شهيد تلو شهيد
سهير رمضان
عندما نتكلم عن بطولة وصمود الشعوب تكون فلسطين هي الحاضرة وعندما نتكلم عن الرجولة والمقاومة يكون شعب فلسطين مثال يحتذى به، شعب ولد بقواسم مشتركة تربطه علاقة حميمية مع مسميات الزمان والمكان . هذا هو شعب الجبارين يقاوم الدبابات والأسلحة المتطورة والمحرمة دوليا بصدور عارية ، بالحجر ، بالسكين ، بالدهس. تعددت أسماء المواجهة، إنتفاضة ، بطولات منفردة ، مواجهة أو مقاومة كلها بهدف الدفاع عن الارض والحق والمقدسات. لقد ولدوا احرارا من رحم نساء يختلف عن رحم نساء العالم فهي ام الاسير وام الشهيد وارملة الشهيد وأرملة الاسير وهي الشهيدة، والاسيرة التي تقبع في سجون الإحتلال، هي بطلة أم الأبطال، صانعة الرجال، مؤمنة بحبها وعدالة قضيتها، ولادات الأبطال الذين معهم مفاتيح التحرير بإذن الله.
شباب بعمر الزهو…. شهداء فلسطين، هم شهداء كل بيت، نتألم لفراقهم، ونحزن لرحيل أطل باكراً، ونبكي لوداع بلا موعد، ونفخر بمكانة سطروها لأنفسهم، وعز رسموه لمن يأتي من بعدهم، فالشهيد حبيب الله، أرواح ترفرف في الأرجاء حتى تصعد إلى بارئها خالق السموات والأرض. أبناء فلسطين شبابها ونسائها وأطفالها جميعاً مشاريع شهداء، يخرجون من بيوتهم وقد وضعوا أرواحهم على أكفهم ودعوا الأهل والأحباب، مخلفين وراءهم الدنيا بمباهجها مقبلين بحب على الشهادة في سبيل فلسطين وفداء لأرض عشقوا ترابها الذي دنسه المحتل . وكيف لعدوٍ مغتصب نازي جبان أن يتصدى لشعب الجبارين. فلسطين تنجب جيل مدرك لواقع الأحداث التي تجري على ارضه فهو تربى على نهج المقاومة مما يجعل الإحتلال في حالة إرباك حقيقي لقد إحتار عدوه فيه. إن ثقافة الاستشهاد التي سادت في المجتمع الفلسطيني باتت رعبا يدق في رأس المجتمع الإسرائيلي وقادته، الاستشهاديون هم السلاح الأقوى بيد الفلسطينيين وهم الذين سيكونون عدة النصر القادم، وما جرى ويجري قد كشف أنهم سر قوة الشعب الفلسطيني، ولذلك فإن هذا الشعب لن يتخلى عن سر قوته، وقد أدرك أن الدول العربية وجامعتها، ليس بيدها ما تفعله سوى التنديد والشجب، وأنها تفعل ذلك بحكم العادة، في عدة مناسبات رفعا للعتب، وحفظا لماء الوجه أمام شعوبها، وما نراه الان بوضوح، ان الموقف العربي الحالي لا يعول عليه على الإطلاق، في مجال دعم الفلسطينيين، أو حتى تقديم حلول واقعية، إذ أن معظم الأنظمة العربية، باتت منشغلة بهمومها الداخلية، بين حروب ضد خصومها السياسيين، وواقع اقتصادي متدهور، وكل ذلك بجانب ترسيخ واقع جديد، شهدته فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وجعل العديد من الدول العربية أقرب لإسرائيل منها إلى القضية الفلسطينية. إن التعامل الإسرائيلي الأخير مع الفلسطينيين في القدس، وفي مناطق فلسطينية متعددة، فضح المطبعين العرب الذين كانوا قد روجوا لقراراتهم أمام شعوبهم، بالقول بأن التطبيع هو لحماية الفلسطينيين، ولمنع ضم باقي أراضيهم من قبل إسرائيل، وقد طالب كثير من الفلسطينيين الدول العربية، التي انخرطت في علاقات تطبيع مع إسرائيل مؤخرا، باستغلال الحقائق التي تكشفت من التصعيد الإسرائيلي الأخير، لإعادة النظر في تطبيعها مع الجانب الإسرائيلي الذي كان بمثابة طعنة خنجر.
الجميع يعلم أن المقاومة رد فعل مناهض للوجود الإستعماري وهي حق إنساني طبيعي تكفله المواثيق والقوانين الدولية لإعادة السيادة للدولة. لقد حاولت إسرائيل في أعقاب أحداث 11 سبتمبر إلصاق تهمة الارهاب بالمقاومة الفلسطينية، مستغلة بذلك الأوضاع الدولية غير العادلة والحرب على الارهاب في شن حملة عسكرية سياسية وإعلامية على المقاومة الفلسطينية، تمكنت خلالها من إدراج عدد من فصائلها على قائمة المنظمات الارهابية، ومن تقويض البنية التحتية للسلطة الوطنية عبر تدمير مؤسساتها وأجهزتها الامنية ورغم ذلك الشعب الفلسطين يدرك رغم أنف الجميع أن ما سلب بالقوة لا يسترد إلا بالقوة فمن يده في الماء ليس كمن يده بالنار. وحتى لا تضيع فلسطين ولا تكون لقمة سهلة لإسرائيل ومن يدعمها، كان لابد من إستمرار المقاومة لانقاذ فلسطين من هذه الهمجية، فلا مجال للحكمة أو الحوار والمفاوضات مع من لا يحتكم إلى العقل. إن إستمرار العمليات الإستشهادية وحدها القادرة على إنهاء الإحتلال فالنصر لا يتآتى بسهولة، بل تقف وراءه أرواح يفتدي بها أصحابها الأرض والثبات على مبدأ الحق والدفاع عنه وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعب يستحق كل جميل. وما دماء شهداء فلسطين سوى سنة وطنية حميدة يسير عليها رجال بواسل، عاهدوا الله والوطن أن يكون الحق نهجهم والدفاع عن مقدساتهم ، لا يرهبهم قبح أفعال المحتل.
الاستشهاديون هم السلاح الأقوى بيد الفلسطينيين وهم الذين سيكونون عدة النصر القادم، وما جرى قد كشف أنهم سر قوة الشعب الفلسطيني، ولذلك فإن هذا الشعب لن يتخلى عن سر قوته. إن أبناء فلسطين جميعهم مشاريع شهداء فها هي تودع شهيدا تلو شهيد. هنيئاً لهذه الأرض رجالًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا.