جزيرة صير بونعير التابعة لإمارة الشارقة الملاذ الآمن لنوادر الكائنات الحية
الشارقة، الامارات العربية المتحدة – انتصف ليل أول يونيو لتصل إحدى سلاحف “منقار الصقر” إلى جزيرة صير بونعير ضمن العديد من نوعها الذي بدأ توافده منذ ثلاثة شهور للتعشيش ليلاً في شواطئها الأكثر تميزاً وأماناً بعيداً عن الأضواء والضوضاء، ليصل عدد أعشاش السلاحف إلى أكثر من 300 عش منتشر على 27 شاطئ رملي في الجزيرة التابعة لإمارة الشارقة وتبعد عن سواحلها مسافة 110 كيلومتراً شمالاً.
وجزيرة صير بونعير التي تم إعلانها محمية طبيعية بموجب مرسوم أميري، تعد من أهم مواطن تكاثر سلاحف “منقار الصقر” المهددة بالانقراض ضمن قائمة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
في تلك الجزيرة الساحرة الممتدة على مسافة 13كم2 تشاطر طيور النورس الأسخم (أبو صنين) وطيور الخرشنة الكائنات الأخرى استعمار شواطئها، لتصنع بتربتها الحمراء آلاف الأعشاش وهي مطمئنة لاختيارها الملاذ الآمن الذي وُضعت له قوانين صارمة لحماية الكائنات الحية الموجودة فيها.
وتزخر الجزيرة بالعديد من السلاحف البحرية الخضراء النادرة والغزلان والقنافذ والزواحف، لتشكل محميتهم المتكاملة دون عبث بشري بطبيعتها، وسجلت الجزيرة اكتشاف وجود سمك المعطف الأحمر والذي لم يسبق اكتشافه في مياه الخليج من قبل.
أول سكة حديد
ارتبطت جزيرة صير بونعير بالذاكرة الشارقية لما تحفظه سجالها من الأحداث المهمة ذات القيمة التاريخية، ففيها أنشأ البريطانيون في فترة وجودهم بالمنطقة أول سكة حديد في الإمارات التي بقي منها بعض القطع الموجودة بجانب الشاطئ تحت سطح البحر.
ومن الشواهد التاريخية التي تحتفظ بها الجزيرة ” بئر ” تميزت بعذوبة مياهها التي تحكي الروايات عن قدرتها في شفاء الأمراض.
وعثر في الجزيرة على أوان فخارية يعود بعضها إلى العصر الحديدي أي إلى نحو 3500 عام مضت، في حين يعود بعضها الآخر إلى 1500 عام، مما يؤكد استمرار النشاط البحري للجزيرة خلال 35 قرناً.
ويوجد في الجزيرة مقبرة تضم رفات عدد من الغواصين ومناجم التعدين التي تمثل مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ تطور الشعوب القاطنة على ضفاف الخليج العربي.
المريخ الأحمر
الجزيرة الحمراء التي تبدو بتضاريسها وتمازج ألوان تربتها بوهجها الوردي مثل كوكب المريخ تُشير معلوماتها إلى أنها غنية بالمعادن بما فيها الكبريت وأكسيد الحديد لذلك تلونت تربتها بالأحمر، واستخدمت السكة الحديدية في الماضي لنقل المعادن إلى السفن لتصديرها إلى الخارج، وخصصت لاستخراجها مناجم بقيت موجودة حتى اليوم على شكل كهوف.
وتتميز الجزيرة بشواطئها الرملية وصفاء مياهها، ومحيطها الغني بالحياة المرجانية والسمكية التي تضم أكثر من 76 نوعًا من الأسماك و40 نوعًا من الشعاب المرجانية.
جزيرة صير بونعير التي وصفها الشعراء ب”الدمعة التي سقطت في مياه الخليج” .. تمتزج فيها معاني البحر بالطبيعة البيئية النادرة لتروي قصة علاقة أبناء الشارقة الحميمية بالبحر التي لطالما شكلت لهم مسرحاً للعمل والرزق والمغامرة في الوقت الذي كانت فيه الملجأ الآمن للسفن التي تواجه أعاصير البحر وكانت مقراً للغواصين والباحثين عن اللؤلؤ.
وتمتاز المحمية بأهميتها الدولية، إذ تم إدراجها في الاتفاقية الدولية للأراضي الرطبة (رامسار)، لما تتمتع به من صفات ومكونات غنية وزاخرة، وكذلك ضمن قائمة اليونيسكو التمهيدية لمواقع التراث العالمي، وقبولها أيضاً في مذكرة تفاهم حول حماية وإدارة السلاحف البحرية في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا.
سلحفاة “منقار الصقر” أتمت مهمتها بنجاح في وضع بيوضها بعد ان حفرت عشها دون قلق من عبث بشري لتترك ما بين 90 و110 بيضات في العش وتعود إلى البحر، وفي حين ستستغرق عملية تفقيس البيض ما بين 50 و70 يوماً.
وكان سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، نائب حاكم الشارقة، قد شهد فعاليات النسخة الثانية والعشرون من مهرجان صير بونعير السنوي الذي أقيم على مدار يومي 3, 4 يونيو الجاري ويستهدف إبراز القيمة والمكانة البيئية والسياحية والحضارية للجزيرة، وترسيخ علاقة الأجيال المتعاقبة ببيئتهم وتراثهم.