أ.د. محمد الفرجات يكتب: إلى ماذا تشير نماذج خططنا المالية الوطنية طويلة الأمد؟
لا يغيب من ذاكرتي كمواطن ومتابع للشأن التنموي حسابات التنمية في وطننا العزيز، وأحاول تارة تقديم مقترحات تنموية وتارة أخرى الإشارة إلى مكامن الخطأ أو الخطر مع تقديم الحلول، وقد إعتدت ذلك منذ عام ٢٠٠٣ حيث بدأت الكتابة بالشأن العام في مختلف الصحف والمواقع الإعلامية، وأجد أحيانا بأن بعض الأفكار يؤخذ بها، وهذا يعتبر مؤشر جيد للتواصل بين المواطنين والسلطات المحلية والحكومات ومن خلال الإعلام، وهذا أمر صحي للغاية.
اليوم أجد من الأهمية بمكان للدولة الأردنية طرح نوع من الموازنة المالية طويلة الأمد (وبشكل تقديري) لعشرة سنوات قادمة، وهذا أمر ملح جدا لتمكين عمليات التخطيط على مستوى الإستراتيجيات والخطط التنفيذية كذلك، على أن نراعي بذلك المخاطر المحتملة (سياسية كالربيع العربي وحروب الإقليم المحيط والعالم، وطبيعية مثل وباء كورونا والتغير المناخي، وإقتصادية مثل التضخم والأزمة الإقتصادية العالمية)، وأثرها على القطاعات المختلفة وبنود الإيرادات، وبأخذ دروس من آخر عشرين عام.
المطلوب وضع مصفوفة واقعية تبين مجموع الإيرادات المالية المتوقعة خلال العقد القادم بنموذج منخفض ومتوسط وعالي التفاؤل، وحسب توقعات تحسن النمو وتحقق المشاريع والإستثمارات المنتظرة.
مقابل ذلك يجب وضع مصفوفة للنفقات المطلوبة من خدمة مديونية وفوائد قروض وخدمة قروض قد يتم الحصول عليها، مع النفقات والكلف الجارية وتوقع نموها خلال السنوات العشرة القادمة، ويضاف لها كلف الخدمات والبنى التحتية والفوقية والشبكات والمشاريع المطلوبة لمواكبة المد والزيادة السكانية، والمشاريع التي يجب إنجازها للتغلب على الشح المائي والفقر والبطالة… إلخ.
هنا وبعد إكتمال النماذج ومعايرتها بالشكل الصحيح، يجب وضع خطط الأولويات بدءا من الأساسيات وصولا للكماليات، حتى نحقق خطط تنموية واقعية معايرة وقابلة للتطبيق وعابرة للحكومات، تشكل قاعدة لكل الإستراتيجيات الوطنية حتى لا تنسى على الرفوف، وحتى نصبح كسفينة تسير في وسط المحيط مع هدف وخارطة وبوصلة.
يمكن أن تقوم بذلك وزارة التخطيط ووزارة المالية وبالتعاون مع باقي الوزارات، ويراعى بعد ذلك تحديث النماذج والمصفوفات الرقمية الناتجة وفقا لكل المتغيرات.