نجيب أبو كركي،،، هدوء عاصفة وحكمة خبير متزن
كتب أ.د. محمد الفرجات
نعم، هو ذاته الذي كان يتنقل -وبعد تخرجه من باريس وأبان تعيينه أستاذا للجيوفيزياء والزلازل في الجامعة الأردنية- في باصات النقل العام لتعزيز ثقافة إستعمال النقل الجماعي، إبن معان الشهامة ومواليد القدس العربية والذي نشأ في الزرقاء مدينة الجيش، الشخصية الأكاديمية اللطيفة والعالم الذي يرجع لأبحاثه بالزلزالية التاريخية والحديثة كل علماء هذا المجال.
هو ذاته العنيد برأيه العلمي وقراراته طالما أنها صحيحة، ولا يتراجع عنها مهما كان، وقد خبرته أستاذا لنا (مراحل البكالوريوس والماجستير) ومناقشا بالماجستير، وزميلا بالتخصص (كجيولوجيين) ورئيسا في جامعة الحسين بن طلال.
وقف البروفيسور نجيب أبو كركي خلال الثلاثة أشهر الماضية سدا منيعا بعلمه وخبراته وإتزانه، ولم يضخم الخطر الزلزالي ولم يقلل أيضا من خطورته حيثما لزم، ولكن بعبقرية السياسي المحنك والعالم معا، فهو يعلم أن كلمة صغيرة غير مسؤولة قد تكلفنا المزيد من عزوف الإستثمارات أو السياح، لا بل وأن شركات التأمين الكبرى تتربص وتقرأ التقارير بحذر ودقة، وتتجهز لتنقض بمسوغاتها لرفع قيم التأمين على العقود التي تجدد سنويا على المنشآت بأشكالها.
قرأ البروفيسور أبو كركي الوضع الزلزالي المحلي والإقليمي بهدوء وتفسير يستند إلى دراساته وخبراته، أمام بضعة عشرات من المحطات الفضائية المحلية والإقليمية والدولية التي إستضافته خلال الأشهر الماضية بعد زلزال تركيا، بجانب عشرات الأذاعات والصحف.
خلاصات هذه اللقاءات التي تتفق جميعها على وحدة الرأي والتفسير والمنهجية، كانت قد خففت من روع ورعب الشارع والناس وحالتهم النفسية وأسكنت الطمأنينة في قلوبهم، حيث أن المشهد وما كان يأتي من تركيا مؤلم، وأن هنالك كان تخوفات في المنطقة أمام تهويل بعض وسائل الإعلام غير المهنية والباحثة عن ترويج ذاتها على حساب الحالة النفسية للناس.
لقد تحمل أبو كركي مسؤولية خطيرة جدا خلال الأشهر الماضية بتصريحاته حول الخطر الزلزالي الكبير المنتظر محليا، على الرغم من تكرار الأحداث الزلزالية إقليميا ومحليا، فالثبات على رأي علمي في مرحلة حرجة ليس بالأمر السهل، والسير عكس التيار أصعب، ولقد رسم سيناريو الأيام والأشهر القادمة زلزاليا وحسبما يقتضي العلم وتقتضي المهنية وقيادة دفة الإعلام والرأي العام وحالة ونبض الشارع؛ دون مبالغة مع تقديم تفسير علمي دقيق لواقع الحال.
قبطان السفينة الحكيم في العواصف يعرف كيف ومتى وأين يبحر، وقد يضطر لمواجهة الريح والأمواج العاتية، والأهم أن تصل السفينة بركابها إلى بر الأمان، وأن كل السفن صنعت لكي تبحر لا لتبقى في الموانيء.