المُستشار محمد الملكاوي يكتب : أهلاً بالصقر السعودي الأمير محمد بن سلمان في الأردن وطن النشامى
اكتحلت عيون الأردن والأردنيين التي تمتد بتاريخ ألقها إلى مدينة البتراء الوردية، برؤية الصقر السعودي الشامخ، سمو الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية الشقيقة، الذي يسمو ككل السعوديين عند زيارة الأردن بلدهم الثاني (بلدالنشامى)، لأنه يحمل في عقله وقلبه ووجدانه كزعيم وقائد شبابي سعودي، قداسة الحرمين الشريفين في مكة المُكرّمة والمدينة المنوّرة، ويزهو كفارسٍ بإرث (إمارة الدرعية) التي كانت شرارة حق (إسلامية – عربية – سعودية)، رفضت ولا زالت ترفض الاستعمار والتبعية والاضطهاد، جيلاً بعد جيل، منذ عهد المؤسس الأول محمد بن سعود، ومروراً بمؤسس المملكة الحديثة الملك عبدالعزيز آل سعود، والقادة الذي توارثوا أمانة المسؤولية كابراً عن كابر، وحتى يومنا هذا، الذي يتسلّم فيه الراية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإلى جواره عضده وساعده القوي الأمين الأمير محمد بن سلمان.
وحلّ الأمير محمد بن سلمان ضيفاً عزيزاً على أخيه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحُسين في مضارب بني هاشم الأخيار والأطهار، مثلمت حلّ ضيفاً وجدانياً في بيوت كلّ الأردنيين بقبائلهم وعشائهم وعائلاتهم وأسرهم، من أقصى شمال المملكة في محافظة إربد، التي لا زالت تشهد على انتصارات معركة اليرموك الخالدة، التي خرج فيها أجداد السعوديين الأوائل من الصحابة رضوان الله عليهم من المدينة المنوّرة لينشروا دعوة الإسلام الوسطي المُعتدل إلى العالم أجمع، فحرروا أولاً أراضي الأردن وسوريا ولبنان (التي كانت تُعرف حينذاك ببلاد الشام) من ظلم وجور الإمبراطورية الرومانية.
وما من شكٍ في أن طائرة سمو الأمير محمد بن سلمان وهي في طريقها من الرياض إلى عمّان (حيث انعقد اللقاء التاريخي مع جلالة الملك عبدالله الثاني) قد عبرت الأجواء الأردنية من ناحية مدينة الكرك التي لا نزال نسمع فيها صدى صهيل الخيول وصليل سيوف أجداد السعوديين الأوائل من الصحابة رضوان الله عليهم، الذين خرجوا من المدينة المنورة، بإيمانٍ صادقٍ، ولقنّوا جيش الرومان في معركة مؤتة درساً قاسياً في كيفية إدارة الحروب بين الجيوش بحكمة وحنكةٍ، وفي الصمود وقتال الأعداء والانتصار المُبرمج.
وما من شكٍ في أن أنظار الأمير الضيف قد لمحت أيضاً عندما عبرت طائرته أجواء مدينة معان (توأم مدينة تبوك السعودية) بعضاً من آثار الجنود السعوديين الأشاوس الذين حضروا للأردن لمدة عشر سنواتٍ بعد عام 1967 دفاعاً عن جنوب الأردن إثر نكسة حزيران، وليؤكدوا بأن دم الجندي السعودي جاهز للدفاع عن الأرض الأردنية الطاهرة، وعن فلسطين الجريحة، وعن المسجد الأقصى المبارك، وذلك استكمالاً للتاريخ العريق الذي نشهد عليه كل يوم في بطولات معركتي اليرموك ومؤتة الخالدتين.
ويستحضرني في حضرة زيارة الأمير محمد بن سلمان التاريخية للأردن أن أستذكر ذلك البطل السعودي المِقدام رحمه الله الذي خدم في الجيش الأردني (وهو العقيد الركن المرحوم سلامة عتيّق الشمّري)، المعروف ببطل (تلّة الرادار) المُطلّة على القدس، الذي أصر هو وجنود السرية العسكرية الأردنية التي كان يقودها، على أن لا يدحروا العدو الإسرائيلي الذي كان يهيمن على تلّة الرادار عام 1947، فاستبسل (بسعوديته وأردنية) مع جنود السرية الأردنيين، حتى استعادوها من العدو، واستمر هذا القائد البطل يزحف على بطنه وقدميه وهو مُصاب وجريح بشظية قذيفة مُعادية، حتى أطلق بيديه الكريمتين إشارة النصر للجيش الأردني، الذي كان ينتظر أن يرى إشارة النصر باستعادة تلك التلّة الاستراتيجية من العدو الإسرائيلي.
ولأني ابن قرية ملكا في شمال الأردن التي تشرفت باستضافة (36) ألف جندي من الجيش الإسلامي في معركة اليرموك، وفي مقدمته خيرة الخيرة من أجداد السعوديين الأوائل من الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى رأسهم القائد الذي لم يُهزم أبداً، خالد بن الوليد سيف الله المسلول، فإني أعرف كأردني وملكاوي قيمة وعظمة أن يستضيف الأردن رمزاً سعودياً شامخاً وأحد أحفاد السعوديين الأوائل وهو سمو الأمير محمد بن سلمان، لأني على يقين بأن نور الحق الإسلامي الذي جاءنا للأردن عبر خيرة الخيرة هذه، سيستمر ويتواصل من على أرض السعودية الطاهرة، بقيادتها وشعبها الذين ما خذلوا الأردن يوماً، لأنهم تربوا في مدرسة الإسلام الحنيف، ونهلوا أيضاً من القيادة السعودية التي أبت أن تكون دولة مُستضعفة، أو أن تكون شعباً مُستكيناً للمُستعمرين، فانتفضت إمارة (الدرعية) بثورة في المعنى والأثر، لتحرير العقل العربي المُسلم من التبعية والذل والهوان، وتأسست بعد ذلك المملكة العربية السعودية لتكون مملكة الإسلام والسلام، ومملكة العدل والعدالة، ومملكة العِلم والعُلماء، ومملكة الأخوّة التي لا تنضب.
أهلاً وسهلاً بكَ في الأردن وطن النشامى، سمو الأمير محمد بن سلمان، أميراً وقائداً وزعيماً سعودياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً.
وأهلاً بك سمو الأمير محمد بن سلمان في الأردن، الحد الشمالي الآمن للمملكة العربية السعودية.
وأهلاً وسهلاً بكَ سمو الأمير محمد بن سلمان أخاً جليلاً، بين ربعك وعزوتك الأردنيين الذين يؤمنوا بأن الولاء للأردن وللقيادة الهاشمية هو وفاء أيضاً للسعودية وقيادتها الحكيمة.
وستبقى قبور الصحابة رضوان الله عليهم في الأردن: معاذ بن جبل، وشرحبيل بن حسنة، وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وزيد بن حارثة، وعبدالله بن رواحة وضرار بن الأزور، والحارث بن عُمير الأزدي وغيرهم، الذين خرجوا لنشر الدعوة الإسلامية من المدينة المنوّرة، مثلما هي قبور شهداء الجيش السعودي في فلسطين من أمثال: إبراهيم العسيري، وإبراهيم الجيزاني، وأحمد الزهراني، ودغش القرني، وسالم الجهني، وصالح العتيبي، وعلي القحطاني وغيرهم من الشهداء الذين ارتقوا إلى جِنان الخُلد دفاعاً عن فلسطين وعن المسجد الأقصى، هي تأكيد على أن السعودية تنجب الأبطال البواسل خدمة لقضايا الإسلام والأمة، لهذا نرى فيكم يا صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان آل سعود امتداداً كريماً لهذه النخبة الكريمة، التي أسست وعززت التضحيات السعودية على مدى التاريخ.
ولكم من الأردن الذي يزهو بسهول إربد ونسائمها العليلة، وأعالي قِمم جبال البلقاء الشمّاء، وسِحر وادي القمر، وفخامة البتراء … لكم يا سمو الأمير محمد بن سلمان تاجاً أردنياً وقلادة عز وفخار وسؤدد، لأننا نرى فيكم طوداً سعودياً عظيماً يلامس قمّة جبل أم الدامي في وادي رم، مثلما نرى فيكم الأخ للملك المُعزز عبدالله الثاني ابن الحُسين، الذي قالها مرات ومرّات: (أمن السعودية هو من أمن الأردن)، وسنبذل دماءنا رخيصة للدفاع عن السعودية وطن البواسل، كما سنبذلها دفاعاً عن الأردن وطن النشامى.
* مُستشار ومُحلل سياسي وأمني أردني / ورئيس وِحدة ثقافة السلام في الشرق الأوسط / ومدرب في مجال الإعلام والأزمات ومكافحة التطرّف وخِطاب الكراهية