سياسة “الحد من أضرار التبغ” والمنتجات البديلة الخيار الافضل لخفض اضرار التدخين
قبل نحو عقد، لم تكن التصورات والرؤية لدى المستهلكين واضحة تماماً حول الهدف من تطوير والعمل على تعزيز انتشار منتجات التبغ وأنظمة توصيل النيكوتين بديلة بين أوساط المدخنين البالغين.
اليوم، تشير النتائج الإيجابية المتحققة لتبني المنتجات البديلة لجدية الهدف الرامي للوصول لعالمٍ خالٍ من التدخين، الأمر الذي يتجلى في انخفاض أعداد المدخنين وتقليص حجم وتبعات المخاطر الصحية المرتبطة بالتدخين في الدول التي أتاحت هذه المنتجات مع سياسات وإجراءات ولوائح منظمة، وذلك إثر تبنيها لسياسة الصحة المبتكرة، “سياسة الحد من الضرر”، في ما يتعلق بمكافحتها للتبغ، متخلية عن السياسة التقليدية التي لم تحقق المأمول من سَنِّها حتى الآن برغم مناداتها بالإقلاع الفوري.
ومع وضوح الفوارق الجوهرية الكبيرة بين المنتجات البديلة وتلك التقليدية، والتي يتمحور أهمها حول إقصاء عملية حرق التبغ وما تسفر عنه من مواد كيميائية ضارة أو محتمل أن تكون ضارة، تقدر بنحو 6 آلاف مادة مرتبطة بالكثير من الأمراض التي تصيب المدخنين التقليديين، إلى جانب وضوح الرؤية من المنتجات البديلة بتوفير أدوات كفؤة ومثبتة علمياً مع مستويات أقل من المواد الكيميائية، لتفتح باباً جديداً للإقلاع والحد من الخسائر البشرية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، وخياراً لمن لا يرغب بالتوقف عن التدخين، فإن الأَولى توسيع نطاق تطبيق السياسة المبتكرة اقتداءً بما حققته العديد من التجارب.
هذا وكانت التجارب الناجحة للسياسة المبتكرة كالتجربة اليابانية التي نتج عنها انخفاضاً سنوياً بما قدره 9.5%، مقابل 1.8% فقط قبل اعتماد سياسة الحد من الضرر وتحديداً خلال الأعوام ما بين 2011 و2015، والتجربة البريطانية التي تراجع ضمنها عدد مستهلكي منتجات التبغ القابلة للاحتراق بنسبة 6% من إجمال التعداد السكاني في بريطانيا، والتجربة النيوزلندية التي انخفضت فيها نسبة المدخنين إلى 8% في العام 2022، بعد أن كانت تبلغ ما نسبته 16.6% من التعداد السكاني في العام 2015، قد شكلت دافعاً أكبر لعدد أكبر من خبراء الصحة العامة والسياسات للمطالبة بتشريع قوانين دولية أقل صرامة للمنتجات البديلة تناسب مستويات المخاطر الأقل الناجمة عنها.
وتبرز أهمية انتهاج السياسة المبتكرة والحث على التحول للمنتجات البديلة وإن لم تكن خالية تماماً من المخاطر وإن كان الخيار الأفضل دائماً يتمثل بعدم الانخراط بممارسة التدخين، في ظل التوقعات بأن يظل عدد المدخنين بحدود المليار فما فوق بحلول العام 2025 نظراً لفشل السياسة التقليدية الحالية بتقليصه بفارق قياسي.