حقوق المرأة المالية في التشريعات الكنسية والمواثيق الدولية
اعد التقرير القاضي كرستين فضول خبير في المجال الكنسي وحقوق الأنسان
مقدمة:
تبنى ممارسة الحقوق المالية بالنسبة للمرأة المسيحية في الأردن والتي وردت في التشريعات الكنسية على اساس المساواة وعدم التمييز، فالحقوق الأساسية في هذا السياق هو الحق في تكوين اسرة وما يتبعه من حرية اختيار الشريك المناسب دون ضغط او اكراه ثم الحق في الأعالة والنفقة والحق في السكن وحرية العمل والرعاية الصحية وغيرها من الحقوق
ح وذلك ضمن ضوابط تشريعية تتعلق بأحكام النظام العام ومخرجات التعايش المشترك المسيحي الأسلامي والتي تصب في مجملها في بوتقة من التآلف والأنسجام الأجتماعي والقانوني.
ان وجود هذه الحزمة من الحقوق التي وردت في التشريعات الكنسية الناظمة لحقوق المرأة في الأردن ستؤدي حتماً الى الشعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي ويحقق للمرأة التقدم والازدهار ومشاركة الرجل في سياق الحياة المشتركة كزوجة او كأم او كأبنة، او حتى كطالبة او زميلة في الدراسة او العمل..الخ. ورغم ذلك الا ان هناك الكثير من الأشكاليات والفجوات والمعيقات التشريعية التي هي بحاجة الى تعديل بما ينسجم مع الواقع الأجتماعي والأقتصادي والقانوني الحالي خاصة في ظل جائحة كورونا، فكانت ولازلت الأسرة والمرأة تحديداً تعاني ظروفاً صعبة مما يؤثر سلباً في بعض الأحيان على استقرار الروابط الأسرية والبحث عن حلول بعيدة عن استدامة الحياة الزوجية التي هي أساس الزواج المسيحي.
فقد جاء في الكتاب المقدس “الذي جمعه الله لا يفرقه انسان”. متى 19
وفي هذا السياق نود ان نذكر ان التشريعات الكنسية المعمول بها حالياً هي في معظمها تشريعات قديمة لم تُحدث منذ ردح من الزمن، وتعمل بعض الكنائس في الأردن في المرحلة الحالية على تطوير وتحديث قوانينها الكنسية بما ينسجم مع التشريعات الوطنية والمعايير الدولية التي التزم بها الأردن وذلك لما فيه مصلحة الأسرة بما فيها الأبناء نتاج الزواج المقدس المعقود من قبل سلطة كنسية رسولية معتمدة لدى الدولة الأردنية الهاشمية. ونود لفت انتباه القارىء الى قلة وجود مؤشرات رقمية حول حالات انفكاك الزواج لدى معظم الطوائف المسيحية في الأردن وبكل ما يتعلق او ينتج عن انحلال رابطة الزوجية المقدس.
أ- المعايير الدولية لحقوق الأسرة في التشريعات الكنسية
بالرجوع الى المواثيق الدولية فأن الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة بحسب ما جاء بنص المادة (16/3) من الأعلان العالمي لحقوق الانسان. وفي نص مشابه جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المادة (23) منه فأن الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة وتتخذ التدابير المناسبة لكفالة تساوي حقوق الزوجين عند زواجهما وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. أما العهد الدولي الخاص بالحقوق الأقتصادية والأجتماعية والثقافية المادة (10) منه تفيد بوجوب منح الأسرة أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة لغايات نهوضها بمسؤولية تربية الأبناء الذين تعيلهم ، ويجب ان ينعقد الزواج برضا الطرفين. وجاءت نصوص التشريعات الكنسية لتؤكد تلك الحقوق فنص المادة (30) قانون العائلة الأرثوذكسي يشترط رضا العروسين المطلق والصريح لعقد سر الزواج المقدس، أما المادة (124) من نفس القانون فتفيد بان الزوجان مدينان لبعضهما البعض بالأمانة الزوجية وبالأحترام المتبادل. أما في سياق المرجعية المؤسسية لحماية الأسرة فهي المحاكم الكنسية المختلفة في الأردن كما ورد في الدستور الأردني وفي قانون مجالس الطوائف المسيحية رقم (28) لعام 2014.
يفهم من نصوص المواد المتقدمة ان الأسرة هي اساس المجتمع ولأفراد الأسرة الحق في حماية خاصة تؤمنها مؤسسات الدولة كل بحسب اختصاصه ونوع وآليات الحماية والخدمات المقدمة من قبلهم. ان قوام العلاقة بين الزوجين هو الأحترام المتبادل والعيش المشترك ولكن استثناءا على الأصل تعاني بعض الأسر وخاصة النساء من تصرفات غير مقبولة من قبل أزواجهن تهدد كيان الأسرة، وبالرجوع الى المؤشرات الرقمية لمسح السكان والصحة الأسرية للأعوام (2017-2018) والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة في الأردن قد اثبتت هذه الحقيقة، حيث أن ما نسبته (25.9%) من الزوجات تعرضن لعنف جسدي أو جنسي أو عاطفي من قبل أزواجهن، في مقابل تعرض ( 1.4% ) من الازواج للعنف الجسدي من قبل زوجاتهن. مما يؤكد نظرية العنف الأسري الذي تتعرض له النساء من قبل ازواجهن، وان هذا العنف يترك آثاراً جسدية ونفسية واجتماعية تلازمهن مدى حياتهن، اضف الى ذلك زعزعة اوضاع المرأة الأقتصادية بشكل او بآخر لدى معظم النساء بسبب العنف الزوجي. فبحسب تقرير/إصدار اعدته جمعية معهد تضامن النساء في الأردن فأن العنف الزوجي يترافق مع العنف الأقتصادي الذي تتعرض له المرأة وكنتيجة للمعاملة القاسية وهو الذي يتخذ اشكالا كثيرة مثل إستيلاء الأزواج على رواتب زوجاتهم واستغلالها بطرق مختلفة، كإرغامهن على التنازل عن حصصهن الأرثية، او التحايل عليهن بطرق مختلفة لكفالة القروض البنكية لشراء العقارات والسيارات بأسم ازواجهن، او حتى التصرف بمدخول الزوجة العاملة بالوجه الذي يراه الزوج مناسباً تحت طائلة التهديد او الترغيب وعند امتناع الزوجة تبدأ الخلافات الزوجية وقد تنتهي العلاقة الزوجية إذا ما أصرت الزوجة على موقفها، مما يضطرهن الى تسديد القروض من رواتبهن.
ب-اشكال العنف الأقتصادي الذي تعاني منه المرأة …واقع وتحديات
1-الحرمان من الميراث
راعت الدولة الأردنية حق المرأة في الميراث ونخص بالذكر هنا عملية التخارج حيث وضعت القيود للحد من هذه الممارسة غير المقبولة، ويعرف التخارج على انه التنازل الطوعي عن الأموال بمقابل أو بدون مقابل وقد يكون شاملاً لجميع الحصص الإرثية أو بعضها. فتتمثل هذه القيود بمنع تسجيل اي تخارج بين الورثة الا بعد مرور ثلاثة اشهر، الا ان واقع الحال يشير الى أستمرار تنازل الاناث لمصلحة الذكور، فبحسب المؤشرات الرقمية الوطنية فأن من بين كل خمس معاملات ارثية معاملة واحدة فقط تخارج لمصلحة الذكور.
ويطبق على المسيحيين في الأردن احكام الشريعة الأسلامية بخصوص الأرث والتخارج والوصية.
2- تدني ملكية النساء للأراضي والعقارات
فبحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام (1948) في المادة 17: ” لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا… لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.”
وبحسب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنشور في الجريدة الرسمية تنص المادة (3) منه على ان تتعهد الدول الأطراف بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق التي وردت في الأتفاقية، والتي منها حق الملكية.
وعلى الصعيد الوطني تملك النساء الأراضي والعقارات بنسب اقل بكثير من اقرانها من الرجال، فعلى سبيل المثال وبحسب المؤشرات الرقمية لدائرة الأحصاءات العامة لعام 2015، تبلغ نسبة الشقق التي تملكها الإناث 23%، مقابل 60.9% للذكور. اما بالنسبة لملكية الأراضي فتملك النساء ما نسبته 15.8%، مقابل 51.3% للذكور، في حين شكلت مساحة الأراضي التي تملكها الإناث 9.9% اما تلك التي يملكها الذكور فتقدر ب 69.7 .%
أن المؤشارت الرقمية المذكورة آنفاً تطال المرأة الأردنية عموماً بغض النظر عن تبعيتها الدينية.
3- الأعمال غير مدفوعة الأجر
تشكل الأعمال غير مدفوعة الأجر عنف اقتصادي غير منظور ضد النساء والفتيات، حيث تقوم المرأة بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال والمشاركة في اعمال اخرى مثل الزراعة والصناعات المنزلية (ذات الطابع الأسري او المنزلي). ان مساهمة المراة في هذه الأعمال يسهم الى حد بعيد في دعم اقتصاد الأسرة، الا انه يقابل بالنكران والجحود في حالات كثيرة خاصة عند انفكاك رابطة الزوجية.
4- الزواج المبكر
يشكل الزواج المبكر خرقاً واضحاً لأتفاقية حقوق الطفل ، فالأصل في الزواج هو القدرة على تحمل المسؤلية وحرية الأختيار دون ضغط او اكراه او ترغيب بأي شكل من الأشكال، لأن عكس ذلك سينقل الفتاة من مرحلة الطفولة قسراً الى عبء ومسؤولية الحياة الزوجية وحرمانها بالتالي من حقها في التعليم وتطوير الذات.
ويشترط لدى الطوائف المسيحية في الأردن لاجازة الزواج المبكر بالأضافة الى موافقة ولي الأمر الموافقة الصريحة والرسمية من الرئاسة الروحية لتلك الطائفة ولأسباب محددة ومحصورة في اضيق الحدود. علماً بأن سن الزواج في التشريعات الكنسية متدني جداً فمثلا سن الزواج لدى طائفة الروم الأرثوذكس هو (12) عام للفتيات و (14) عام للذكور، ولكنه غير مطبق على ارض الواقع فالأصل في تحديد سن الزواج لدى المواطنين المسيحيين في الأردن عموماً هو التشريعات الوطنية واتفاقية حقوق الطفل فالسن القانونية للزواج هو ثمانية عشر عاماً.
ج- الحقوق المالية للمرأة المسيحية في الأردن
نظرة عامة لأحكام انفكاك الزواج:
ان الأصل في الزواج المسيحي هو الديمومة واستمرارية الزواج بمحبة وتوافق واحترام متبادل، ولكن هناك بعض الحالات التي تستدعي انفصال الزوجين لأسباب محددة وفقاً للقانون وذلك بقرار من المحكمة الكنسية المختصة. فعلى سبيل المثال تحكم محكمة الروم الأرثوذكس بالطلاق او فسخ الزواج او حتى بالهدنة المؤقتة بين الزوجين في محاولة لتهدئة النزاع بين الزوجين ومحاولة لأنقاذ الزواج في بضع الحالات التي تستدعي ذلك. أن الأساس في تطبيق احكام القانون لدى المحاكم الكنسية في الأردن بغض النظر عن طبيعة ونوع الأنفكاك او التفريق الزوجي الدائم او المؤقت هو محاولة لتقليص هوة النزاع بين الاطراف المتنازعة بشتى الطرق فتبذل المساعي الحميدة من قبل رجال الدين او يتم تحويل اطراف النزاع من قبل المحكمة لتهدئة النزاع ومحاولة التوفيق بين الطرفين كلما امكن ذلك كما هو الحال في الكنسية الأورثوذكسية حيث تم انشاء بيت العائلة المسيحي في العام (2019) وهي جهة معتمدة ومتخصصة تابعة للمحكمة الكنسية تعمل في سياق المصالحة بين اطراف النزاع وذلك سنداً لنص المادة (18) من قانون مجالس الطوائف المسيحية لعام 2014، وفي كل الأحوال يراعى عند اتخاذ القرارات مصلحة الأسرة ككل وخاصة الأطفال ان وجدوا. ان الهدف الأساسي من منح اذن فسخ الزواج والطلاق هو تدبير تلجأ له الكنيسة لراحة نفوس المؤمنين وحمايتهم من الولوج الى هوة الخطيئة والبعد عن تعاليم السيد المسيح والكتاب المقدس.
أما المحاكم الكنسية التابعة لطائفة الكاثوليك او اللاتين او الأسقفية العربية (البروتستانت) فتحكم المحكمة بالانفصال او الهجر او التفريق (المؤقت او الدائم) بحسب نوع الدعوى وموضوعها وتعتمد بقرارها على حدة ونوع النزاع وحيثيات القضية وامكانية ايجاد حل مؤقت او دائم للنزاع القائم بين اطراف الدعوى.
فقد جاء في الكتاب المقدس :
“إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم.
ولكن من البدء لم يكن هكذا”
1-عرابين الخطبة:يهدي الخاطب لخطيبته شيئاً ثميناً كالذهب والمصاغ كعربون محبة ووعد بالزواج بالأضافة للهدايا التي يراها مناسبة.
2-الأعالة الزوجية:الأعالة او النفقة هي الواجبات المالية تجاه الاسرة ما دامت العلاقة الزوجية قائمة، وفي الحياة المسيحية فأن الأصل هو تعاون أطراف العلاقة الزوجية على النفقات في الأسرة.
وأما المرأة العاملة فليس لها أعالة او نفقة الا اذا كان مدخولها محدود جداً ولا يكفي اعالتها.
3-الأعالة الوالدية واعالة الأبناء:يتفق القانون والفقه والأعراف المسيحية في الأردن على وجوب التزام الأب بالأنفاق على ابنائه منذ ولادتهم وحتى انهاء مرحلة التعليم الجامعي، اما اذا كان الأب مستور الحال وزوجته ميسورة الحال فتلتزم الام بالأنفاق على ابنائهما، واذا كانت الام معسرة فينتقل واجب الانفاق على اِلأصول من الأب ثم الأصول من الأم بحسب مقدرتهم المالية ودرجة قرابتهم. واذا لم تحصل النفقة المحكوم بها حال حياة المحكوم عليه تبقى ذمة للمحكوم له/ها تحصل من التركة باعتبارها من الديون الممتازة.
اما الأبناء غير الشرعيين فانهم يطلبون الأعالة من الأم او الجد لأم.
ويطلب الوالدين والاجداد الأعالة من الأبناء في حالات الفقر والعوز او المرض والعجز.
4- اجرة السكن: يلتزم الزوج بتوفير سكن لائق ومنفصل للزوجة حال زواجهم، اما في حالات طلب الانفكاك /الأفتراق الزوجي أثناء النظر في الدعوى، اوفي حالات الهدنة (المؤقتة) لدى طائفة الروم الأرثوذكس، فتحكم المحكمة المختصة بتأمين سكن مناسب للزوجة والأبناء لحين صدور قرار قطعي بالدعوى. وتحكم محكمة الروم الأرثوذكس بفسخ الزواج او الطلاق او البطلان حسب الدعوى المقامة لديها، حيث تنفصم عرى الزوجية ويصبح الزوجين غريبين عن بعضهما البعض، ولا تفرض اي نفقات مالية على الزوج تجاه الزوجة ولكنه يستمر في الأنفاق على ابنائه. وفي نص قانوني مميز للمرأة في قانون العائلة الأرثوذكسي الحالي تبقى المرأة المطلقة الحاضن لحين انتهاء فترة الحضانة المرة الزوجة او الأرملة في منزل الزوجية لفترة مؤقتة ولحين أستقرارها في منزل آخر. أما في حالة الحكم بالهدنة المؤقتة يبقى احد الزوجين في منزل الزوجية، فأذا خرجت الزوجة من منزل الزوجية بسبب من زوجها فتحكم المحكمة ببدل أقامة مؤقتة لها.
أما المحاكم الكنسية الكاثوليكية (طائفة اللاتين والكاثوليك) فتقرر الأنفصال او الهجر المؤقت او الدائم بحسب الدعوى المقامة لديها. فينفصل الأزواج بمكان الأقامة ويعيشان منفصلين وينفق الزوج على زوجته المنفصلة عنه او المهجورة اذا كان هو المتسبب بالأنفصال. وتحكم المحكمة اين يجب ان يسكن الأبناء لما فيه مصلحتهم الفضلى.
5-التعويض: تحكم محكمة طائفة الروم الأرثوذكس بالطلاق او بفسخ الزواج حيث تنفك عرى رابطة الزوجية وتتعرض المرأة لأشكاليات عديدة بسبب عدم وجود نصوص قانونية ومعايير وشروط واضحة لطلب التعويض بسبب قدم التشريع الناظم للأحوال الشخصية الخاصة بهم، ولكن تطبق المحكمة عند احتساب التعويض المالي مقدار الضرر الذي تعرضت له المرأة بسبب الوصم الأجتماعي من جهة او بسبب الوضع الجديد للمرأة خاصة من نواحي اقتصادية كونها اصبحت مسؤولة تجاه نفسها واطفالها ان وجدوا وذلك بالأستناد الى احكام القانون المدني في التعويض و/او بالقياس على مواد تسمح بالتعويض في مواد مشابهة في نفس القانون .
اما عند طائفة الكاثوليك واللاتين فتحكم المحكمة بالتعويض للزوج/الزوجة غير المتسبب بالبطلان.
وتحكم المحكمة بحسب قانون الطائفة الأسقفية العربية (البروتستانت) بالتعويض في حالات البطلان للطرف المتضرر وغير المتسبب بالتفريق.
د- اشكاليات وضوابط عامة:
1-أن من اهم الأشكاليات التي يعاني منها المتداعين والمحامين والقضاة وكل من له علاقة عموماً بقضايا الأسرة المسيحية هو قدم التشريعات المسيحية، فهي تشكل عائقاً في مناحي عديدة من حياة الأنسان المسيحي والتي تعالج من خلال الرجوع الى التشريعات الوطنية السائدة والمعايير الدولية التي انضم لها الأردن.
2-هناك اشكالية تتعلق بقيمة الأعالة التي تفرض على الزوج لزوجته وابنائه، فالأساس هو الملاءة المالية للزوج ومقامه الأجتماعي، ولكن دون ضوابط او معايير واضحة. ويلاحظ تهرب الأزواج من واجب النفقة وذلك بالتحايل وعدم الأفصاح عما لهم من اموال اوعقارات وغير ذلك، بطرق مختلفة.
3-ان نصوص التشريعات الكنسية تحتم احترام المرأة سواء كانت (زوجة، او زوجة سابقة، او أرملة) فيما يتعلق ببقاءها في منزل الزوجية الذي اعتادت العيش به وذلك لفترة مؤقتة لحين تأمين او توفر مسكن لها، ولكن واقع الحال يشير الى استياء الرجل و/او الورثة من تطبيق النصوص القانونية التي تمنح هذا الحق للمرأة صراحة او ضمناً، وهو ما نص عليه قانون العائلة البيزنطي.
4- هناك اشكالية تتمثل بخوف المرأة من طلب تعويض مادي في دعوى الطلاق/فسخ الزواج المقامة من الزوج حتى لا تفهم بانها اشارة ضمنية منها بالقبول بالطلاق في الحالات التي تسعى فيها الزوجة للأبقاء على الحياة الزوجية المشتركة.
5- يلاحظ عند احتساب قيمة التعويض عدم ايلاء أعمال الرعاية والأعمال المنزلية اية اهمية تذكر، علماً ان رعاية الأبناء والزوج والأسرة عموماً هي من الأعمال التي تدعم اقتصاد الأسرة وبذات الوقت فهي تسأل عنها خلال اجراءات التقاضي لا بل وتقدم كبينات في حالات التقصير من قبلها، ولكن عند احتساب قيمة التعويض لا يشار الى هذه الأعمال بأعتبارها واجباً عليها دون اي تقدير معنوي او أنساني او اقتصادي.
6-وفي سياق التعويض فأن فترة الحياة الزوجية القائمة بين الزوجين لا تؤخد عادة بالنظر عند احتساب قيمة التعويض، فالزوجة التي أستمر زواجها لفترة طويلة تكون اكثر ضرراً من الزوجة التي عاشت فترة زواج قصيرة، حيث انها تفقد فرصتها في أستمرارية حياتها بكرامة وبالأخص على الصعيد الأقتصادي.
7-يلاحظ اخيرا الأحراج الذي تتعرض له الكثير من النساء في عملية التخارج والحرمان من الميراث مما يشكل عائقاً حقيقياً في عملية التوازن الطبيعي والعادل فيما يؤل للمرأة من حصة مورثها.
8- فيما يتعلق بالأرث تطبق احكام الشريعة الأسلامية على المسيحيين في الأردن وذلك سنداً لنص المادة (1086) من القانون المدني، ولكن وبعد تعديل الدستور في العام 2011 فبحسب نص المادة (109/2) تم منح حكما جديدا لمجالس الطوائف المسيحية في الأردن وهو حق تطبيق الاصول والاحكام الخاصة فيما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية لكل طائفة. من هنا جاء العمل على تعديل التشريعات الكنسية التي تتناول من ضمنها الأرث والوصاية والذي نتأمل من خلاله ان يتم العمل على تعديل منظومة العدالة المجتمعية/الأسرية خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة في الميراث وسد الفجوات التي تعاني منها بسبب خصوصية معتقداتها ومرجعيتها الدينية والأجتماعية.