رنا حداد تكتب : بنشرنا وصار اللي صار
انطلق الباص من المجمع باتجاه الجامعة.
طبعا، اهم ميزات باص الجامعة آنذاك، اكتظاظه بالصبايا، ولا عزاء للشباب!
اهم أداة كانت في الباص بوجود المرأة، هي المرآة، كانت واسعة ولها قدرة على لم شمل كل الركاب في حدقتي عيني السائق.
ثم كان المسجل، ولا عزاء لك بالطبع باختيار الأغاني، فهي مهمة السائق «ابو عيون جريئة»، وحده فقط، حتى لو تململنا واستملنا «كونترول» الباص لتغيير النهج الذي يتبعه السائق في اختيار اغاني الطريق، يبقى هو صاحب «الريموت كونترول» و»دي جي» الطريق والرحلة.
في الطريق، السائق، «سايق فيها»، وكان بين الحين والآخر، يرمقنا بنظرات النصر والاحتفال بسيطرته على الطريق وعلى مزاجنا العام، من جهة، وتخاله «محملنا جميلة» انه محملنا ومتحملنا من جهة آخرى!
«سايق فيها»، لدرجة انه لم يسمع أننا كلنا، أو بعض منا قد نبهه إلى وجود «بنشر» أو ربما تنفيس في دولاب «عجل» الباص.
حاولنا مرارا وتكرارا معه، إلا أنه كان مشغولا بمطاردة باصات منافسة على الخط، والتلصص على همسات الفتيات، ناهيك عن تركيزه على لمعة «صلعته» التي كان يتفقد شعراتها التي بقيت وحيدة مثل اصواتنا التي كانت تحاول أن تخبره أن الباص لربما بنشر، وهو «سايق فيها»!
لحظات، وكنا نحن المنشغلين بسلامة الطريق والوصول، قد ادركنا ان «الجنط» لامس الأرض، وهو لم يدرك!
كنا ننتظر فقدانه السيطرة، فالعجل لا بد انه انفجر، وهو يتمتم: «وعمري ما اشكي من حبك.. مهما غرامك لوعني..».
ارتفع الصوت.. صوت التحذير بأن (يا شوفير انتبه فنحن على وشك الدخول بأقرب حيط)، وهو «سايق فيها»!
لم أستطع أن أصمت أكثر، وقفت، توجهت إليه بكل ما أوتيت من غضب وصوت، وقلت: «يخرب بيتك.. خربت الزفت اللي مزفت الشارع».
تصر الحكومات على أنها وحدها تفهم «سياسة» الطريق، تماما مثل صديقنا السائق، الذي سيس السياسة، حتى أصبح التسايس «للرُّكب»! فصعدت لمرتفع، وهبطت لمنخفض، ونحن نصيح: «بنشر»!