الدكتورة روان سليمان الحياري تكتب: مشروعات نفوذ .. أم مشروعات بقاء
في ظل بروز مشروعات سياسية جديدة وحقيقية تعيد و بلا شك صياغة قواعد جديدة لتوازنات اللعبة السياسية في المنطقة والاقليم، أراها تتضمن معطيات فرص انتعاش اقتصادي وسياسي وأمني -لن تتأتى حقا – إلّا باستجابة ديناميكية حقيقية كضرورة ملحة ضمن مشروع وطني يعزز دور الاردن على الساحة السياسية و ما ينضوي خلفه من تحقيق مصالح إقتصادية وأمنية وانسانية في وطن لا يزال يتحمل الكثير من الاعباء السياسية في المنطقة رغم شح الموارد!
إنّ التحديات في المنطقة والاقليم جزء لا يتجزأ من التحديات العالمية السياسية والاقتصادية والامنية والانسانية هي تحديات مشتركة، أي بات من غيرالممكن في ظلها تحقيق مصالح أحادية مستدامة و لن تجدي فيها الحلول التقليدية، فمن يدرك ارتباط الشأن الاقليمي و العالمي بالتحديات الاقليمية و العالمية يدرك الدور الريادي الذي برزت به السعودية في المنطقة و يدرك أيضا حكمة تزامن هذا الدور مع نهضة غير مسبوقة على صعيد جبهتهم الداخلية في كل المجالات كأساس متين لبناء تحالفات سياسية استراتيجية تخدم مصالحها و تعزز نفوذها في الاقليم و العالم.
إنّ تطورات التحالف السعودي الايراني في الاقليم وعودة سوريا لأخذ دور على الساحة السياسية من جهة و أزمة لبنان السياسية في عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية للمرة الثانية عشر و ما ينضوي على ذلك من تبعات سياسية واقتصادية و اجتماعية وأمنية على الداخل اللبناني و المنطقة، و شأن ما يحدث في السودان و ليبيا من صراعات مسلحة و أهمية الدور السياسي و الاقتصادي الذي تلعبه الامارات في المنطقة و تشكل تحالفات وتستديم أخرى، وكل ذلك بغير معزل عن دور اسرائيل و مصالحها السياسية و الاقتصادية و الامنية في المنطقة و العالم و كيف ترتبط دول الاقليم بمراكز القوى السياسية و الاقتصادية العالمية ومصالحها الراسخة فيه و ما يحدث في العالم.
مع ذلك كله فإنه بات من الضرورة الملحة بناء مشروع سياسي اقتصادي استراتيجي وطني يدرك أين و كيف يحقق مصالحنا السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و يرتبط استراتيجياً بمشاريع الاقليم التي بدأت بالتشكل و تلك الراسخة أصلا في الاقليم لتحقيق أكبر قدر من العدة لحاضر ومستقبل أفضل يأخذ أولويات التحديات السياسية و الاقتصادية و يضع لها حلولاً عملية مرتبطة بمؤشرات أداء و جداول زمنية و خاضعة للمسائلة، في ظل تحولٍ عالمي يلعب فيه الذكاء الاصطناعي و قطاع الخدمات و الطاقة الخضراء دوراً أساسياً و فرصاً واعدة باتت معها ديباجة شُح الموارد -بالية في وطنٍ لديه الميزة التنافسية وكافة الفرص لأخذ دور ريادي منتج في الاقليم و العالم في المجالات أعلاه قبل فوات فرصة ذلك.. وكما أن في إعادة الاعمار في المنطقة فرصاً استثمارية مجدية.
لن تقودنا النزاعات أو الخطابات أو الامنيات في غياب مشروع وطني حقيقي قابل للتطبيق و مستدام ترسى بنيته التحتية سياسياً واقتصادياً و إدارياً الا الى اتجاه فراغ لا يحمد عُقباه في ظل حاجة باتت ملحة لبسط النفوذ و ضمان البقاء ضمن معادلة الريادة و القيادة في الاقليم و العالم..
فمتى نبدأ!