أ.د. محمد الفرجات يكتب: عاجل وقبل وقوع المجاعة وإنفجار قنبلة البطالة
إستشرف الملك قبل أعوام حاجة المملكة الملحة لتحقيق دولة الإنتاج والإكتفاء الذاتي، ومهد شعبه سياسيا لذلك بأوراقه النقاشية، وكان قبل ذلك بسنوات قد أطلق رؤية الإقتصاد التعاوني “صندوق الإستثمار الوطني السيادي”.
خلال ذلك أوعز جلالته برؤية تطوير وادي عربة لتصبح حاضنة عملاقة لصناعاتنا وزراعتنا وطاقتنا النظيفة، لضمان أمننا الغذائي وأمن الطاقة، بجانب تحقيق عشرات آلاف فرص العمل للأردنيين والتي ستنتج عبر هذه العملية النهضوية التنموية الكبيرة.
لم يكن سيد البلاد ليمانع بتطوير عاصمة جديدة لتخفيف الضغط عن عمان، والتي أصبحت تعاني الإكتظاظ وأزمات المرور والكثافة السكانية العالية، وما ينتج عن ذلك من ضغط على الخدمات والبنى الفوقية والتحتية والشبكات، إضافة لحدوث تلوث الهواء والمياه والتلوث البصري.
في ضوء جنون الأسعار عالميا والقادم المجهول مع تطور الوباء والحروب والتغير المناخي، فلقد بات واضحا بأن الأردنيين يستحقون مشروعا كبيرا لضمان غذائهم وقمحهم.
تقول الرؤية اليوم بأنه يمكن للقطاع الخاص بناء شراكات مع الحكومة وصندوق إستثماري شعبي وطني، والسير معا بإتجاه الإستثمار بتعزيز وتطوير وتنمية صناعات ومنتجات وطنية أردنية، على أن تتوجه الجامعات للبحث العلمي التطبيقي لتطوير صناعاتنا وزراعتنا ومشاريعنا كافة بالبحث والإبتكار.
القطاع الخاص سيعلم قريبا بأن الأسواق العالمية لن يقبل على منتجاتها شعبنا لأسباب كثيرة، وأن الإستثمار بالصناعات الوطنية مطلوب.
صندوقنا الإستثماري الوطني الشعبي سيستثمر ببناء العاصمة الجديدة وتطوير وادي عربة بكافة مشاريعها، وجعل جزء كبير من الثمانية مليارات دينار التي تنفق سنويا على الإستيراد تنفق محليا، والأمر كله سيحقق وفرا ماليا كافيا للإستثمار من ذات الصندوق بمشاريع وردت على خارطة المحافظات الإستثمارية، لتعم التنمية كافة أرجاء الوطن.
الصحراء الشرقية صالحة لزراعة الكثير من المنتجات ومياهها الجوفية ذات نوعية صالحة لعدة محاصيل، بينما وادي عربة مع تحلية مياه العقبة بالطاقة الشمسية يمكن أن تعزز أمننا الغذائي وما يزيد للتصدير.
قد نتحول إلى دولة منتجة تكتفي ذاتيا وتصنع غذاءها، وتصل مرحلة التصدير لعمق إفريقيا وأوروبا والخليج وشرق آسيا، ونصبح دولة قادرة على تشغيل أبنائها وتحقيق سبل الأمن القومي والسياسي والإجتماعي عند تحقيق أمن المياه والطاقة والأمن الغذائي، والأهم إنقاذ شبابنا من خطر البطالة التي باتت تهدد أمننا الوطني والقومي على حد سواء.
العالم بنظامه الجديد ووبائه وحروبه وتبعات تغيره المناخي لن يرحم شعوبا تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع، فعلينا أن نبدأ اليوم قبل الغد.