م.علي أبو صعيليك يكتب: انسحاب الوحدات ثم عودته للدوري الأردني: موقف ورسالة!
انتهت أزمة انسحاب نادي الوحدات من الدوري الأردني بسلام وبأقل الأضرار، وأعلن الدكتور بشار الحوامدة رئيس النادي رسمياً عودة النادي للمشاركة في مسابقة الدوري بعد جهود رسمية ومجتمعية من مختلف المستويات أبرزها تدخل رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز والديوان الملكي وزيارة مجموعة من النواب بوفد ترأسه رئيس الوزراء السابق طاهر المصري،ومعها أُسدلت الستارة على أزمة كبيرة ألقت بضلالها ليس فقط على المستوى الرياضي.
نهاية الأزمة كانت بالطريقة الأردنية التقليدية أو بشكل أدق على الطريقة الشرقية في حل المشاكل بعيداً عن الأنظمة والقوانين، واعتمادا على العلاقات والفزعات والضغوطات، دون البحث الحقيقي عن أصل الخلل ومن ثم التعامل معه كما ينبغي وأخيراً إزالة أسباب حدوثه مجدداَ وهو ما لم يحدث، ولذلك هي أزمة من المؤكد أنها ستتجدّد كما سبق لها وإن حدثت سابقاً وتم حلها بنفس الفكر الحالي المنبثق عن العلاج بالمسكنات!
الموقف الذي اتخذه نادي الوحدات بالانسحاب من مسابقة الدوري الأردني كان سببه نقل مباراة الفريق مع شقيقة النادي الفيصلي إلى ملعب الحسن في محافظة إربد شمال الأردن بينما هي مقررة في الأصل على الملعب البيتي لنادي الوحدات ستاد الملك عبدالله الثاني في شرق العاصمة عمان، وهذا القرار يتسبب في غياب مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص حيث لعب الفريقين سابقاً لقاء الذهاب في ملعب الفيصلي البيتي وهو ستاد عمان الدولي.
وقرار نقل المباراة لم يتم بناء على أي سبب قانوني حيث أكد رئيس نادي الوحدات عدم وجود أي تقرير أمني تطلب بموجبه من الأجهزة الأمنية نقل المباراة، وهذا الحديث تحديداً ما يفتح السؤال على مصراعيه: لماذا تم تغيير ملعب المباراة؟ لغاية الآن لا توجد إجابة مقنعة، وهذا منطلق نادي الوحدات الحقيقي في رسالته من الانسحاب، لأن الانسحاب بحد ذاته ليس هدفاً وكان من المتوقع العدول عنه، ولكن الهدف الحقيقي هو إيصال رسالة، فما هي؟
كانت رسالة الوحدات واضحة على لسان الحوامدة الذي تحدث عن أن لجان الاتحاد الأردني لكرة القدم في غالبيتها تمثل لوناً واحداً بمعنى أنها منحازة لطرف واحد وهو ما يشكل الظلم على باقي المنافسين، وبالتالي وإذا كانت هذه هي حجة الوحدات التي تسببت بكل هذه الأزمة التي وصل صداها حتى خارج الحدود، فلماذا لا يتم تغيير حقيقي في آلية اختيار أعضاء اللجان بحيث تستوعب الجميع؟
لماذا لا تتم الاستعانة بعناصر محترفة ومحايدة من خارج المملكة لتجنب الشبهات كما حدث في العصر الذهبي للاتحاد الأردني لكرة القدم عندما تمت الاستعانة بخبرات المرحوم محمود الجوهري من مصر العربية، وفي حينها تطورت رياضة كرة القدم في الأردن كثيراً جدا، وأحد ثمراتها كان فوز الأردن لاحقا وتحديداً عام 2013 بجائزة أسيوية نادرة وهي جائزة الاتحاد الأكثر تطوراً في القارة التي تمنح للاتحاد الذي يطبق الاحتراف في العمل وإدارة شؤون اللعبة وكذلك مساهماته المميزة في تطوير لعبة كرة القدم والترويج لها في بلاده، وما بين ذلك العام وما وصلنا إليه فجوة كبيرة.
يمتلك الوحدات والفيصلي قطبا كرة القدم في الأردن، القواعد الشعبية الأكبر، وغالباً ما تشكل تركيبتها السكانية الأساس في بقائهما في واجهة الأندية الأردنية وواجهة الأحداث، ولكن لا يمكن وصف ما يحدث في ملاعب الأردن بأنه شغب بالمعنى الحقيقي كما يحدث في ملاعب أمريكا اللاتينية مثلاً، إلا أن عدم إدارة شؤون لعبة كرة القدم بشكل مهني كما حدث منذ أيام مع الوحدات وغيره من الأندية سابقاً، يؤدي إلى تجاذبات غير مقبولة اجتماعيا، تصل إلى درجة العنصرية في الهتافات بين شريحة من هذه القواعد الشعبية سواء في مواقع التواصل أوالملاعب.
صحيح أن نادي الوحدات تصرف في نهاية المطاف بإيجابية وتراجع عن موقفه وعمل اعتباراَ “للكبار” ولعب خارج ملعبه مع الفيصلي، وأيضا نجح في إيصال صوته ورسالته وتظلمه، وحصل على وعود بمعالجة الخلل، حيث كان النادي على مدار عدة أيام قبلة للعديد من الشخصيات العامة المؤثرة، وتصدرت أخباره أبرز وسائل الإعلام المحلية والعربية، إلا أن اللافت للنظر هو ضخامة حجم التفاعل الرسمي والشعبي بأدق تفاصيل مباراة كرة قدم، فمتى سينشغل الجميع بالتحديات الحقيقية التي تواجه الوطن والمواطن؟!
كاتب أردني
[email protected]