م. علي أبو صعيليك يكتب: وانتصرت إرادة المرابطين الفلسطينيين في ليلة القدر، فماذا عن مستقبل الأقصى؟
ليلة مشهودة أحياها قرابة ربع مليون مرابط فلسطيني من كافة المدن الفلسطينية ليلة السابع والعشرين من رمضان في المسجد الأقصى المبارك رغم كل التضييق الذي مارسته قوات الاحتلال من خلال تحديد الدخول بعمر معين للرجال إضافة للإعتداءات الصهيونية بإلقاء القنابل المسيلة للغاز على المصلين من خلال طائرات درون المسيرة.
ما كان ذلك ليتم لولا صمود المرابطين منذ بداية الشهر الفضيل ومقاومتهم لقوات الاحتلال واصرارهم على حقهم رغم تجاوزات جيش الاحتلال واستفزازات المستوطنين وخصوصاً جماعة الهيكل ومحاولتهم تدنيس المسجد الاقصى بإبتكار موضوع ذبح القرابين في باحات المسجد الاقصى، واضافة لذلك إعلان المقاومة الفلسطينية عن نصرتهم للمرابطين والأقصى إذا ما نفَّذَ المستوطنون مشروعهم.
وتجنبت المنطقة حرباً جديدة كتلك التي حدثت في العام الماضي “معركة سيف القدس” بحيث جاء الدور المصري مع المقاومة في غزة والتي فرضت فيها شروطها بمنع المستوطنين من تدنيس المسجد الاقصى وصولاً لممارسة أهل الأرض أصحاب الحق الفلسطينيين حقهم في إقامة ليلة القدر في المسجد الأقصى وهو ما تم بحمدالله، ولكن ماذا عن مستقبل الأقصى في ضل مخططات الصهاينة في تقسيمة مكانياً وزمانياً.
من الواضح للعيان أن هناك جهوداً دبلوماسية في المنطقة تحديداً من الأردن ومصر بالإضافة للخوف الذي يسيطر على حكومة بينيت من السقوط خصوصاً مع الضربات التي تلقتها في وسط تل ابيب وباقي المدن المحتلة منذ بداية الشهر الفضيل قد ساعدت بتجنب الحرب هذه المره، ولكن مع استمرار مخططات قيادة الكيان الصهيوني خصوصاً تقسيم الأقصى مكانياً وزمانياً وتسلط جنودهم على المصلين العزل وكذلك ما يقوم به المستوطنيين من استفزازات بحماية جنود الإحتلال فإن ذلك سيؤدي لامحالة لإنفجار الوضع من جديد في أي لحظة.
ان حماية المسجد الأقصى من مخططات اليهود ليس واجباً فقط على المرابطين في القدس أو المقاومة الفلسطينية وإنما هو واجب لا يسقط على جميع المسلمين وهناك العديد من النصوص التي جاء بها القرأن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تؤكد على ذلك.
الموقع الرسمي لدائرة الإفتاء في الاردن يحتوي على عدة فتاوي شرعية عن واجب المسلمين تجاه المسجد الأقصى بالدفاع عنه ونصرة أهله منها على سبيل المثال لا الحصر الفتاوى أرقام (3361) و(3366) الصادرات بتواريخ في شهر شباط عام 2018 وفيهما أن من الواجب على المسلمين جميعاً الدفاع عن المسجد الأقصى ونصرة أهله ومنع الإعتداء عليه لأن الاعتداء على الاقصى اعتداء على كل المسلمين؛ والنصرة تكون بالدفاع عنهم والدعاء لهم وتقديم الدعم المالي لهم بما نستطيع، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا).
بينما في موقع الإمام ابن باز يصف القضية الفلسطينية (بأنها قضية إسلامية أولاً وأخيرًا وانقاذها يتم بالتكاتف بين المسلمين وجهاد اليهود جهاداً إسلامياً، حتى تعود الأرض إلى أهلها، وحتى يعود شذاذ اليهود إلى بلادهم التي جاءوا منها، ويبقى اليهود الأصليون في بلادهم، تحت حكم الإسلام لا حكم الشيوعية ولا العلمانية، وبذلك ينتصر الحق ويخذل الباطل، ويعود أهل الأرض إلى أرضهم على حكم الإسلام، لا على حكم غيره).
طالما أن كبار علماء المسلمين ودوائر الافتاء الحكومية الرسمية قد أفتت بوجوب نصرة أهل فلسطين سواء بالمال أو الجهاد الإسلامي فماذا تنتظر الأمة الإسلامية؟ وماذا يمنعها من الجهاد؟ هل هو عدم توفر الإرادة؟ أم القوة والسلاح؟ أم التبعية للعالم الغربي؟ أما ماذا؟
من المؤكد أن هناك ضغوطاً كبيرةً تمارسها الدول الغربية الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا على القرارات السياسية في العالم العربي خصوصاً مع اعتمادها الكبير على المساعدات والقروض وذلك ما صرح به الدكتور عمر الرزاز أبان رئاسته للوزراة في الأردن في شهر أيلول عام 2020 متحدثاً عن مرحلة الكورونا (أن هذه المرحلة رغم صعوبتها على العالم بأسره الا انها فرصة الأردن للفطام الإقتصادي ليتخلص من الاعتماد على المساعدات والمنح ويحصل على استقلاله الإقتصادي ليكون عمادا للوصول الى استقلال القرار السياسي) وهذا ما قد يجعل من الصعوبة بمكان إتخاذ قرارات رسمية داعمة للمقاومة الفلسطينية.
ولكن في نفس الوقت من الممكن على الأقل وبعيداً عن الرأي الرسمي أن يتم تسهيل بعض الأمور وخصوصاً الدعم الشعبي وغض النظر عنه لأن في قوة المقاومة الفلسطينية قوةً للأمة الإسلامية جمعاء بدلاً من أن ينطبق علينا يوماً ما قصة “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”