م.علي أبو صعيليك يكتب : العمليات الاستشهادية هي حق شرعي للفلسطينيين حتى تحرير فلسطين
لم تفهم قيادات الكيان الصهيوني المتعاقبة عقلية الفلسطيني وأنها تواجه جيلاً جديداً لا يخشى غطرسة جنود الاحتلال والمستوطنين، ولم تتطور حكومة الكيان وتواكب تطورات المقاومة الفلسطينية ومازالت تتبع نفس الأساليب المستهلكة التي لم تعد تسمن أو تغني من جوع، فالعمليات الاستشهادية أصبحت ثقافة فلسطينية تضرب بقوة في عمق الاحتلال وهي في تزايد حتى الوصول إلى حرب التحرير الكبرى، لأن لغة القوة فقط هي اللغة الوحيدة التي تؤثر في المحتل وأذرعه.
منذ عام 1984 وإلى غاية اليوم تقوم عصابات اليهود التي تحتل فلسطين تحت مسمى “دولة إسرائيل” بدون حسيب ولا رقيب، وبرعاية ودعم من معظم دول العالم الغربي بممارسة كافة أنواع الجرائم والعقاب الفردي والجماعي تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل، وآخرها خلال شهر رمضان من قيام عصابات المستوطنين وجنود الاحتلال باقتحام للمسجد الأقصى والاعتداء على المرابطين الفلسطينيين أصحاب الحق في المسجد الأقصى.
عندما يقوم الفلسطينيون بعمليات استشهادية كردات فعل طبيعية على اعتداءات اليهود كالتي حصلت في الأقصى مؤخراً، يتباكى اليهود وقياداتهم ويقيمون الدنيا إعلامياً لكسب التعاطف لصالحهم، هكذا هو العالم المنحاز الذي ينتصر للباطل، لكنه لم يعد يؤثر في قرارات الشعب الفلسطيني ومقاومته التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حرب التحرير كما وصفها القائد يحيى السنوار “حرب إقليمية” لن يستطيع أحد إيقافها.
واقعية حديث القائد السنوار لها ما يبررها، فبالإضافة للعقيدة الدينية بحتمية نصر الله تعالى ورفع الظلم عن المستضعفين الفلسطينيين، تطورت المقاومة عما مضى وتجهزت عسكرياً وأيضاً أصبح خطاب المقاومة الإعلامي قريباً من وجدان الشعب الفلسطيني وأحرار العالم خصوصاً مع الفشل الذريع لمخرجات ما تم تسميتها بعملية السلام والتي اتضح لاحقاً بأنها جاءت لحماية الكيان الصهيوني.
من ناحية أخرى فالعمليات الاستشهادية التي ضربت عمق الاحتلال في الفترة الاخيرة كانت معززة لقوة المقاومة، وأعطت للمقاومة عمقا داخليا في المناطق المحتلة من خلال عمليات مساندة شتّتت فكر الاحتلال وأجهزته الأمنية وخصوصاً الاستخباراتية منها التي كشفتها تلك العمليات رغم بساطتها من حيث التخطيط والأدوات إلا أنها كانت مباغتة من حيث سرعة التنفيذ قبل تسريب أي معلومة بشأنها.
إعلان المقاومة الفلسطينية أن هنالك تحضيرا لإطلاق 1111 صاروخ في أول رشقة في الحرب القادمة أصاب العديد من الأهداف العميقة في الوقت نفسه، رفع الحالة المعنوية للفلسطينيين، وكذلك أحدث ارتباكا داخلياً في عمق الكيان الصهيوني وفشله في السيطرة على نمو قوة المقاومة.
ومن ناحية أخرى أحسن القائد السنوار كثيراً في خطابه عندما تحدّث عن القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات بكلمات تنبض بروح الأخوة الصادقة ووحدة المصير بين أبناء الشعب الفلسطيني، حيث ربط الرقم 1111 بتاريخ استشهاد أبو عمار الموافق 11.11.2004 وكذلك حديثه عن القيمة الكبيرة التي تشكلها كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح وفي ذلك الحديث اختصار لكل الجلسات التي تعمل على توحيد الصف الفلسطيني.
في مرحلة الحرب الإقليمية التي بدأت تتكشف بوادر حقيقتها من خلال خطاب السنوار، لن يكون هناك مساحة لمنطقة رمادية، لابد من الوضوح في تلك المرحلة التي لن تتّسع إلا للون واحد نحنُ كلنا فيه حياتنا فداء لفلسطين، هوية واحدة نقاتل عدواً محتلاً لأرضنا، ونحنُ يقصد بها الفلسطينيون وأحرار العالم الداعمون لحقوق الفلسطينيين.
انحراف عقلية قيادات الكيان العبري هي الأساس في أي تطور قتالي متوقع في الفترة المقبلة، فقد بدأ تصاعد الأحداث مؤخراً بسبب اعتداء جنود الاحتلال على المرابطين الفلسطينيين في الأقصى وهي خطوات مدروسة ولها أهداف، ولذلك فإن العمليات الاستشهادية التي حدثت تعتبر من حيث المبدأ ردة فعل طبيعية وحق شرعي للشعب الفلسطيني لمواجهة غطرسة الاحتلال وتجاوزات جنوده ومستوطنيه.
أما تهديد الاحتلال باغتيال القيادات الفلسطينية فهو فكر إرهابي منحرف يسيطر على عقلية قيادات الكيان غير المواكبة لتطور عقلية الفلسطيني بشكل عام والمقاومة بشكل خاص، فقد استخدمت هذا الأسلوب سابقاً ولم ينجح بإنهاء المقاومة الفلسطينية بل ساهم في ظهور جيل جديد من القيادات الفلسطينية وكذلك جيل التحرير الفلسطيني الذي يضرب الاحتلال أسبوعيا تقريباً في عمقه ويعجز عن توقع العملية القادمة.
ولكن التهديد باغتيال القائد يحيى السنوار قد لا يكون محسوباً هذه المرة من الاحتلال، فالمقاومة الفلسطينية أصبحت خارج إطار التوقعات، والمنطقة على صفيح ساخن تنتظر شرارة البدء، فهل تجرؤ قيادات الكيان على هذه المغامرة غير المحسوبة والتي قد لا يستطيع إيقافها الوسطاء كما جرت العادة؟