محافظة: ليس هناك تدخلات أو إملاءات في عملية تطوير المناهج
نفى رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، الدكتور عزمي محافظة، أن يكون هناك أي تدخلات أو إملاءات من الخارج أو الداخل في عملية تطوير المناهج التعليمية.
وقال في محاضرة بعنوان “تطوير المناهج: الأسس والآليات”، نظمها المنتدى الثقافي في مؤسسة عبد الحميد شومان، مساء أمس، وأدارها الكاتب والباحث الدكتور إبراهيم غرايبة، إن المؤشرات دلت على أنه يوجد لدينا قصور في المناهج الدراسية مما استدعى عملية التطوير، مشيرا إلى أنه يجب تقييم النظام التعليمي تقييمًا مبنيًّا على أسس علمية للوقوف على وضع النظام التعليمي الحالي من الصورة المرغوبة قربًا أو بعدًا.
وأضاف محافظة إلى أن تطوير المناهج؛ عملية متصلة ومستمرة باستمرار الحياة وهي في الواقع عملية ليست لها نهاية، لأن نهايتها في حقيقة الأمر ما هي إلا بداية لتطوير جديد، مبينا أن دواعي تطوير المناهج هي محاولة تلافي الضعف والقصور في المناهج القائمة والارتقاء بالعملية التربوية (عدم وجود فلسفة تربوية واضحة)، كذلك الاستجابة لنتائج البحوث والدراسات العلمية ولرغبة الرأي العام، موضحا أنه يجب أن يكون لكل منهاج فلسفة تعليمية، ويجب أن ترتبط الأهداف بفلسفة التعليم في الدولة.
وأكد إن كل منهاج يهدف إلى تطوير كفايات معينة لدى المتعلمين، ويجب أن تحدد عملية تطوير المناهج الأهداف التي يسعى المنهاج إلى تحقيقها وتتمثل من خلال تطوير المناهج التعليمية بمفهومها الشامل لتستجيب للتطورات العلمية والتقنية الحديثة وتلبي الحاجات القيمية والمعرفية والنفسية والبدنية والعقلية والمعيشية للطلبة، وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات، وتهيئتهم لأداء مهامهم التربوية والتعليمية بما يحقق أهداف المناهج المطورة وتحسين البيئة التعليمية وتأهيلها وتهيئتها لإدماج التكنولوجيا لخلق بيئة محفزة للتعلم، إضافة الى تعزيز القدرات الذاتية والمهارية والإبداعية وتنمية المواهب والهوايات وتعميق المفاهيم والروابط الوطنية والاجتماعية من خلال الأنشطة اللاصفية.
ونوه إلى أن الهدف من عملية التطوير هو تنمية المهارات العقلية ومهارات حل المشكلات وعدم الاقتصار على الحفظ والتذكر، وتضمين المناهج المفاهيم المعاصرة المختلفة الملبية لاحتياجات الإنسان في الزمن المعين والبيئة المعينة والظرف المعين، ومراعاة الفروق الفردية مع تنمية مهارات التعلم الذاتي، وربط النظرية بالتطبيق من المحسوس إلى شبه المحسوس ثم المجرد، ومواكبة التطورات العلمية.
وبين أن عملية المناهج تشهد حراكا مستمرا من أجل تطويرها لتواكب التطور العلمي والتكنولوجي، حيث يرتكز هذا التطوير على عدة أسس من أهمها، عملية التخطيط ومراعاة خصائص المتعلم وحاجاته ومراجعة حاجات المجتمع إضافة الى مواكبة الاتجاهات الحديثة والمحافظة على القيم والهوية الثقافية واستشراف المستقبل والشمول والتكامل والتعاون والاستمرارية ومواكبة الثورة العلمية والتطور التكنولوجي والتجريب.
وقال إن البشرية تشهد ثورة علمية (الثورة الصناعية الرابعة) تمثلت في ثورة المعلومات والاتصالات مما يؤدي إلى فرض تحديات على واقعنا التعليمي، مشيرا إلى أنه يمكن مواجهة هذه التحديات من خلال الاستفادة الكاملة من معطيات التكنولوجيا الحديثة واستثمارها لصالح العملية التعليمية مما يتطلب تغيرات جوهرية في مستوى التخطيط والتنفيذ والقيم الخاصة بها، والتركيز على تنمية عمليات التفكير العليا من خلال المناهج الدراسية لدى المتعلمين والتي تمكنهم من التعامل المستنير مع المضامين المعرفية، وانفتاح المناهج الدراسية على المستجدات المعرفية وطلبها والبحث عنها والاستفادة منها بحيث تصبح مطلبا وهدفا لهذه المناهج، مؤكدا أنه يجب الاهتمام بالتحسين والتطوير المستمر للمناهج لمواكبة التطور العالمي ولتكون مناسبة للأجيال التي أصبحت تنكب على كل جديد ولا تهتم بجودته وصلاحيته بقدر ما تهتم بكونه جديدًا، لذا يقع على النظام التعليمي المسؤولية الكاملة في جعل المناهج مواكبة للتقدم ومستفيدة من التطور ومواجهة لكل جديد.
وأوضح الدكتور محافظة أن عملية تطوير المنهاج تعد مجهودا تعاونيا، حيث يجب أن يشترك فيها العديد من الجماعات والمؤسسات والأفراد من المدرسة والمجتمع معا، مؤكدا أن المعلم هو منفذ المنهج المطور يخطط لتقديم المحتوى والأنشطة ويبني أساليب التقويم وأدواته ويلاحظ مدى جدوى المنهاج وجدارته.
الدكتور هايل داود رئيس فريق الإشراف على تأليف كتب التربية الإسلامية، أكد في مداخلة له أن عملية التطوير وخاصة المناهج التعليمية هي عملية مهمة وضرورية ولا تتوقف عند حد معين لأن العالم يتغير وهناك مستجدات كثيرة، حيث تحتاج المناهج ان تواكب تلك المستجدات المختلفة.
وفيما يتعلق بتطوير كتب ومناهج التربية الإسلامية، أشار الدكتور داود إلى أنه تم وضع 16 محورا أساسيا لا بد أن تتناولها مناهج التربية الإسلامية من الصف الأول إلى المرحلة الثانوية، بحيث تتضمن المناهج ما يهم الطلاب ويناسبهم في كل مرحلة.
وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور تيسير النعيمي، أشار الى أهمية النهوض بممارسات التقييم من قبل المعلمين والمعلمات وفي الاختبارات الوطنية وفي امتحانات الثانوية العامة، إضافة إلى الارتقاء باستراتيجيات التدريس وادواته لتحقيق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية والتربوية، منوها إلى أن التقييم غير الفعال يعيق النظام التعليمي.
وبين النعيمي أهمية إحداث نقلة نوعية في جانب التقويم، كما تطرق إلى النظام المخطط والمنهاج المنفذ والمنهاج المتحقق، موضحا أنه يجب أن تكون نظرتنا لتطوير المناهج نظرة متكاملة وشمولية، ولا تقتصر على المنهاج المصمم فقط، مؤكدا أهمية أن لا ننظر إلى عملية تطوير المناهج على أنها عملية فنية بمجملها، حيث أنها في كل المجتمعات هي عملية سياسية اجتماعية تربوية تتفاعل مع بعضها البعض وبالتالي يجب إدارتها بحكمة.
من جهته قال وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور إبراهيم بدران، إن النظر في المناهج منفصلة عن العملية التعليمية لا يوصل الى نتيجة وتحقيق الأهداف المرجوة، مشيرا إلى أنه عند الحديث عن المعلم يجب الأخذ بعين الاعتبار الفرق من حيث تدريب المعلم على المنهاج وبين اقتناع المعلم بالمجتمع الذي نريد وبالطالب الذي نريد وبالتالي بالمنهاج الذي يوصل للطالب والمجتمع، وهذا يتطلب ورش عمل وعصف ذهني وتفاعل على مستوى مديريات التربية والتعليم والمدارس حتى يقتنع المعلم بما يقوم به من النواحي الفنية والفكرية والفلسفية.
يشار إلى أن مؤسسة عبد الحميد شومان، ذراع البنك العربي للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، هي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في العالم العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار.