الدكتور فيصل السرحان يكتب: المواطن الرقمي
ندرك تماماً بأننا كمستخدمين للتكنولوجيا لا تتاح لنا فرص متساوية عندما يتعلق الأمر بإستخدام هذه التكنولوجيا، لاسباب فيزيائية أو مادية أو جغرافية أو ثقافية أو غيرها. ما يهمني في هذا المقال، هو تسليط الضوء على ضرورة توفير البنى اللازمة للتمكن من الوصول الى المواطنة الرقمية بشكل متاح للجميع، من خلال توفير حقوق رقمية متساوية ودعم مستمر لبرامج التمكين الالكتروني، حيث أن التصحر الالكتروني المتمثل في عدم التمكن من توفير الادوات الرقمية والمعرفة المثلى لكيفية إستخدامها، يعيق نمو المجتمع وتقدمه.
المواطنة الرقمية تتطلب إدراكاً راسخاً من قبل مستخدمو التكنولوجيا، بأن حصة كبيرة من اقتصاد السوق أصبحت تتم عبر عمليات شرائية وتبادلية إلكترونية تتصف بديهياً بالشرعية القانونية، ومع ذلك فإن هذا لا يعني عدم وجود إشكاليات ومصاعب تحدث خلالها. من هنا لا بدّ أن يكون المشتري أو البائع على دراية بهذه بالاشكاليات من حيث نوعها وتبعاتها وكيفية تجنبها. فمثلاً قد ترتبط بعض المشكلات بالعمليات المتعلقة بشراء الألعاب والملابس وإحتياجات المنزل والمركبات والطعام عبر الإنترنت، وتتعارض مع بعض القوانين الوضعية أو ألاخلاق السائدة والتي قد تطال أنشطة مثل ( الاعلان والترويج غير القانوني ونشر المحتوى الإباحي والمقامرة وغيرها). ولتلافي مثل هذا التعارض لهذا فإني أدعو الى تعليم مستخدمي التكنولوجيا الرقمية (على كيف يصبحوا مستهلكين فعالين وآمنين في حقبة الاقتصاد الرقمي الجديد).
نعلم جميعاً أنّ الجامعات والمعاهد والمدارس قد حققت تقدمًا كبيرًا في مجال إستخدام التكنولوجيا التعليمية الحديثة، إلاّ أنّه ما زال هناك الكثير من العمل الذي يتعين عليها القيام به، وأهمه التركيز بشكل مكثّف وحثيث على إستخدام التقنيات الجديدة كمساحات المشاركة عبر الانترنت ومراعاة الخصوصية واستخدامات مواقع الويكي مثلاً، بالإضافة إلى المعرفة الكافية بمعالجات المعلومات المتطورة كالمعرفة المعلوماتية الفورية (تعليم المتعلمين تعلم أي شيء في أي وقت وفي أي مكان وفق الآداب والقوانين الرقمية التي تحكم السلوك وتضبطه). تجدر الاشارة الى أنّ القانون الرقمي يتعامل مع أخلاقيات التكنولوجيا، ويظهر الاستخدام غير الأخلاقي للتكنولوجيا على شكل سرقة أدبية أو جريمة، وهنا يحتاج المستخدمون إلى فهم أن سرقة أعمال الآخرين أو هويتهم أو ممتلكاتهم عبر الإنترنت أو إلحاق الضرر بها يعد جريمة تخضع لاحكام القانون. في المقابل يعتبر إختراق معلومات الآخرين أو تنزيل مقطوعات موسيقىة غير قانونية أو سرقة حقوق ملكية أو إنشاء فيروسات مدمرة أو إنشاء أحصنة طروادة، أو إرسال رسائل غير مرغوب فيها أو سرقة هوية أي شخص أو ممتلكاته يعدّ أمرًا غير أخلاقي.
أخيراً ، هناك من يشوّه سمعتنا ويسرقنا ويعطّل أعمالنا ومصالحنا، لذلك لا يجب الوثوق في الجميع من أجل الحفاظ على سلامتنا، فكما نضع على أبوابنا أقفالاً ونحيط منازلنا بكاميرات مراقبة ونبني أسواراً عالية لحماية أنفسنا، يجب أن نطبّق نفس الشيء بالنسبة للأمننا الرقمي، لذا يجب أن نتعلم كيف نحمي أنفسنا من الفيروسات، وكيف نحتفظ بنسخ احتياطية لبياناتنا، وكيف نتحكم في أجهزتنا.