أمل خضر تكتب بعيد الأضحي
بعيد الأضحى الحمدُ لله ربِّ العالمين، الحمدُ لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، وبعَفوِه تُغفَر الذُّنوب والسيِّئات، وبكرَمِه تُقبَل العَطايا والقُربَات، وبلُطفِه تُستَر العُيُوب والزَّلاَّت، الحمدُ لله الذي أماتَ وأحيا، ومنَع وأعطَى، وأرشَدَ وهدى، وأضحَكَ وأبكى .
الله أكبر، الله أكبر ما لبس الحَجِيج ملابسَ الإحرام، الله أكبر ما رأوا الكعبة فبدَؤُوها بالتحيَّة والسلام، الله أكبر ما استلَمُوا الحجر، وطافُوا بالبيت، وصلُّوا عند المقام، الله أكبر ما اهتدوا بنور القرآن، وفرحوا بهدي الإسلام، الله أكبر ما وقَف الحجيج في صَعِيد عرفات، الله أكبر ما تضرَّعوا في الصفا والمروة بخالص الدعوات، الله أكبر ما غفَر لهم ربهم، وتحمَّل عنهم التَّبعات، الله أكبر ما رموا وحلَقُوا وتحلَّلوا ونحَرُوا، فتمَّت بذلك حجَّة الإسلام، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً
الحمدُ لله الذي جعَل الأعياد في الإسلام مَصدرًا للفرح والهناء والسرور، الحمد لله الذي تفضَّل في هذه الأيَّام على كلِّ عبدٍ شَكُور، سبحانه غافِر الذنب وقابِل التَّوب شديد العِقاب .
ألله اكبر ، الله اكبر، ألله اكبر
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً
ربنا لك الحمدُ سرًّا وجهرًا، ولك الحمدُ دومًا وكرًّا، ولك الحمد شعرًا ونثرًا
لك الحمدُ يوم أنْ كفَر كثيرٌ من الناس وأرشدتنا للإسلام، لك الحمدُ يومَ أنْ ضلَّ كثيرٌ من الناس وهديتنا للإيمان، لك الحمدُ يوم أنْ جاعَ كثيرٌ من الناس، وأطعمتنا من رزقك، لك الحمدُ يومَ أنْ نام كثيرٌ من الناس، وأقمتَنا بين يدَيْك من فضلك .
فلك الحمدُ ربنا عددَ الحجَر، لك الحمدُ عدد الشجَر، لك الحمدُ عدد البشَر
الأعياد في الإسلام تبدأ بالتكبير، وتُعلن للفرحة النفير؛ ليعيشها الرجل والمرأة، ويَحياها الكبير والصغير، أعيادنا تهليلٌ وتكبيرٌ وتسبيح لله تعالى وحده لا شريك له .
عيد الأضحى المبارك هُوَ العيد الأكبر عِنْدَ المسلمين، وَهُوَ عيدٌ تُقَامَ فِيهِ أَعظم وأكبر فريضةٍ وَهِيَ فريضةُ الحج، والحجّ رُكنٌ أساسيٌ من أركان الإسلام، وَهُوَ الرّكن الخامس، وَيَأْتِي عيد الأضحى المبارك فِي يوم العاشر من ذِي الحُجَّة من كل عام. يأتي قبله يومُ عرفة؛ حَيْتُ يقف فِيهِ المسلمون عَلَى جبل عرفات ليؤدوا بِذَلِكَ الرُّكن الأساسي فِي الحج، ويَحتفلون فِي اليوم الَّذِي يَليه بعيدِ الأضحى المبارك، حَيْتُ تَستمر مناسكُ الحج حَتَّى يوم الثاني عشر من ذِي الحُجَّة، وَهُوَ اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك
تجتمع فِي عيد الأضحى المبارك عَدَدُ مِنَ الأعمال الدينية غير مناسك الحج، حَيْتُ يُقدم المسلمون الأضحيات من الأنعام، ويُوزعون لُحومها عَلَى الفقراء والمحتاجين، ولِهَذَا سُمي هَذَا العيد بعيد الأضحى، ويسمى أيضًاً بيومِ النحر، وفيه إحياءٌ لِسَنَةِ إبراهيم – عَلَيْهِ السلام -، بَعْدَ أَنْ ذَبح الكبش الَّذِي افتدى الله سبحانه وتعالى بِهِ سيدنا إسماعيل، لِيصبح ذبح الأضحيات فِيمَا بعد من أساسيات عيد الأضحى المبارك، الَّتِي يَقوم بِهَا المسلمون فِي شتى بقاعِ الأرض لِينالوا الأجر العظيم .
فِي عيد الأضحى المبارك يقوم الحجاج بِرجم الشيطان، لِيصبح مَذموماً مدحوراً ومطروداً من رحمة الله تعالى، فَليس هُنَاكَ حزنٌ أكبر من حزن الشيطان فِي عيد الأضحى المبارك، حين يَرى عباد الله وهم يُؤدون فريضةَ الحج، ويذبحون الأضحيات، ويطلبون رضى الله تعالى، ليعودوا كَمَا ولدتهم أمهاتهم، بريئين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، بَعْدَ أَنْ طافوا بالبيت العتيق، وهللوا، وكبروا، ولبوا نداء الله تعالى ..
من أجمل طقوس عيد الأضحى المبارك وأروعها هِيَ تكبيرات المساجد فِي صبيحة العيد، وصلاة عيد الأضحى المبارك، الَّتِي يَجتمع فِيهَا الكبار والصغار يعلوهم الفرح، وتكتسي قلوبهم البهجة، ويرتدون أجمل مَا لَدَيْهِمْ من ثياب، لِيكبروا تكبيراتِ العيد، ويبادروا بتهنئةِ بعضهم البعض، فتذهب كل الخصومات وكأنها لَمْ تكن ..
تبدأ الزيارات بَيْنَ الأقارب والأرحام والأصدقاء، ويفرح الصغار بعيدياتهم، ويكثرُ العطاء والتوزيع عَلَى الفقراء والمحتاجين، مهما كَانَت النفس حزينةً سيظل العيد فرصةً لسمو النفس والروح، وفسحةً طيبةً يفرح بِهَا القلب؛ لِأَنَّ عيد الأضحى المبارك هُوَ عيد غُفرانِ الذنوب، والعودةِ إِلَى الله تعالى، وكأنَّ الأرواح تَفتتح فِي هَذَا اليوم صَفحةً جديدةً، لِتبدأ مَعَ خالقها بروحٍ وعزيمةٍ أقوى، فِيهَا من الخير الكثير، فليس من شيءٍ أعظمُ من فرحةِ من أدّى فرائضه جَميعها، ليأتي يومُ الجائزة وَهُوَ يوم العيد، ليفرح فِيهِ ويجدد فِيهِ العزم والإرادة لِتَحْقِيقِ الأفضل.
وفي الحقيقة أعيادُنا يوم تحرير الأَرض والعِرض، يوم تحرير البلاد والعباد، يوم أنْ تتحرَّر النُّفوس من الشَّهوات والملذَّات، ويوم أنْ تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، ويوم أنْ تتحرَّر الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء، ويوم أنْ تتحرَّر الحقوق من قيود الفَساد والاستِبداد، فيبذل كلُّ ذي واجبٍ واجِبَه غير مُقصِّر، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه لا يزيد
أعيادنا يوم يتحرَّر المُحاصِرون من الظُّلم القائم، والحصار الظالم، والعداء المُتَراكِم، من الصَّديق قبل العدوِّ، ومن القَرِيب قبل البعيد، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله تعالى
أعيادُنا يوم أنْ يتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن اليهود، ومن بطْش اليهود، ومن ظُلم اليهود وغير اليهود
واخيرا ….
اللهم تقبَّل مِنَّا واقبلنا، واجعلنا من المقبولين، اللهمَّ ارزُقنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تجعَل الدنيا أكبَر همِّنا، ولا مَبلَغ علمنا، وصلَّى الله على محمد وعلى أهله وصحبِه وسلَّم، والحمدُ لله ربِّ العالمين
كل عام واردنا قيادة وشعبا بخير