يسرى أبوعنيز تكتب: بوعينا نحمي الأجيال حملة لمكافحة المخدرات
“بوعينا نحمي الأجيال” هذه الحملة التي أطلقتها مديرية الأمن العام في الخامس من أيلول الجاري لمواجهة آفة المخدرات والتي بدأت تفتك بمجتمعنا ،بل وبدأت بخطف شبابنا،وتأكل كما يقولون الأخضر واليابس ،كما بدأت تفتك ببعض أسرنا بعد أن لجأ إليها نفر من أفرادها لتلغي تفكيرهم،ووجدانهم،وعقولهم،
ليصبح الهم الوحيد ،والشغل الشاغل الحصول على طلبه،حتى وإن كان الثمن حياته،أوحياة عزيز عليه ما دام تحت تأثير هذه المادة السامة.
“بوعينا نحمي الأجيال”حملة جاءت في وقتها وكذلك لتدق ناقوس الخطر بعد أن أصبح شبابنا يتباهون فيما بينهم بتعاطي هذه المواد السامة،وكثير منهم يسحبهم أصدقاء السوء ،لأن الصاحب ساحب كما يقول المثل الشعبي حتى في الأمور السيئة،يتعاطون هذه المواد دون الإلتفات للضرر الذي سيلحق بهم على كافة المستويات، ومتناسين أنها قد توصلهم إلى طريق مسدود،أو إلى التهلكة بحيث يدفعون حياتهم ثمنا بتعاطي هذه السموم،أو حياة عزيز أو قريب.
نتحدث هنا عن هذا الوضع المرير ونحن الذين لا زلنا نذكر كيف أقدم شاب تحت تأثير أحد أنواع هذه السموم على قتل والدته قبل عدة سنوات في منطقة طبربور في العاصمة عمان،ولم يكتفي بقتلها فقط بل أقدم على فصل رأسها عن جسمها وهو غير مدرك لبشاعة هذا الأمر لكونه من متعاطي المخدرات،وكان تحت تأثيرها.
وما أوجعنا أيضًا ونحن نتحدث عن هذه السموم ،حديث الأب والذي لم يترك وسيلة إلا وأتبعها مع أبنائه الثلاثة الذين أدمنوا المخدرات كما يقول ،حتى أقدم على إطلاق النار قبل أيام على أبنائه لعله يكون الحل للتخلص مما لحقه من أذى بسبب المخدرات وليردي أحدهم قتيلا،وإصابة الإبنة بالخطأ والتي فارقت الحياة يوم أمس متأثرة بإصابتها البليغة،ولا زال أحد الأبناء يتلقى العلاج بعد إطلاق الأب الرصاص عليه ،ومثل هذا الأب الذي ضاقت به الدنيا لم يجد حلا سوى التخلص من أبنائه بعد أن فقد الأمان حتى في بيته بحسب قوله ،لينتهي به المطاف بالسجن بسبب أبنائه الذين اضطروه لهذا الأمر،بعد أن فعلت المخدرات فيهم ما فعلت حتى أن أحد الأبناء إنتهى به الأمر في أحد مستشفيات الأمراض العقلية.
مثل هذا المصير المؤلم،وهناك قصص أكثر غرابة،كما أن هناك الكثير من الحالات لأشخاص ومن مختلف الفئات العمرية ،ولا مجال هنا للحديث عنها ولا استعراضها،كانت النهايات مأساوية،سواء على الشخص،أو على أفراد الأسرة نتيجة لتعاطي المخدرات،أو إدمانها،إضافة للتأثير على المجتمع،وما يشكله الشخص المتعاطي من خطر على المجتمع،لكونه يلجأ لأي أسلوب للحصول على المادة التي يتعاطاها.
ومن هنا جاءت حملة “بوعينا نحمي الأجيال”وذلك لمواجهة آفة المخدرات ،وزيادة الوعي المجتمعي للوقاية منها،وهي جزء من الحملات الأمنية المكثفة التي أعلنت عنها مديرية الأمن العام ،وللحد من هذه الآفة في المجتمع الأردني.
وبحسب ملخص الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات للأعوام 2020-2025 الصادر عن مديرية الأمن العام فقد ارتفع عدد قضايا المخدرات المسجلة منذ عام 2005 وحتى العام 2020 بنسبة 10،1%،وبلغ عدد القضايا المسجلة عام2005،
حوالي 2041،بينما بلغ عددها في العام 2020 حوالي 20055،وبلغ معدل النمو لقضايا الاتجار بالمخدرات في الأردن ما بين عامي2019- 2020بمقدار 26%،و في عام 2019كان عدد القضايا 3137،وفي عام 2020 كان عددها 3937،وانخفضت قضايا التعاطي في العامين 2019-2020 بمعدل 1%،حيث بلغت16363 في عام 2019،وفي العام 0202 بلغت 16118.
وبحسب الملخص فإن عدد التجار المضبوطين 6530 في العام 2019،وبلغ عددهم 7730 في العام 2020 وبنسبة نمو 18% ،وعدد التجار المضبوطين 22213 شخصا في العام2019،وفي عام 2020 بلغ عددهم 21940 شخصا بنسبة انخفاض 1%.
إدارة مكافحة المخدرات كانت قد كشفت في تصريحات صحفية سابقة أن نسبة قضايا المخدرات انخفضت 9% منذ بداية عام 2022 وحتى تاريخ 26 من حزيران الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي2021 ،حيث تم التعامل منذ بداية العام مع 8489 قضية مخدرات،منها2490 تتعلق بالإتجار والترويج،و6000 تعاطي،بينما كانت في العام الماضي19122 منها 4858 إتجار،و14264تعاطي.
وفي شهر شباط الماضي تم التعامل من قبل إدارة مكافحة المخدرات مع 476 قضية إتجار وترويج حيث ألقي القبض على895 مروجا وتاجرا،و2197 شخصا يتعاطون المخدرات،كما كشف تقرير إحصائي أمني في المملكة أن الأجهزة الأمنية تعاملت في العام 2019 مع جريمة مخدرات كل 26 دقيقة،حيث بلغ عدد جرائم المخدرات 190500 خلال العام 2019 .
ولعل الأرقام ،والاحصائيات السابقة حول المخدرات في المملكة والتي جاءت من خلال الجهات ذات العلاقة ،هي أرقاما مخيفة في بلد كالأردن لا بتجاوز عدد السكان على أرضه عن 13مليون نسمه بحسب الاحصائيات الرسمية،مما يتطلب منا بتكثيف الجهود مع الجهات الأمنية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة ،أو التخلص منها حتى وإن كان بلدنا ممرا وليس مقرا لها بحسب موقعه الجغرافي ،والظروف المحيطة به من كل الجهات،واستغلال بعض الجهات لهذا الوضع ،لأن بلدنا الحبيب يحتاج منا الوقوف صفا واحدا والتصدي لكل ما من شأنه المساس به وبنسيجه الوطني.