مهدي مبارك عبد الله يكتب: الشهيدة الطفلة جنى زكارنة ضحية اجرام الدولة الخطّاءة !
مع اطلالة فجر يوم الاثنين الماضي 13 / 12 / 2022 استيقظ الفلسطينيون في حارة البيادر بالحي الشرقي من مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة على وقع جريمة جديدة مروعة تضاف إلى سلسلة الجرائم الممتدة التي يرتكبها المحتل الغاصب بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأبرياء بشكل شبه يومي
حيث جرى بدم بارد فضح الوجه الإسرائيلي القبيح اعدام الطفلة جنى مجدي عصام عساف زكارنة 16 عام على يد قناص صهيوني محترف وجه لها 4 رصاصات بواسطة منظار ليلي دقيق اثنتين بالصدر وأخريين بالوجه أحدثت إحداهما شرخا عميقا في الجمجمة وهناك رصاصات أخرى لم تصبها وذلك خلال اقتحام قوات الاحتلال للمدينة بهدف اعتقال مطلوبين حين صعدت الطفلة جنى على سطح منزلها لكي تتفقد قطتها وتقدم لها الطعام وقد بقيت ملقاة على الأرض تنزف ما يقارب النصف ساعة من دون أن يعرف أحد عنها شيئاً وبعد انسحاب جيش الاحتلال وجدها ذويها غارقة بدمائها وخلال اسعافها تبين وفاتها حيث قتلت ولم تقترف ذنبا ولم تلقي حجرا ولا أطلقت رصاصة من بندقية وليست هذه المرة الأولى التي يقتل فيها جنود الاحتلال فلسطينيين في بيوتهم ظلما وعدوان
قوات الاحتلال الاسرائيلي كعادتها لجأت الى الكذب والتمويه للتنصل من مسؤوليتها عن الجريمة حيث زعمت أن الفتاة كانت على سطح أحد المنازل القريبة من تواجد مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار نحو جيش الاحتلال وقد تكون قُتلت برصاصهم الا ان عائلتها أصرت على تشريح جثمانها بمعهد الطب العدلي بجامعة النجاح بنابلس للرد على زيف رواية الاحتلال وادعائه أنها قتلت برصاص مسلحين فلسطينيين وهو ما دفع جيش الاحتلال الى الاعتراف بأنها استهدفت بالخطأ في تحديد هويتها برصاص احد جنوده
العجيب والسخيف في الرواية الإسرائيلية تنكرها لإصابة الشهيدة جنى بـ 4 رصاصات اطلقت نحو مناطق قاتلة من جسدها وتلاعب كيان الاحتلال بالحقيقة وتذرعه بان قتلها كان بالخطأ وان الجيش الإسرائيلي لا يطلق النار على المدنيين الأبرياء عمدا رغم انه خلال اقتحاماته المتكررة لمدينة جنين نصب كمائن ونشر قناصة بشكل كثيف وأطلق النار تجاه المواطنين العُزل من مسافات قريبة جدا ودون أن يشكلوا أدنى خطر عليه وان ما يقوم به جنود الاحتلال من اعدامات وحشية تمثل سياسة ممنهجة لترهيب الفلسطينيين لردعهم وثنيهم عن حماية ومساندة المقاومين
الأداة الصهيونية الاجرامية التي تقتل الفلسطينيين واحدة ووسيلة التبرير الوقحة ذاتها وهي تتكرر مع كل جريمة بشعة تطال الأطفال والمواطنين الابرياء كما حدث في قضية اغتيال الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة فهناك تشابه كبير بين قتل الطفلة جنى وأبو عاقلة وخاصة في محاولة الصاق الجريمة بالمقاومين الفلسطينيين وترويج فكرة القتل بالخطأ مع إجراء تحقيق صوري لغايات تجميل صورة الاحتلال وإظهار جيشه أمام الرأي العام الدولي على انه نظامي وملتزم بقواعد الاشتباك والمعايير العسكرية
سياسة الإعدام الوحشية التي ينتهجها الاحتلال من دون حسيب أو رقيب بحق الاطفال الأبرياء تؤكد من جديد حاجة الفلسطينيين لحماية دولية ومطالبة الإدارة الامريكية بممارسة ضغط حقيقي على تل أبيب لإجبارها على وقف هذا التصعيد الإجرامي وضمان محاكمة ومحاسبة القتلة وعدم الاكتفاء بالاعتراف بالجريمة النكراء والاعتذار عنها رغم انها ستبقى لعنة ابدية تلاحق الكيان الإرهابي وقادته المجرمين
في ذات السياق على القيادة الفلسطينية دعوت الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف والاتحاد الأوروبي وكافة المنظمات الدولية المعنية بالطفولة في العالم لتحمل مسؤولياتهم وتوفير الحماية الدولية لأطفال فلسطين والتدخل المباشر لوقف المجازر والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الاحتلال بحقهم باعتقالهم وحرمانهم من الوصول الى مدارسهم كما لابد للمحكمة الجنائية الدولية من الخروج عن صمتها وبدء تحقيقاتها في انتهاكات جرائم الاحتلال وصولا لمساءلة ومحاسبة المجرمين والقتلة من جنوده ومن يقف خلفهم من السياسيين والعسكريين والأمنيين ووضع حد لاستمرار افلاتهم من العقاب بالإضافة الى المطالبة بإدراج كيان الاحتلال الغاصب على القائمة السوداء للأمم المتحدة واستثمار القرارات الدولية الاخيرة بالوقوف الى جانب القضية الفلسطينية في جميع المحافل الإقليمية والدولية
ركون الكيان الاسرائيل العنصري واطمئنانه بالإفلات من المحاسبة والعقاب جعله فوق القانون وقرارات المجتمع الدولي الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن كل نكبات ومآسي الشعب الفلسطيني والجرائم التي ترتكب يوميا بحق المدنيين من نساء وأطفال والتي ترقى الى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومن حسن المصادفة ان استشهاد الطفلة زكارنه تزامن مع زيارة المبعوثة الأممية فرجينيا غامبا إلى الضفة الغربية للتحقيق في الجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين تمهيداً لرفع نتائجها إلى الأمم المتحدة لتكون شاهدة عيان على الاجرام والإرهاب الإسرائيلي بحق اطفال فلسطين وان اعتراف الاحتلال بارتكاب الجريمة يضع المحاكم والمؤسسات الحقوقية الدولية أمام اختبار المصداقية والجدية في التعامل مع هذه الجريمة بعيداً عن ازدواجية المعايير والمواقف المتحيزة
المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية المحتلة لن تقف متفرجة او محايدة وهي تؤكد ان دماء الشهداء لن تذهب هدراً بل سوف تنبت عزاً وكرامة وسيدفع الاحتلال ثمنها غالياً وسوف تثأر وتنقم لهم وهي تخوض في كل يوم أروع ملاحم البطولة التي تقدم فيها اغلى التضحيات في الدفاع عن المواطنين الأبرياء الذين يصرون أكثر على ان يظلوا حاضنتها الأساسية في مواجهة المحتل حتى النصر والتحرير والعودة
لقد اثبت الواقع العملي وبما لا يدعو للشك ان كيان الاحتلال الاسرائيلي واهم اذا ظن يوما أن اقتحام مدن الضفة واعتقال المقاومين وتصعيد آلة القتل والإرهاب بحق الأطفال والنساء سينال من صمود وثباتهم ابناء الشعب الفلسطيني والتفافهم حول المقاومة بل على العكس وحسب القراءة الدقيقة للواقع فأنها زادت من جذوة المقاومة والنضال والإصرار على كنس المحتلين الغزاة وطردهم عن كل شبر من ارض فلسطين السليبة
الدلائل والإثباتات القائمة تبين للجميع ان إسرائيل لا تبالي أبداً بقتل الاطفال والمدنيين الفلسطينيين وان سجلها الإجرامي يوجب محاكمة قادتها أمام المحاكم الدولية خاصة محكمة الجنايات الدولية وفرض عقوبات أممية قاسية عليها فمنذ بداية هذا العام والذي لم ينته بعد قتلت إسرائيل 61 طفلاً 44 منهم في الضفة المحتلة و17 في قطاع غزة خلال عدوانها الأخير كما اعتقلت 811 طفل تعرضوا للتعذيب والتنكيل ولا يزال 150 منهم في سجون الاحتلال بينهم 11 طفل معتقلين إداريا هذا عدا ما يعانيه الأطفال نتيجة الاحتلال والعدوان المستمر من مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والنفسية
علينا ان نستوعب جيدا انه لا وزن لهذا ( الخطأ الجانبي ) عند قيادات الاحتلال لأنه في الاصل لا قيمة لديهم لحياة الانسان الفلسطيني فقبل عام من الآن وبنفس الطريقة قتل جنود الاحتلال الفتى عماد حشاش 15 عام وهو على سطح بيته في مخيم بلاطة حيث لم يكن يحمل سلاح ولم يكن مطلوب لجنود الاحتلال المقتحمين للمخيم آنذاك ولهذا لا يسعنا الا ان نقول انها ( الدولة الخطاءة ) وإنه الفلسطيني المطلوب القضاء عليه دائما والذي إن لم يقتل في ميدان المواجهة فسوف يقتل حتى لو كان في فراشه وبين اطفاله
لهذا ومن اجل تشكيل حالة من القوة وتثبيت قواعد الردع فأننا ندعوا المقاومة وثوارها البواسل أن يكون ردهم على جريمة قتل الشهيدة الطفلة جنى زكارنة نوعي وبمستوى جريمتهم النكراء من خلال الترصد لجنود الاحتلال ومستوطنيه واستهدافهم واقتحام مواقعه ومغتصباته في كل مكان ليعلم قادته الكيان الارهابي أن المقاومة حاضرة وجاهزة للدفاع عن شعبها ومواجهة الغزاة وعدم السماح باستمرار قتل الأطفال والنساء والمواطنين العزل الابرياء واستباحة المدن والقرى والأعراض والمقدسات
يذكر ان عدد الشهداء الفلسطينيين من الأطفال وصل منذ بداية العام الجاري حتى الآن إلى 56 منهم ( 39 في الضفة والقدس و16 في قطاع غزة و1 في الداخل ) من بينهم 15 من جنين كان آخرهم الطفلة جنى زكارنه التي كانت هدف طبيعي في بنك أهداف جيش الاحتلال وسياقات القتل العمد وهوما يكشف حقيقة السلوك الوحشي والارهابي المتواصل لقوات الاحتلال التي تستبيح كل شيء بلا أي سبب
أخيرا وبعد هذه الجريمة البشعة ندعوا أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد في كل الساحات إلى مواصلة الانتفاضة الشعبية بكل الوسائل والادوات لردع الاحتلال وقطعان المستوطن وللتأكيد للعالم بان هذا الكيان هش ومصطنع وان قادته مستعمرون جبناء وان الإرهاب المنظم الذي يتعرضون له لن يضعفهم او يخيفهم بل سيزيدهم صلابة وصمود وتشبث بحقوقهم الوطنية المشروعة في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وستبقى دماء الشهداء الابرار نور للشعب والمقاومة ونار على الغزاة الغاصبين الى حين اقتلاعهم من جذورهم مرة واحدة وإلى الأبد
[email protected]