حمادة فراعنة يكتب: زيارة واشنطن .
نجح الأردن في استثمار اللحظة السياسية الراهنة، وتوظيفها لخدمة مصالحه الوطنية، وجعل القضية الفلسطينية أولوية ما أمكن ذلك، لدى صانعي القرار، في المشهد السياسي الدولي.
رفض الأردن المشاركة في ما يسمى «قمة النقب» يوم 28/3/2022 لغياب الطرف الفلسطيني، وفي نفس اليوم لبى رأس الدولة دعوة الرئيس الفلسطيني، ووصل إلى رام الله ومعه ولي العهد ورئيس الوزراء ووزير الخارجية.
أجرى مكالمة تلفونية طويلة مع الرئيس الأميركي يوم 25 نيسان 2022، واستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ثاني يوم قبل مغادرته إلى واشنطن، مقدماً له ما تم في المحادثة الأردنية الأميركية، واستمع إلى مطالب الفلسطينيين ليحملها معه وفياً إلى قمة اللقاء مع بايدن في واشنطن.
وسبق أن استقبل قادة المستعمرة وصناع قرارها: 1- رئيس المستعمرة، 2- رئيس الحكومة، 3- وزير الدفاع، 4- وزير الخارجية، 5- مدير المخابرات، فارضة الأجندة الأردنية، في اللقاء الانفرادي مع كل منهم.
لا يتحرك الأردن، بدون أوراق، بل يمتلك فهماً وقدرة على المستوى السياسي، وقوة مؤثرة على الأرض تتمثل بما يلي:
أولاً صمود الفلسطينيين وبسالتهم وتضحياتهم في مواجهة سياسات المستعمرة وبرامجها في مسيرة الرايات للعام الماضي 2021، وهذا العام، وهو السلاح الأقوى المجرب الذي يعتمده الأردن ويمسك به عبر مجلس أوقاف القدس، والسلطة الفلسطينية، وفلسطينيي مناطق 48 مع نوابهم وأحزابهم.
ثانياً رغبة الولايات المتحدة إعطاء الأولوية للصراع الروسي الأميركي، وانعكاساته الدولية الهامة، ونتائجه الاستراتيجية سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وإظهار الاهتمام بشيطنة روسيا، ومقاومة أوكرانيا، وتهميش أي حدث سياسي آخر، ولهذا عملت ونجحت في الضغط على الأطراف لوقف إطلاق النار في اليمن، كما نجحت لأول مرة في الضغط على حكومة المستعمرة لوقف تطاول المستوطنين المستعمرين الأجانب على حرمة المسجد الأقصى ووقف اجتياحهم لمدة عشرة أيام، وهي بصدد التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، وتخفيف حدة التوتر بينها وبين الأطراف المختلفة وخاصة بلدان الخليج العربي.
يحمل رأس الدولة، إلى واشنطن، فكرة وقناعة توسيع واستمرار وقف تطاول المتطرفين المستعمرين الإسرائيليين على حرمة المسجد الأقصى، فالمسجد مسجد للمسلمين فقط، يجب أن يحظى بالاحترام والحرمة كمسجد للمسلمين، وللمسلمين فقط، كما هي الكنيسة للمسيحيين، والكنيس لليهود، لا يجوز المساس بهم والتطاول على حرمتهم، كما أن للمسجد الأقصى قدسيته للمسلمين كما هو المسجد الحرام في مكة، والمسجد النبوي في المدينة، بل له الأولوية لدى المسلمين أنه القبلة الأولى، ومسرى سيدنا محمد ومعراجه، بما يحمل ذلك من قدسية وقناعة وعقيدة، وما عشرات الآلاف الذين يفدون للحرم القدسي الشريف، سوى تعبير عن هذه المكانة الرفيعة المقدسة.
زيارة أردنية عنوانها فلسطين واحداث المنطقة، ولذلك ليست طارئة، ولكنها فرضت حضورها أميركياً، لأسباب ودوافع سياسية وأمنية، وقناعة والتزام أردني وطنياً وقومياً ودينياً وإنسانياً نحو فلسطين، في مواجهة سياسات المستعمرة وأدواتها ومشروعها التوسعي العنصري المدان على كل المستويات، ومن قبل حتى الأطراف المحايدة.