كيف يمكن لقطاع الاتصال التسويقي استقاء الدروس من قصص الأدب والخيال
للوهلة الأولى قد لا يجد المتمعن أية قواسم مشتركة تجمع الاتصال التسويقي والكتابات الخيالية، بل سيبدو له أنّ ثمّة عالماً فسيحاً بينهما، باستثناء التقائهما كالتزام عام في العناية التي يوليانها لسلامة القواعد النحوية واللغة حتى تلك القابلة للتجديد منها أو التغيير. وعلى ذلك، فإن طريقة قراءة إعلان، أو كتيب دعائي، أو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى بيانًا صحفيًا عن قراءتك رواية. أليس كذلك؟
على الرغم من هذا الاختلاف الأولي، إلا أنَّ العامل الأساسي الذي يقوم عليه الاتصال التسويقي الفعّال هو ذاته الذي يحيك أيًّا من الروايات الرائعة، متمحوراً حول إجادة حكاية القصة بأسلوب متميّز والتمتع بمهارة روايتها بشكل استثنائي. ولهذا، فإنه بإمكان المسوّقين تعلّم دروس جمّة من الروائيين وكتّاب القصص الخيالية.
ولعل مجموعة المبادئ التي تعتبر ركيزة لكتابة القصص الخيالية الجيّدة والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية، من شأنها المساعدة على تحسين الأسلوب الذي تنتهجه العلامة التجارية في الاتصال والتفاعل مع المعنيين بأعمالها:
رأيَ العَين: ترجم رسالتك بإظهار مميزات منتجاتك وخدماتك بدلًا عن الحديث عنها
يقول الروائي الروسي الشهير، أنطون شيخوف: “لا تخبرني أنَّ القمر ساطع نوره، أرِني تألّق النور على زجاج مكسور”. بعبارة أخرى، لا تكتفِ بقول ما تريد لجمهورك معرفته، أو رؤيته، أو الشعور به، بل أرِهم إيّاه؛ فإذا كنتَ، تسعى على سبيل المثال لإظهار مدى تفوّق منتجاتك أو خدماتك، فلن يفي الكلام فقط عنها بالغرض. بدلًا عن ذلك، على العلامات التجارية التوصّل إلى طرق وأساليب ذكية وضمنية لتسليط الضوء على أوجه تميّز المنتجات أو الخدمات التي تقدمها.
وهنا يطرح التساؤل نفسه، ما الذي يعنيه إظهار مميزات ومدى تفوق المنتجات والخدمات بدلًا عن التوصيف الكلامي في سياق عمليّ؟ إنّ الإعلان بصيغته الصرفة والتقليدية لا يحقق المرجوّ. وهنا تبرز أهمية الممارسات الفعالة للاتصال التسويقي التي تتضمن التسويق المباشر والعلاقات العامة والاتصال المؤسسي. تتقن شركات العلاقات العامة والاتصال المؤسسي، مثل أصداء بي سي دبليو، فن حياكة قصص العلامات التجارية لتقدّم ما هو أشمل من مجرّد الكلام: أنْ تُريَ الجمهور، وذلك من خلال مجموعة واسعة من الأدوات والأساليب التي تنشئ ارتباطات ضمنية بين العلامات التجارية وصورتها التي تودّ التعبير عنها.
في حال كنتَ تريد إظهار ميزة الابتكار التي تتمتع بها علامتك التجارية، فليس عليك قول ذلك حرفيًّا، بل اتّجِه لإظهار هذه الميزة من خلال الخدمات والمنتجات المطوّرة والجديدة التي تعد خير دليل وبرهان فعلي على هذه الميزة، وكذلك عبر ترسيخ مكانة علامتك التجارية في قيادة الأفكار الرائدة في المجال الذي تعمل فيه. إذًا، عليك بتجسيد الرسالة التي تحاول إيصالها.
احرص على تماسك القصّة دون جمودها
تسير القصص الرائعة بأسلوبها السردي دائمًا إلى الأمام؛ فما أنْ تفتقر الحبكة لوجهة، يفقد القارئ اهتمامه. وكما أنَّ الاندفاع والزخم يعد من الأسس الجوهريّة في القصص الخياليَّة، فهو بذات الأهمية في تفاعل العلامة التجارية مع الجمهور. ومن هنا، يستنتج ضرورة عمل حملات العلاقات العامة والاتصال المؤسسي والحملات الإعلانية والتسويقية على إظهار عنصر التقدّم والتطوّر الذي تشهده العلامة التجارية باستمرار، سواءً عبر عملية التنفيذ الإبداعي لها، أو عبر إظهار النمو على كافة المستويات.
من جانب آخر، من الهامّ أنْ لا تبتعد كثيرًا عن حبكة القصة الرئيسة. وظِّف مبدأ “بندقية تشيخوف” الدراماتيكي الذي ينص على أنّ ذكرك البندقية في القصة يحتّم عليك إطلاقها قبل انتهاء القصة. ما المغزى من ذكرك البندقية إنْ لم يكن لها دور في القصة؟ ينطبق هذا المبدأ على تفاعلات العلامة التجارية، فإذا كنتَ ستتحدّث عن خدمة، أو إنجاز، أو حتى فعالية، يجب أن تتناسب مع إطار قصة علامتك التجارية الشمولي. كيف تعزّز هذه الخدمة، أو الإنجاز أو حتى الفعالية قصّة شركتك؟
وهنا تتجلّى أهمية الاتصال التسويقي الاستراتيجي والمتكامل إلى حد كبير والجهود المتزايدة التي تبذلها الشركات المتخصصة في هذا المجال، على غرار مجموعة ميناكوم للاتصال التسويقي-الأردن، التي تعد المجموعة الرائدة والأبرز في مجالها على مستوى المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتعزيز مركزيّة أقسام المحتوى لديها، والتي بدورها تعمل جنبًا إلى جنب مع عملائها لضمان تقديم قصص متينة ومتناسقة لعلامات العملاء التجارية عبر جميع قنوات الاتصال وممارساته المتعددة.
من وحي الخيال أو الواقع: اصنع شخصيات حيّة وحقيقية
تعدّ الشخصيات الأقوى في القصص الخيالية تلك التي نشعر بأنّها تكاد تكون حقيقية وأقرب ما تكون للواقع. لن تتسم قصتك بالواقعية إذا كانت الشخصية الرئيسة أو البطل نقيًا من العيوب والخصم يمثّل الشرّ بأبشع صوره، بل ستلبس الشخصيات بذلك عباءة الرسوم المتحرّكة. الأمر سيان فيما يتعلق بالعلامة التجارية؛ تودّ أن تكون بطل قصّتك الخاصة. هذا جائز بالطبع، ولكن عليك إظهار البعد الإنساني للعلامة التجارية، وهذا يشمل إدارة التجارب والتحديات والتقلبات والعوائق والتعامل معها بكفاءة وشفافيّة، كما أنه يتوجب عليك التحلي بالصدق والانفتاح مع المعنيين بأعمال العلامة التجارية ونشاطاتها، وألا تتغاضى عن التحديات التي تواجهها العلامة التجارية والتهرب من الاعتراف بها ومواجهتها.
ثمّة طريقة أخرى مذهلة لإبراز الجانب الإنساني لعلامتك التجارية بما في ذلك العنصر البشري، وهي تسليط الضوء على مَن يقفون خلف الكواليس. يساعد إبراز الموظفين والتعريف بهم على خلق الشعور بعلاقة شخصية أكثر بين الزبائن والعلامة التجارية. ولهذا، تركّز شركة أصداء بي سي دبليو على تدريب المتحدثين الرسميين لعملائها من الشركات، وتجاوز دور الاتصال التقليدي لدى المدراء التنفيذيين رفيعي المستوى ومساعدة الموظفين من جميع المستويات على أنْ يصبحوا سفراء أقوياء لعلامتهم التجارية.
تبنَّ الانفتاح والصراحة المباشرة
يعبّر عن هذه الفكرة الكاتب الأمريكي جورج سوندرز ببراعة، إذ يقول: “يحرّكنا العمل الفني عندما يكون صريحًا وتتجلّى صراحته في لغته وشكله ومقاومته الإخفاء”. الفن ومختلف جوانب الحياة تشترك في هذا؛ البساطة والاتصال المباشر أكثر إقناعًا، كما أنه الأكثر قدرة على جذب الجمهور لعلامتك التجارية.
بالرغم من التحول الملحوظ الذي شهدته لغة التسويق في الأعوام الأخيرة نحو الاعتماد على نبرة صوت أكثر صراحة واختصارًا، إلا أن هذا لا ينفي إمكانية استخدام لغة فنية، خلّاقة ورفيعة المستوى. كلّ ما في الأمر أن عليك الحرص على ألّا تكون لغة يصعب معها فهم المعنيين بعلامتك التجارية جوهر رسالتك، خاصة وأن الناس بشكل عام يقدرون الصراحة والبساطة، وأن العلامات التجارية الذكية وذات الرؤية المستقبلية تتكيف مع متطلبات المستهلكين المتغيرة من خلال أسلوب اتصال وتفاعل أكثر انفتاحًا، واستعدادًا، واستباقيةً.
يجب أن تلمس نشاطات العلامة التجارية المتعلقة بالاتصال مع جمهورها المستهدف حياة هذا الجمهور المعني بها، وأن تحفزه على التفاعل معها، وهذا مشابه لتأثير الأدب العظيم. ولتحقيق هذا الصدى، لا بدّ أن تستحقّ قصّتك أي قصة علامتك التجارية، وأن تروى تلك القصة بصوت شغوف، ومُقنع ومؤثِّر.