رنا حداد تكتب : لسنا «ماريَّنا»
في السبعينيات، قامت فتاة تدعى ماريَّنا ابراموفيك، بحركة فريدة من نوعها لتتعرف أكثر من خلالها على تصرفات البشر، إذا منحت لهم حرية القرار والتصرف «بك» وبوجودك بدون شرط أو تدخل منك.
قررت صديقتنا أن تقف لمدة 6 ساعات متواصلة دون حراك، أمام جمهور المارة في مكان ما، بل واتاحت لهم فرصة أن يفعلوا بها ما أرادوا، ووضعت بجانبها طاولة عليها العديد من الأدوات منها سكين، ومسدس، وأزهار ذات شوك.. وهكذا..
يقول رواة الحادثة، إن رد فعل الجماهير بداية كانت سلمية فاكتفوا بالوقوف أمامها ومشاهدتها ومن ثم المغادرة.
ولكن، البعض، وبعد أن تأكدوا انها لن تقوم بأي رد فعل، او تصرف على اي فعل منهم تجاهها، أصبحوا أكثر تماديا، بل عدوانية ايضا،
فراح أحدهم يخرب تسريحة شعرها، واخر يمزق ملابسها، وواحد يوخزها بشوك الورد، بل أن أحدهم، وبحسب الرواية، قام بوضع المسدس بالقرب من رأسها حتى تدخل احدهم وأخذ المسدس منه.
مارينا، تعرضت للنكز، والتحرش، وهكذا إلى أن انتهت الساعات الست، وغادرت مكانها من دون أي رد فعل على ما تعرضت له طوال فترة وقوفها «بلا حراك» أمام الناس، بل أن المفارقة هو هروب البعض بمجرد حركتها ومغادرتها وضعية «السكون».
طبعا، النتائج، وبحسب ما قالت سيدة التجربة، خلصت إلى أن الناس بإمكانهم القيام بأفعال شنيعة إن اتحيت لهم الفرصة فقط !
وبعيدا عن مارينا وما حاولت إثباته من خلال تجربتها هذه، بأن سكوتك على إساءات الآخرين واعتداءاتهم وعدوانياتهم.. سيجعلهم يتمادون ويؤذونك أكثر فأكثر.
أراها تنطبق على حال وطن نعيش فيه، إذ نقف بحب وثبات على أرضه ومع قيادته، إلا أن ثلة من الفاسدين والمفسدين، لا يألون جهدا في طعن البلاد والعباد، مستفزين ثباتنا وحبنا، انتماءنا وولاءنا.
الى هؤلاء، انتم جبناء أمام تسامحنا، وإن اوغلتم في تعميق جروحنا.. فنحن لسنا «ماريَّنا» ولن نكون، لقد مللنا.. التجارب وأكثر من ذلك.. السكون والسكوت.