م.علي أبو صعيليك يكتب : القتل والتهجير والاستيطان هو المنهج الصهيوني الثابت برغم تغير القيادات
تزايدت في هذه الأيام جرائم جنود الاحتلال الصهيونيفي فلسطين المحتلة من خلال عدة جرائم قتل مباشر بدم بارد وبدون مقاومة، نتج عنها إلى غاية الآن استشهاد الطفل عودة صدقة والأسير المحرر أيمن محيسن والشاب بلال كبها ومن قبلهم الصحفية غفران هارون، وهذه الجرائم هي نتائج تعليمات مؤكدة لجنود الاحتلال من قياداتهم العسكرية والسياسية بحيث يتم تحقيق نتائج سياسية وأمنية.
الأهداف الأمنية تتلخّص في محاولة فرض هيبة لجهاز أمني أثبت هشاشته بعد سلسلة عمليات استشهاديه خلال شهر رمضان فشل الجهاز الأمني الصهيوني في رصدها قبل حدوثها، وكذلك تهدف هذه العمليات إلى بث الرعب بشكل استباقي لتجنب حدوث عمليات استشهاديه جديدة.
هذا الجانب ليس بالجديد، فقد سبق لحكومات الاحتلال السابقة أن قامت بردود فعل مشابهة بعد عمليات استشهادية نجح في تنفيذها شبان فلسطينيونسواء بشكل فردي أو من خلال تنظيم فلسطيني، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الشهداء عماد عقل ويحيى عياش، وهذا ما يثبت فشل الجهاز الأمني الصهيوني، حيث إن استمرار العمليات الاستشهادية يؤكد أن الأهداف الأمنية لم تتحقّق سابقا ولن تحقق حاليا، فاستخدام الحلول نفسها التي فشلت في تحقيق الأهداف الأمنية سابقا لن يؤدي إلى أية نتائج حاليا.
الأهداف السياسية لجرائم القتل هي محاولة إطالة عمر حكومة هشة غير متجانسة، حتى لو كان ذلك عن طريق قتل الأبرياء وإصرار حكومة بينيت على مسيرة الأعلام العنصرية من قبيل تثبيت أقدامها في الحكم من خلال البحث عن شعبية في المجتمع اليهودي.
والمجتمع اليهودي غير المتجانس أصلا يعيش دون مبادئ وقيم، ويكفي أنه يعيش كمحتل وسارق على أرض محتلة لها أهلها وشعبها الذين يكافحون يوميا من أجل استرداد وطنهم المسلوب، فهل يمكن لسياسي عاقل أن يراهن على هذه النوعية من البشر في تحقيق أهدافه؟ طبعا لا يمكن، وأحد الشواهد هو نتنياهو الذي قدّم كلّ شيء من أجل الاستمرار في الحكم وفي نهاية المطاف تمّ لفظه وطرده خارج المسرح.
المنهج الفكري الصهيوني منذ نشأة الكيان المحتلّعلى أرض فلسطين يقوم على ثلاثة محاور مترابطة هي القتل والتهجير والاستيطان وهذا المنهج ثابت ومستمر منذ بداية مجازر العصابات الصهيونية التي تحوّلت لاحقا إلى جيش الاحتلال عندما ارتكبت مجازر بلدة الشيخ ودير ياسين والرملة واللّد وقرية أبو شوشة وقلقيلية وخان يونس وغيرها الكثير من المجازر وهدفت في حينها لتهجير أصحاب الأرض ومن ثم إقامة المستوطنات وتمليكها لقطعان المستوطنين المرتزقة.
هذا النهج مستمر وكل جريمة قتل يقوم بها جيش الاحتلال يكون هدفها العميق من هذا المنطلق بينما هدفها المعلن أمام العالم الغربي والمجتمع اليهودي أهداف أمنية وسياسية بحيث تجد لها مؤيدين ومحاميي دفاع.
وأراضي حيّ الشيخ جراح هي أحد الأهداف المرحلية حيث يطلق الاحتلال قطعان المستوطنين المرتزقة بين الحين والآخر لمضايقة أهالي الحيّ المقدسي من أجل الاستيلاء على بيوتهم عنوة كما قام كيانهم ومستعمراتهم سابقا.
هذه النوعية من البشر لا يمكن مواجهة نهجِهم الدموي بمنطق السلام والحوار، فقد حاول الرؤساء العرب كثيرا من خلال مفاوضات متعددة والنتيجة أنّ الاحتلال لم يحترم تلك الاتفاقيات.
لذلك فإن مقاومة الشعب الفلسطيني هي أحد أبرز السبل في التعامل مع الاحتلال الصهيوني ودعم هذه المقاومة معنوياً ومادياً وإعلامياً مشروع إستراتيجي مفيد للمنطقة بعكس التطبيع المجاني مع المحتل الصهيوني خصوصا مع وجود أهداف توسُّعية للاحتلال حسب المنطق اليهودي بأن الله تعالى قد وعد موسى عليه السلام بأرض الميعاد من نهر النيل إلى نهر الفرات.
إنّ منهج الصهيونية الثلاثي قد تجاوز كلّ الحدود والمواثيق والأعراف البشرية والسماوية وذلك على مرأى ومسمع العالم أجمع، بل إن ذلك يتمّبدعم من أغلب دول العالم الغربي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فهل هنالك أي حكمة في طلب الدعم لمواجهة الاحتلال من هذه القوة التي تبنت وجود الكيان المحتل؟ هل يعقل أن تتخذ أمريكا أي إجراء ضد الكيان الوظيفي الذي ترعاه؟ الجواب بالمطلق لا يمكن، ولذلك فإن المنطق السليم بألاّ نتخلّى عن المقاومة الفلسطينية لأنّ في قوتها ما يجعل لنا الأمل في استرداد الأرض المحتلة.