تصويب إجراءات ضرورية
حمادة فراعنة
قرار وقف دخول غير المسلمين إلى الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى، خلال الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان، خطوة وصفها الوزير أيمن الصفدي على أنها في الاتجاه الصحيح، نحو احترام الوضع التاريخي القائم، وأنها ستسهم في تخفيف حدة التوتر.
خطوة صحيحة ،ولكنها غير كافية، ذلك أن هذه الخطوة حينما ينتهي وقتها بعد نهاية شهر رمضان، سيعود الوضع إلى ما كان عليه، وهو السماح للمستوطنين المستعمرين الأجانب، بدخول الحرم واقتحاماتهم اليومية للمس بحرمة المسجد الأقصى.
يجب عودة الوضع إلى أصله وهو:
أولاً أن الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى، مسجد للمسلمين، وللمسلمين فقط، لا يجوز لأي طرف المساس بحرمته أو ادعاء الشراكة به، وكما يتم احترام الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، والخلوة للدروز، يجب احترام المسجد الأقصى باعتباره مسجداً للمسلمين فقط.
ثانياً يقع المسجد الأقصى في موقع القدسية بعقيدة المسلمين وايمانهم كما هو المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، مثلما تقع مكانته لدى المسلمين كما هي كنائس المهد والبشارة والقيامة، لدى المسيحيين.
اضطرت حكومة نفتالي بينيت، رغم أنها من أكثر حكومات المستعمرة تطرفاً سياسياً ودينياً، إلى وقف السماح للمستوطنين المستعمرين الأجانب لدخول الحرم القدسي طوال الايام العشرة المتبقية من رمضان، لعدة اسباب :
أولاً بسبب صلابة وصمود الفلسطينيين واستعدادهم للتضحية وعدم رضوخهم لإجراءات سلطة الاحتلال، ففرضوا مطالبهم وافشلوا برنامج المستعمرة هذا العام نحو القدس والاقصى، مثلما سبق لهم وافشلوا برنامج المستعمرة العام الماضي، وتم إلغاء مسيرة الاعلام الإسرائيلية العام الماضي تحت تأثير صمود الفلسطينيين وثباتهم.
ثانياً التحرك العربي الذي قاده الأردن، من أجل ممارسة الضغط على حكومة المستعمرة لوقف الاحتفالات والاقتحامات والنيل من قدسية المسجد الأقصى، وقد برز تأثير الموقف الأردني رسمياً وشعبياً من خلال الاحتجاجات الرسمية لكل من البحرين والإمارات والمغرب على السلوك الإسرائيلي نحو المسجد الأقصى.
ثالثاً التدخل الأميركي وممارسة الضغط على حكومة المستعمرة لوقف إجراءاتها التعسفية الاستفزازية، والهدف الأميركي جعل الاهتمام الدولي متجهاً فقط على ما يجري في أوكرانيا لابراز شيطنة روسيا، وتبرير الدعم الأميركي الأوروبي إلى اوكرانيا.
لقد أبدى الاميركيون اهتماماً بما يجري في فلسطين، وخاصة في القدس، من خلال إيفاد وفدهم الذي ضم مساعدة وزير الخارجية يائير ليمبيرت، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية هادي عمرو، وتم ذلك بعد اتصال وزير الخارجية أنطوني بلينكن مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزير خارجية المستعمرة يائير لبيد، بهدف تهدئة الأوضاع المتفجرة، و»ضبط النفس» والامتناع عن أي تحرك أو تصريح من شأنه تأجيج التصعيد.
وقف دخول غير المسلمين إلى ساحة الحرم القدسي الشريف، عودة الأصل إلى أصله، وتصويب وضع كان شاذاً، وفر حجة للمستوطنين المستعمرين الأجانب ليتمادوا على حرمة المسجد الأقصى، ومحاولة فرض الشراكة الزمنية والمكانية على ساحاته، كما فعلوا لدى المسجد الإبراهيمي في الخليل، ولذلك جاء القرار ليعيد التأكيد على أهمية احترام المصالح والقيم والحدود الفلسطينية وخاصة في المسجد الأقصى.