محمد الطراونة كان يتخيل ابنه في سريره ورائحة الجونسون على شعره
كتب محمد ساهر الطراونة قريب المرحوم محمد الطراونة الذي توفي أثر حادث مروع ولحقنذت به زوجته غرام بالأمس وعن طفلهما عمر الذي بات وحيدا يتيم الوالدين حيث قال:
دبلوماسية الموت بين محمد وغرام…
القصة وبكل اختصار “محمد يونس الطراونة” درس العلوم السياسية، في جامعة مؤتة، اعتزلها ليتوجه للتدريس بمدارس الثقافة العسكرية، لكنه عاد للسياسة من أوسع أبوابها ليكون دبلوماسياً في الموت مع زوجته..!
محمد درس بالجامعة مساق “فن التفاوض” جيداً، وعرف كيف يطبق نصوص المادة مع شريكته غرام التي أنجبت عمار ولم تستيقظ من غيبوبتها… فأي موت هذا يا محمد الذي كنت تتفاوض و “تتعازم” عليه أنت وغرام!
100 يوم وقلب محمد مُعلق مع غرام بالعناية الحثيثة، حتى أصبح فيها خبيراً بترجمة “تمتمات” الأطباء، وبات يعرف كيف يقرأ عيون الممرضات اللواتي ينظرن له بأنه “زوج غرام” التي أنجبت “عمار” لكنها لم تحتضنه …
عمار الذي سيكبر بحضن جدته “ناجية” وسيكون عصا “يونس” التي سيتعكز عليها كلما دق قلبه شوقاً لفقيده محمد…
عمار الذي سيحتار من سيحضر لاجتماع أولياء الأمور في المدرسة عندما يكبر، عمار الذي ستعطيه المعلمة وردة عيد الأم هدية مرغماً عليها ويحتار لمن يقدمها أيضا عندما يكبر..
جسد محمد النحيل كان كبيراً بالمشاعر، كان يترك باب المنزل موارباً لعل غرام تعود وتعود معها الحياة لمنزل غابت عنه الحياة 100 يوم..
كان محمد مثله مثل أي أب يعشق التفاصيل، كان منشغلاً بموقع سرير عمار الجديد ومنشفته الزرقاء، كان يحلم بمسك يد عمار متأنقا ورائحة “بيبي جونسون” عالقة في رأسه صباح كل جمعة متوجهاً إلى الصلاة، لكن طريق محي كانت أسرع من حُلمه وأخذته من عمار وغرام رغما عنهما..
ولأن غرام تعرف جيداً كيف ترد الود، والتي قابلته دوماً الإحسان بالإحسان، والمعروف بالمعروف، لحقته بأيام معدودة، وتركت عمار وحيداً أسيراً لقصص سيرويها له كل من كان معنا، وسيبقى يردد في علنه وسره.. ربي اغفر لهما وسامحهما كما تركاني صغيرا