رنا حداد تكتب: «أصحاب ولا أعز»!! الصندوق الأسود يجيب !
كأنها درجت العادة على استنساخ افلام اجنبية واخذ نسخ طبق الأصل لجعلها عربية، باللفظ وتقديمها بذات المحتوى للناس.
آخرها، وعن فيلم إيطالي اسمه «غرباء»، تطل علينا شبكة نتفليكس بثلة من فنانين عرب وعنوان العمل «أصحاب ولا أعز».
تدور أحداث الفيلم بين سبعة أصدقاء منهم ستة متزوجون وواحد اعزب..
تبدأ الحكاية باجتماع على مائدة طعام العشاء في بيت احد الأصدقاء وتصادف يوم الدعوة مع ظاهرة خسوف القمر !
بعد اللقاء والمعانقة والقبلات التي تدل على «صحبة» وصداقة متأصلة وضاربة في الجذور، يجلسون إلى مائدة الطعام، وهنا تقترح احداهن لعبة فيما يتناول الأصدقاء العشاء بمنتهى السرور.
اللعبة، تقوم على وضع هواتف الحضور جميعا على طاولة الطعام، واي تواصل مع احد خارج الطاولة سيكون علنيا «قدام الله وخلقه»، وعلى السماعة العالية.. فلا أسرار بين الأزواج والاصدقاء.. او هكذا يفترض.
وهنا يبدأ ما لم يكن في الحسبان، علنا، طبعا..
«كله بمثل على كله»
فالزوج خائن والزوجة خائنة والصديق يخفي الكثير من الأسرار، ويترك فتات تفاصيل من حياته للاصدقاء.
من السياق تفهم ان علاقة الصداقة، والزيجات ايضا ليست حديثة، رغم السنين وطولها والعشرة، ترى الاسرار مدفونة، فيما الأقنعة تتسيد حياتهم، وتراهم يعيشون ادوارهم، بشكل طبيعي.. أزواج واصدقاء وأهل.
إلى هنا اتفق تماما مع حبكة الفيلم وصياغته، فالمخرج وبحشد اسماء فنية ذات ثقل يجعلك تنتظر ان يعرض ويتعرض لعمل فني ضخم.
استبعد من حديثي كلمة ضخم، لكن أؤيد ان الفيلم يعرض مواضيع شائكة ويحاول ولو من خلال لعبة متخيلة ان يفتح الصندوق الأسود للمجتمع، ينجح الفيلم مبدئيا ومن خلال اللعبة بأن يعري الجانب المظلم في حياة كل إنسان فينا بمختلف ميوله وتفكيره، حتى لو انكرنا، فلابد من صندوق أسود يكشف ذات لحظة إننا كمجتمع «عايشين نمثل على بعض، ومش مع بعض «.
لا أقلق ابدا عن أثر هذه الأفلام وما تصوره من حالة متدهورة للمجتمعات، فقد فتحنا أعيننا على مشاهد البلطجة والعنف والخيانة ووو.. ولم تطل سمعة دول أو افراد، لكننا تعودنا في الدراما والحياة، ايضا على ان مزاجنا واحكامنا، في العلن تختلف عما تكنه النفوس، أو صناديقنا السوداء.
انت لست بالضرورة خبيرا لكي تعرف نهج وسياسة الشبكة مع الأعمال الدرامية، سيما حشر مشاهد إباحية والفاظ نابية، صراحة لا تخدم هدف فني، ولكن تبدو كنوع من التطبيع مع ممارسات مرفوضة مجتمعيا.
عودة على الفيلم، هناك من يرتدي قناع الطيبة ويدعي المثالية، وربما يكون الأكثر ظلما وظلاما فللقمر عدة حالات ووجوه.
ثم هل نحن حقا مؤهلون لمعرفة وتقبل حقائق بعضنا البعض، هذا ايضا ما يرسخ في ذهني أن الفيلم غريب عن مجتمعاتنا العربية.
أتفهم فكرة الألفاظ النابية وتناول المشروبات الروحية؛ حتى يعجب الفيلم أصحاب المنصة، لكنني اصمم ولو في ابشع حالتنا ان نكون نحن، انا وانت وانتن وانتم كهؤلاء «الثلة» وكأنه «ستايل حياتنا»،واميل إلى الاعتقاد أكثر وكلي امل، أن فينا من منى زكي رغم اخطائها الكثيرة في الفيلم ان تبقى «المصرية» الجدعة بنت البلد التي تذهب للاصدقاء «بحلة» ملوخية بالارانب بعد أن ارسلت أطفالها للنوم.
لا أدري ما الذي تمهد له الدراما، كما السياسة، لحياتنا المقبلة، كما لا اتمنى ان تكون الطريق أمامنا مثل نهاية الفيلم، حيث نكتشف أنهم لم يلعبوا اللعبة اصلا، ولم يعرفوا شيئا عن بعضهم البعض، اي مازالت الاسرار داخل الصندوق الأسود.. ربما تظهر في الخسوف المقبل. ــ