإبراهيمي”، داعيًا “الأمم المتحدة توفير الحماية للبلدة القديمة في الخليل والحرم من التهويد”.
كذلك، فقد أثار قيام هرتسوغ بإضاءة الشمعة في الحرم الإبراهيمي بالخليل، مدينة الرحمن، غضب واحتجاج نشطاء من اليسار الإسرائيلي، الذي اتهموا إسرائيل بالابرتهايد، ودعوا إلى “أبعاد الظلام” في إشارة لأغنية الأطفال “حانوكا” التي يغنيها الأطفال والصغار في إسرائيل. وقالت حركة “السلام الآن” في بيان لها: “في الوقت الذي يضيء فيه الرئيس شمعة مع باروخ مارزل وأتباع كهانا، تمنع قوات الأمن المواطنين الملتزمين بالقانون من ممارسة حقهم في التظاهر”.
اما عضو الكنيست من حركة “ميرتس” فقال في تغريدة له على تويتر: “للأسف في كريات أربع، صدتنا الشرطة بعنف، وأثبتت لنا أن الخليل ليست جزءًا من إسرائيل”.
ومن نافلة القول، إن اقتحام الرئيس الإسرائيلي لمدينة الخليل، هو تشريع للاستيطان وحملات المستوطنين، وضرب للشرعية الدولية بضرب الحائط، واستفزاز سياسي وأخلاقي، وتأتي لتسويغ ما لا يمكن تسويغه، الاحتلال والتوسع والتوغل الاستيطاني والبطش الوحشي والاستعلاء القومجي المرفوض والمدان.