مهدي مبارك عبد الله بكتب: محافظ نابلس .. الاعتذار وحده لا يكفي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده كما أخبرنا رسول الله الكريم عن الصفات الذميمة التي ليست من صفات المسلم فقال ليس المسلم باللعان ولا بالصخاب ولا بالفاحش البذيء
كما روى عن بعض السلف الصالح أنه كان حتى إذا خاطب بعض الحيوانات وهي لا تعرف الكلام تكلم عليها بقوله ( أصلحك الله ) فلما سئل عن ذلك قال أريد أن أعوِد لساني على الكلام الطيّب
وقديما كانت العرب تقول ( تحدث يا رجل كي اعرفك فالرجل يُعرف بكلامه ومن سقطات لسانه )
كما قال الاديب الشهير وليم شكسبير ( لا تلعب بمشاعر الآخرين لأنك قد تربح اللعبة وتخسرهم جميعا مدى الحياة )
التصريحات الاذاعية الخرقاء التي تفوّه بها القيادي في حركة فتح محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان قبل أيام قليلة لمحطة النجاح المحلية التي تبث من نابلس والتي تعرض فيها بالإساءة المباشرة للمقاومة ولأمهات الشهداء حيث وصف الأمهات الفلسطينيات اللواتي يدفعن بأبنائها إلى مقاومة الاحتلال بـ ( الشاذات لأنهن يدفعن بأبنائهن إلى الانتحار ليعتقد الناس أنهن بذلك أصبحن مناضلات وهن لسن أمهات بل انتحاريات لا يمتلكن حنان في قلوبهن )
هذه الاقوال المنفلة لا زالت تثير عاصفة هوجاء من السخط والغضب وحالة مستشريه من الإدانة والاستنكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي داخل فلسطين وخارجها لما تضمنته من اوصاف حقيرة ونعوت مقيتة ومفردات جارحة وتواصيف مشينة لم ترد يوما حتى على السنة اقذر قادة ومسؤولي الاحتلال الصهاينة
الكثير من المعلقين وصفوا ما قاله محافظ نابلس بالسقطة الرهيبة الخارجة عن ابسط قواعد الادب واللياقة والاحترام والاقرب الى لغة الزعران والفاظ البلطجية وسلوكيات ارباب السوابق التي تسيد فيها ( فحش الكلام وبَذاءَة اللسان وتلفيق التهم والأكاذيب وإشاعة الأباطيل ) كما وصفها أخرون بالتصريحات المفضوحة التي لا يتصف بها إلا من تدنت نفسه وهانت عليه قيمه وأخلاقه وسقطت نفسيته في مستنقعات الخزي وقلة الحياء وفي الشرع من قل ( حياؤه صنع ما شاء وقال ما أحب )
كما وجد عدد كبير من المتابعين انها تتساوق وتلتقي مع اهداف ورؤى الاحتلال في كي الوعي الفلسطيني لبث روح التفرقة والتشكيك بالمقاومة في مرحلة حساسة وخطيرة يصعد فيها الاحتلال وقطعان المستوطنين من جرائمهم بحق الفلسطينيين العزل ومقدساتهم وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك كما قيل أيضا انها تتزامن مع إصرار مسؤولي السلطة الفلسطينية على مواصلة الاعتقالات السياسية ومحاصرة وملاحقة وتسليم المقاومين عبر التنسيق الأمني المشؤوم الذي يهدد السلم المجتمعي ويضعف الحالة الوطنية المنتفضة في وجه الاحتلال
سيما في هذا الوقت الذي تتعرض فيه مدن الضفة للاعتداءات البشعة من قِبل العصابات الصهيونية الإجرامية تطل علينا شرذمة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني وصفه الوطني تتلفظ بتعابير حقيرة تمس كرامة أمهات الشهداء الأكرم منا جميعا والأشرف والأطهر والأعف في نساء الأرض نشتم رائحة انفاسهم الكريهة واجسادهم المنتنة بالخزي والعار بعدما ارتضوا لأنفسهم الهزيمة والانبطاح مقابل دراهم معدودات ووعود بمناصب وهمية من اجلها فرطوا بالأرض وشباب فلسطين وبعد إساءتهم الشنيعة هذه وبذات النهج والوقاحة يحاولون ثانية إيهام الآخرين بأنهم هم المخطئون وبان البعض من المغرضين أخرجوا حديثهم عن سياقه ومقصده بغرض الطعن والتشويه بشخصياتهم الوطنية العظيمة
بصوته الرخيم والمعروف للكثيرين والذي لا يمكن الادعاء بتقليده او فبركته وفي حالة انحطاط وطني نادرة وفريدة لم يراعا فيها وزن للعبارات والمفردات هاجم محافظ نابلس بغلظة قلب واضحة وفضاضة لسان بينة أمهات الشهداء الفلسطينيين وقتل دموع الفخر في عيونهن بعدما علمن ابنائهن الشموخ والنضال وحب فلسطين والسعي نحو الكرامة والشهادة بعد كل هذا هل بمقدور الشرفاء في كل شبر من فلسطين الحبيبة ان ( يقولوا لجميع العوالق والطفليات من المتخاذلين والعملاء المتسلطون على إرادة الشعب وحرية الوطن السادرون في غيهم وضلالاتهم
ان أبطال المقاومة لا ينتحرون وانهم لا يسعون إلى الموت بل إلى الحياة الحرة الكريمة الخالية من دنس الاحتلال ورجسه في زمن أصبحت الخيانة فيه مركز ونفوذ وسلطة ولم تعد مجرد وجهة نظر وفكرة ) مثل تلك الشخصيات كثرت فوق تراب الوطن وهي التي أوردت الشعب الفلسطيني مهاوي الهوان ومهالك الردى بعدما ارسلوا أبنائهم خارج الوطن ليترعرعوا في الترف والعيش الرغيد دون أي علاقة تربطهم بفلسطين وأرضها وتركوا الوطنيون الشرفاء البسطاء يقدمون فلذات اكبادهم قرابين للموت ولشهادة في مواجهة اجرام الاحتلال وبغيه
بلا ادنى شك ان كل ما ورد من تخرصات على لسان محافظ محافظة نابلس لا يتناسب مع المهمة المقدسة لأمهات الشهداء والأمانة الثقيلة التي يحملنها على اكتافهن وهو مدان بكل المقاييس وغير مسئول وخارج عن الصف والاجماع الوطني والأخلاقي الذي يلتزم به أبناء الشعب الفلسطيني الصامد والمجاهد الذين اتخذوا من المقاومة سبيلاً للخلاص من المحتل الذي بدأ يتذوق مرارة الهزيمة في قلعتي الصمود نابلس وجنين ولولا ما يسمى زورا باتفاق السلام ما كانتَ هذه الأشكال تعتلي مناصبها وتعمل لحماية الإسرائيليين وضمان حياتهم الطبيعية في ظل استمرار وحشية لاحتلال وبناء المستوطنات والملاحقة والحصار والقتل والاعدام الميداني
السؤال المهم هنا هل هذا حديث ومنطق يصدر عن شخص مسئول وكادر فتحاوي قديم شهد معظم معارك الثورة ورافق دماء الشهداء وعرف قهر السجون ونال قدر من التعليم ووصل الى اعلى الرتب العسكرية ام هي اغراءات الألقاب والمناصب والمكاسب التي افقدت المسئول توازنه ورشدة حيث بدأ يهذي بتصريحاته الفاحشة التي سارعت به الى متاهات التطبيل والتسحيج لاسترضاء قادة تل ابيب ورام الله فضلا عن رغبته الاكيدة بالاحتفاظ ببطاقة الـ ( في بي أي ) لعبور كبار الشخصيات من والى فلسطين المحتلة
بمليء الفم مرارة نعذرك سيادة المحافظ فالشهادة لا يفهمها الا من عايشها والأم الفلسطينية ربما تكون شاذة فعلا حسبما وصفتها لكنها ( شاذة بقوة صمودها وإيمانها ورباطة جأشها ) فنساء فلسطين هن من سليلات بيوت العز والشهامة ومن لا يعرف قدرهن لا يعرف معنى الشرف والكرامة والوطنية والمواطنة
ما دعاني لكتابة هذا المقال ما سمعته بأذني وطالعته بعيني من تطاول بشع واهانة جسيمة من قبل محافظ نابلس لأمهات الشهداء ووصفهن بالشاذات رغم انهن في الحقيقة نبراس الرؤوس ودرر التاج اللواتي لولا تضحيات ابنائهن ودمائهم الزكية لم يكن لفلسطين وثورتها وشعبها وجودا ولا اسما ولا نشيدا ولا علما ولا رئيسا ولا سلطة حتى لو كانت بواقعها القائم صورية و شكلية
يعتقد كثير من الأشخاص أن عبارات الاعتذار من شخص ما عند ارتكابه خطأ تجاه الاخرين تكفي لإصلاح العلاقة وجير الخواطر لكن علماء النفس يؤكدون أن ذلك غير كاف خاصة مع عظم الذنب وكبر الإساءة وقداحة الأذى وتكرار محاولات التبرير والتمويه وذر الرماد في العيون لترميم ما حدث ولو كان منطقيا مسموحا لأي انسان ان يرتكب أخطاءه ثم يقدم فقط اعتذار عنها لعم الفساد الأرض وطفح فيها الظلم ولا يجوز أيضا وبأي شكل نسب هذا الأسلوب الى ثقافة الاعتذار او انتقاد أمهات الشهداء وعموم الفلسطينيون الاحرار واتهامهم بعدم القدرة على استيعابه المبادئ العامة للاعتذار
بناء على كل ذلك يجب محاسبة المخطئ وعدم التهاون مع المسيء أي كان ولهذا على كل الشرفاء والاوفياء في حركة فتح وكوادرها واطرها التنظيمية المبادرة الى تشكيل لجنة تحقيق وتقديم الادلة والبراهين و القرائن التي تدين محافظ نابلس فيما قاله والعمل العاجل على فصله او إقالته من منصبه او اتاحة الفرصة امامه لتقديم استقالته بما يحفظ ماء وجهه لان هذا العمل هو ما تفرضه الأمانة التاريخية والمصداقية الوطنية بكل حرص وشجاعة ردا لبعض كرامة أمهات الشهداء التي امتهنت ظلما وزورا وعدوان
نقول ولا نهول ان مليون اعتذار بشتى أنواعه وأشكاله لن يمحو الإساءة والخطيئة الكبيرة التي ارتكبها محافظ نابلس بحق امهات اشرف الناس وانبل بني البشر واعتذاره غير مقبول البتة ليبقى في منصبه خاصة وانه اساء وهو رجل بالغ وراشد يتحلى بكامل حريته وارادته وقواه العقلية والنفسية وبما يفرض ان أساءته كانت عن قصد وتصميم وقناعة تامة في كل ما صرح به وللحق والحقيقة نتساءل ماذا يجدي بعد ان تداس كرامة أي إنسان ويحقر وتلطخ سمعنه ان يقال له ( انا آسف لا أقصد ) وهل هذا يعفي الفاعل من تبعات المسؤولية والمساءلة بالطبع لا لأنه لن تستقيم موازين العدالة إلا بسوق المسيء إلى قاعة المحكمة وعودة الحق إلى أصحابه طال الزمان أو قصر
من المعلوم جيدا انه لا يجوز عرفا ولا اخلاقا ولا ادبا لأي مسؤول مهما كان منصبه أن يعتذر عن الاخطاء التي ارتكبها خلال تاريخه وعمله الوظيفي عبر التصريحات والبيانات بل عليه أن يقدم اعتذاره بشكل عملي و حقيقي امام الناس من خلال تقديم نفسه للمحاكمة وعليه أن يتحمل مسؤولية تصرفاته غير المسئولة وللعلم هنالك في بعض الدول العظمى التي تحترم نفسها وشعبها استقال العديد من الوزراء وتدحرج الكثير من المسؤولين من فوق الكراسي في اقل من هذا التصريح الشائن والذي يدل على وجود خلل إداري رهيب في أجهزة السلطة
التعامل بحزم مع هذه السابقة من المهاترات الخطيرة والاستثنائية ضروري جدا حتى لا تتكرر ولتكون مثالاً يضرب لجميع المسؤولين في السلطة الفلسطينية الحاليين أو القادمين ودليلاً يحتذى به في الحيادية والنزاهة بمحاسبة كل من يتولى الشأن العام وفي النهاية عدم القبول ببقاء هذا المسئول أو غيره على كرسيه بمجرد اعتذاره لأن ذلك سوف يوسع الجرح ويفتح الطريق لتفسخ عرى الوحدة الوطنية ويكون مدمر لإدارة ومصداقية وجدية السلطة الفلسطينية ومن يمثلها
تصريحات المحافظ المهينة والغريبة عن ثقافة التضحية والمقاومة والتي شكلت سقطة كبيرة له كحاكم الإداري تجلت فيها أبشع الكلمات وأشنع العبارات وأقبح الألفاظ والمريب جدا فيها حالة الصمت المطبق التي عمت اجهزت اعلام الرئاسة الفلسطينية ومعظم قيادات حركة فتح ومسؤوليها الذين لم يحركوا ساكن إزاء الشتم والطعن بأمهات الشهداء على الهواء مباشرة وامام الجميع وكأن الأمر لا يعنيهم او ان هنالك اجماع على قبول الخطأ الذي حصل بكل تفاصيله
وسط حضور كثيف في مدينة نابلس ورام الله مع تواجد العديد من أمهات الشهداء اللواتي رفعن صور أبنائهن هتف المئات من ذوي الشهداء والناشطين ضد المحافظ رمضان وبكلمات نعف عن ذكرها ورافعوا اليافطات التي تستنكر تصريحاته وتدعو إلى محاسبته وعدم التهاون مع أساءته لأمهات الشهداء اللواتي أكرمهن ربهن باستشهاد أبنائهن
كما طالب المشاركون بضرورة تجريد رمضان من صلاحياته كمحافظ لنابلس ومحاكمته بتهمة القدح والذم بأمهات الشهداء والمس بثقافة المقاومة والصمود وبناء عليه إلزام كل المسؤولين بخطوط وطنية حمراء يمنع تجاوزها بالإضافة الى الدعوة الى تحريم وتجريم ملاحقة المطاردين وحمايتهم من الاحتلال والإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين وصون الحريات العامة واعتبار المقاومة حق مشروع في مقاومة الاحتلال والاهتمام بعائلات الشهداء والأسرى وتعزيز صمودهم وتوفير كل وسائل الإسناد الأسرى لهم في مواجهه الثكل والحرمان والفقدان الذي قدموه على طريق تحرير فلسطين من الصهاينة الغاصبين
نحن كعرب ومسلمون نفخر ونعتز بأمهات الشهداء الماجدات في كامل الوطنين العربي والاسلامي اللواتي ارضعن اولادهن الثائرين حليب العزة والكرامة والشرف وكن الأكثر محبة ومعزة لهم يوم قدمن أرواحهم ودمائهم ابتغاء مرضاة الله ومن أجل فلسطين وشتان بين هؤلاء وبين من تربوا في أحضان الاحتلال وعملوا خادم له والذين سيلاحقهم الخزي والعار بما اساءوا لأمهات الشهداء اللواتي قدمن الابطال لفداء الوطن والذود عنه بالأرواح والدماء بعدما غرسن داخل فلذات أكبادهن يقينا بأن الشهادة مفتاح الفخر والفرح والنصر اما في الحديث عن معشر الشاذون فهم من تخلوا عن مبادئهم وشرفهم وشعبهم وبنادقهم واصبحوا عملاء في رحاب دايتون يقفون في الصف الأول المضاد للوطن والمقاومة
على أبناء الشعب الفلسطيني بعد هذا الحدث المشين لفظ ونبذ أمثال هؤلاء المتخاذلين المتصهينين وتعريتهم وفضحهم وكشف نواياهم الخبيثة في الإساءة البالغة للنضال الفلسطيني ودماء الشهداء وكرامة الحرائر الشريفات والعفيفات والطاهرات اللواتي يعانين الم العذابات وحسرة فقدان الاحبة وكذلك يجب عدم السكوت ايضا على استمرار ظلم المسئولين او الرضوخ لفظاعة أعمالهم حتى يتم الخلاص منهم وترتاح ارض فلسطين من شرورهم
ليعلم ثانية هؤلاء المرجفون في الأرض ان أمهات الشهداء ﻻَ يَلِدنَ ضِبَاعَا وسيبقين تيجان فخار للأمة كلها والطاعنون بهن لا يستحقوا أن يكونوا مكانس قذرة بأيديهن الطاهرة فلا تثريب عليكن يا شرف الامة وعنفوانها فقد البسوكن الشهداء الابرار تاج العزة والافتخار
اللهم ألهِم أمهات الشهداء الصبر والسلوان وخفف عن قلوبهن واجمعهن بأحبابهن مع المصطفى عليه الصلاة والسلام تحت ظل عرشك المكين وخذ الحق ممن ظلمهن في الدنيا والآخرة