الكاتب الفلسطيني إياد شماسنة : ما زالت الثقافة خيمتنا الأخيرة والإبداع آخر مفاتيح الجنة … “لقاء خاص”
خاص- القدس – رادار العرب
لأن الثقافة والإبداع ركيزة هامة وعمود رئيسي في بنيان الحضارة ، كان لزاما علينا أن نجري لقاء مع المبدعين لنتعرف عليهم وعلى ما يقدمونه عن قرب ، فكان لنا لقاء مع الكاتب والأديب الفلسطيني إياد شماسنة من مدينة القدس .
حدثنا عن.المناخ الذى. عايشته..حتى وجدت نفسك تندفع.الى عالم الابداع والكتابة؟
كأي فلسطيني، أنت تبحث عن الحرية تحت أي حجر، أي نسمة، خلف أي شجرة، وفي أي حكاية، أنت مناضل حين تتنفس وتطلق زفيرا في وجه الشمس، وبطل حين تغني، لذلك. كتبت شعرا كي أغني للإنسان والحب وكتبت الرواية كي أعيش ألف حياة حرة عوضا عن حياة القهر والحدود المغلقة والجدران الاسمنية التي تحاصرنا، تجاوزت بالكتابة عالم السواد الى البياض، بياض القلب، بياض النوايا، وتجاوزت سواد الوقت وسواد التعب، فصاروا يسمونني كاتبا وأرجو أن أكون قد أفلحت.
=كيف كانت البدايات..وهل كانت مقدمات الكتابة.تشجعك على الاستمرار؟
البدايات كانت كأي بدايات، صناعة الحكاية قبل كتابتها، صيد العصافير قبل الكلمات، ثم تصير العصافير كلمات وموسيقى وتصير الحكاية رواية وقصة.
لا شيء كان مشجعا، فكل ما كان مباحا للعالم كان ممنوعا علينا ومتهما، كنت اسمع عن كتب يصادرها الاحتلال وكتاب يقبعون في المعتقلات من أجل قصة أو بيان أو رأي، لكن جمرة الحرية والتمرد كانت تنمو وتتوهج وتتمرد ، حكايات جدتي، قصص امي وأغانيها، ما يقوله الكبار خلسة او علنا، ما يصدقون فيه وما يكذبون، كل ذلك ذاب في ذاكرتي، ثم بدأ يسيل في قلمي محاولات بسيطة نمت بتشجيع بسيط في مناسبات مختلفة بين المدرسة والجامعة، لكن البصيرة كانت أكثر امتدادا والايمان بالحبر والقلم وقداسة الكلمة ؛ لقد أصبح كل ذلك ممكنا بالايمان، آمنت مبكرا بالكلمة، الكلمة التي تصنع التغيير ، والتعبير، تبني وتهدم وتحيي وتقتل ، وما زلت على عهدي لذاتي ولقلبي وقلمي.
=كيف كان استقبال الوسط الثقافى لك؟
ما زال الوسط الثقافي نرجسيا، لا يقبل جديدا إلا على مضض، لكني استطعت أن أكون ما أريد، بأسلوبي وطريقي ومثابرتي وما ابتدعته من أعمال متعددة في الشعر والرواية والترجمة لها مكانتها ، ومع ذلك ما زلت أعلن أن لا قبيلة لي في الأدب، ما زلت مثل أبي ذر الغفاري ، أكتب وحدي وأموت وحدي وأبعث وحدي، ذاك هو تميزي وتلك قوتي، لا أزاحم أحدا ولا أحد يزاحمني، لا انكر أصدقائي الأدباء الذين منحهم لي الأدب . وقربهم مني الانجاز والتفاهم على قلتهم، لكنهم أكثر عندي من كثير.
تكتب لمن ولماذا؟
أكتب لنفسي وللناس، للأدب والتاريخ وأكتب أولا واخير للمستقبل من أجل الحب والحق والعدالة، لا لشيء الا لاني أحب أن أفعل ذلك، أحبه أكثر من اي شيء الا الحب ذاته، لا شيء عندي أعلى وأغلى من الحب
=اعرف ان كل إصدار لك هو.مولود جديد..ما هو الإصدار الذى بمثابة الإبن الأقرب لك؟
كل جديد هو أقرب، وكل ما هو قريب من الصدور والنشر هو الأحب، وبعد ذلك يتساوى الجميع في المحبة، كلها أجنحتي التي أحلق بها في سماء الحرية والشعر والأدب، ولا أعتقد ان هناك كاتب لا يحب اعماله أو يميز بينها الا على قدر اختلاف مستوياتها، لكني أضع كل جهدي في عملي ولا أجد نفسي مقصرا في حق أي منها
=ما طقوس الكتابة لديك؟
أكتب في كل مكان وكل زمان ووقت، لا شيء محدد، ليلا او نهارًا، المهم وضوح المشروع الأدبي، اكتمال أدواته، نضوج الفكرة، والاستعداد للكتابة، ولا يمنع الميلاد بعد ذلك شيء من زمان أو مكان أو حال.
أكتب ليلا ونهارا ،صيفا وشتاء فوق الأرض وتحت الأرض، في الشارع والبيت، على المكتب أو البساط، في أضواء المدينة أو الظلام ، في السيارات العامة والخاصة ، أكتب كثيرا وأحذف كثيرا لأني لا أستسلم لاول خاطر يعبر البال. أعمل دائما على إعادة تحرير مؤلفاتي باستمرار حتى لو تمت طباعتها ،وانا مقتنع بأني سأجعلها أفضل، لأن المبدع من لا يرضى عما فعل بشكل نهائي، وقد حدث أن كتبت رواية من رواياتي عددا من المرات تجاوز عدد مسوداتها الثلاثين .
=الزمان والمكان ماذا يمثلان لك حال الكتابة؟
يذوب الزمان في الأزمنة ويصبح عجينة تتشكل من جديد داخل النص، ويمتد المكان عوالم وأكوان، ويسيل متداخلا ويتحول عوالم اخرى، ويختلق حكايات تتوالد حكايات أخرى، وأنا في ذلك كله صانع وصائغ ومبتكر.
=ماذا عن المشهد الثقافى..فلسطنيا..وعربيا؟
هذا السؤال يحتاج مقالا او كتابا مفصلا. هناك تفاوت هائل في المشهد الثقافي عربيا، مع تفاوت المواقع والقامات والانظمة، مع ذلك ما زال اقل من الطموخ وادنى من الاحتراف، البؤس في عالمي البحث والنقد وفي صناعة النشر، وفي ميدان الجوائز يلقي بظلال خطيرة على المشروع الثقافي العربي
الامر فلسطينيا ايضا ما يزال يراوح مكانه منذ زمن، هناك محاولات عظيمة لكنها قردية، هنا في فلسطين من البطولة ان تكتب ومر الاسطورة ان تنشر وتكون مبدعا محترفا بمستوى راق
أى الأجناس الإبداعية الأقرب اليك؟
الشعر ابن قلبي والرواية بنت عقلي، لا شيء أقرب منهما، لكن الترجمة يدي التي اهش بها على الكوكب، امدها لأمسك بها قرباني الى الابداع واخذ منها حظي من مباركة الأفكار
=هل ترى المشهدى النقدى مواكبا للابداع
ما زلنا لا نملك نظرية نقدية عربية ونفتقر الى حركة نقدية، قلت ذلك في مقابلات عديدة وما زال ظني بذلك لم يخب، ما زال النقد لدينا موضة نلبسها للمناسبات وما زالت الانطباعية سيدة المواقف والحلقات والمحاضرات، والمجاملة أخت المحاولة، باختصار ، نحتاج نقدا هو ابداع على الابداع، ونحتاج حركة نقدية مثقفة
لمن قرأت سابقا وانت تقرأ حاليا
ما زلت أقرأ الجهل المقدس لاولييه روا، ورباعية كارلوس زافون، واغنية الجليد والنار لحورج مارتن
من الكاتب الذى تبحث عنه وتنتظر كتاباته
أي كاتب يحترم أدبه ويقدس الثقافة ويعتبرها مثل صناعة المجوهرات، هامة وثمينة وخطيرة
=كيف ترى حلمك القادم..ابداعيا
أرجو ان ننجو أولا من هذا الخراب العربي لكي نرى، ما زالت الثقافة خيمتنا الأخيرة والابداع أخر مفاتيح الجنة التي اما ان تضيع منا الى الابد فتصيع هويتنا وتاريخنا ومستقبلنا او ان نكون بقدر الحرية التي نرجوا