أنا مزارع في مجتمع أغمض عينه عن الزراعة
مالك الخصاونة
عمل العالقات العامة يحتاج إلى الصبر وتفهم حاجات المراجعين
يعد من الشباب العصاميين الناجحين في ادارة العمل العام، والذين يقدمون الخدمة
للجمهور بكل تفان واحترام.
ورغم ضغط العمل، فإنه ال يعرف التّجهم أو التأفف والتذرع بالحجج، حال الموظف المترهل
الذي يتعالى على المراجعين، كما لو هو يعمل في شركة خاصة له أو لوالده، وليس في دائرة
حكومية.
المكتب الذي يشغله، بابه مفتوح على امتداد وقت الدوام الرسمي وما بعد الدوام لكل مراجع،
مع أن مسماه الوظيفي يقتضي أن يكون محددًا في مهمته، حيث يحرص دائمًا على تناول
هذ الطلب أو تلك المعاملة واالستعجال بهما الى المعنيين في تدوين االجراءات
والمالحظات، لكسب الوقت في اإلنجاز وعدم التأخير.
يؤمن بمقولة »العالقات العامة وجه وواجهة كل مؤسسة« أي الصورة التي تعكس العمل
.
الوظيفي، العام والخاص، للمؤسسة، إيجابًا وليسسلبًا
اغرورقت عيناه عندما مررنا على ِذكر والديه، رحمهما هللا،« فهما من زرعا في نفوس أفراد
االسرة من اشقاء وشقيقات،الصدق واالمانة واحترام الناس«، وعّلما األبناء أن »الناس
كرامات.. ساِعدوهم ولو على حساب جهدكم ووقتكم ومالكم«.
أما المراجع أو الزائر لدائرة االحوال المدنية والجوازات فإنه يرى هذه الدائرة ال مجال
لموظفيها-من مديرها العام الى موظف الخدمات- للتوقف ألكثر من قضاء حاجته الخاصة، أو
تناول وجبة خفيفة واحتساء مشروب ساخن، أو تأدية فريضة الصالة، لذلك، فإن سرعة إنجاز
خدمات المواطنين من إصدار جوازات وهويات شخصية ودفاتر عائلة، وغيرها من وثائق، ال
تأخذ من الوقت، سوى دقائق معدودة، وتسّلم بأريحية من قبل الموظفين.
مدير العالقات العامة واالعالم، الناطق باسم دائرة االحوال المدنية والجوازات، مالك
الخصاونة، كان أرجأ اجراء المقابلة الى ما بعد انتهاء الدوام الرسمي، رغم الحضور الى مكتبه،
قبل
أن يقدم تجربته الوظيفية ومسيرته الحياتية ورأيه في أمور عامة، حيث يقول:
الخصاونة: أنا مزارع في مجتمع أغمض عينه عن الزراعة | صحيفة الرأي,
النشأة والدراسة المدرسية والجامعية؟
نشأت في النعيمة بلدة اآلباء واألجداد الذين كان لهم الفضل في بناء معالمها التي ما تزال
شاهدًا على تعبهم وعظمتهم، النعيمة التي تتربع على نهاية سهل حوران الوادعة وأول
جبال عجلون الشامخة، هذه البلدة بسهولها الخصبة شكلت جزءًا كبيرًا من سهول حوران
ذات السنابل الذهبية، هي النعيمة بأهلها األنقياء األوفياء لبلدهم.
اكملت دراسة التوجيهي في مدرسة النعيمة الثانوية.
، كان لي الفرصة الرائعة أن التحقت بجامعة بابل في العراق عام ،1995 إذ حالت الظروف
جامعيًا
التي سادت وقتها دون إكمال دراستي، فالتحقت بمؤتة عين الجنوب الوفي، الجامعة التي
زرعت فينا الوفاء للوطن، وأنبتت فينا كل معاني مؤتة المعركة بأن التضحية يجب أن تكون
إلى حد الفداء.
في مؤتة كما في بابل.. كان اختياري للقانون مجاًال للدراسة، القانون الذي نبحث عن تطبيقه
كنهج في مناحي حياتنا كافة، في الشارع والعمل في السوق والمستشفى.
القانون كما درسه والدي وعلمني اياه، وأوصاني بدراسته.
وعند الحديث عن التدريس، فإنه يقفزالى الذهن في دراسة هذا التخصص، أن المدّرسين في
تلك المرحلة كانوا من اكثر نظرائهم في الهيئات التدريسية حرصًا على تدريسنا »أصول
القانون«، كونهم يتسلحون بالخبرة الواسعة في مؤهلهم العلمي، وال أنسى وأنا أنسب
الفضل العلمي ألهله، أن أذكر، أن معظم الدكاترة كانوا من العراق الشقيق وعلى رأسهم
القامة العلمية، االستاذ الدكتور سعدون العامري.
هذا كان من حسن حظي وحظ زمالئي الذين جلست معهم على مقعد الدراسة في الجامعة،
أن ننهل من معين أولئك القامات، والذين أثروا مداركنا العلمية بكل إخالص مهنة التدريس
وأخالقياتها.
أما الحديث عن والدي ووالدتي، رحمهما هللا، فهما كانا دائمي التشجيع على العلم والمعرفة..
والدي خريج جامعة دمشق في العام ١٩٧٣ ووالدتي حاصلة على شهادة التوجيهي عام ١٩٦٧
وكانت من اوائل النساء المتعلمات في بلدة النعيمة.
والدي تربوي وخدم في وزارة التربية والتعليم لعقود ثم مارسمهنة المحاماة لعقود أخرى.
، وقيمة األرض المعنوية لديه اكبر من قيمتها المادية، هي أرث تاريخي
للزراعة ايضًا
كان محبًا
عن ابيه وجده وكان ينظراليها على أنها أمانة في عنقه.
علمني والدي الكثير، علمني أن حب األرض من حب اإلنسان والوطن، وأن الزراعة تغرس
اإلنسان جذورًا في أرضه وليست فقط غرسالشجر والحبوب.
ومع اعتزازي بالعمل الوظيفي لدى الحكومة، فإنني أرى نفسي مزارعًا على أرض الواقع، كما
أجد في هذه الحرفة متعة حيث أقوم بفالحة االرض التي عادة ما تكون مستأجرة، وأزرعها
بالقمح والشعير، الى أن شعرت بأنني واحد من أبناء هذا الوطن الذي يسهم بدعم اإلنتاج
الوطني في قطاع الزراعة، من خالل كميات المحصول الذي زرعته)القصد التشجيع على
الزراعة(.
مزارع يشعر بهذا الزهو، ولكنه يعيش في مجتمع أغمضعينه عن الزراعة التي كانت وما تزال
لفئات من الناس، واكتفاء لوطن كان يصّدر القمح
السبيل لتحقيق مصدر يكون عيشًا كريمًا
لدول الجوار والمنطقة، ذات مرحلة.
مثل هذا العمل، أقوم به وأشقائي بفالحة االرض التي ورثناها عن والدي، ونحسب في هذا،
رسالة لنا، ووصية من وصاياه الكثيرة التي طالبنا أن نحرصعليها.
ماذا عن عمل الدائرة وعملك؟
هذه الدائرة تقدم خدماتها لالردنيين وغير االردنيين، فهناك خدمات تقدم لألشقاء
الفلسطينيين، وقطاع غزة أملتها ظروف سياسية وعملت عليها العالقة الوثيقة بين االردن
والدولة الفلسطينية، وكذلك تقديم الخدمة لكل من هو بحاجة الى إصدار وثيقة تسهل عليه
الدخول الى المملكة والخروج منها وما يحتاجه أثناء إقامته في أي بلد من بلدان العالم.
تعمل هذه الدائرة في الضوء، وأعني أن عملها واضح ومباشر مع الجمهور وحساس بحكم
طبيعة الوثائق الشخصية المقدمة لكل من تعنيه ويثبت حقه فيها، وأن ما تقدمه الدائرة، أو
تقّصر به، يلمسه المواطن.. عمل في الضوء، لكنه في الوقت ذاته، بعيد عن األضواء، وأقصد
هنا اإلعالم، وألن الهدف، هو خدمة المواطنين وإرضاؤهم، اذ يكفي أننا في الدائرة لم نتلق
ر على مصالح المواطنين.
ّث
شكاوى تشيرالى تقصيرأ
ولعل انتقال الدائرة الى العمل االلكتروني، ساعدنا كعاملين ومواطنين مستفيدين من
الخدمة على سرعة اإلنجاز وتوفير الوقت والجهد، كما أن ارتباط الدائرة بالدوائر الرسمية في
المملكة من شأنه تقديم الخدمة المثلى في العمل الرسمي، وربما نصل في المستقبل
القريب إلى أن تسهم الخدمة االلكترونية في تخفيف أزمة المواصالت واألعباء المادية عن
المستفيدين من الخدمات الحكومية.
وجراء هذه الخدمة فإنه من المؤكد أن تقل المراجعات الشخصية التي يعاني منها المواطن
والتي تسبب أيضًا ضغطًا على الموظف، حيث تتعامل الدائرة مع جمهور عريض، إذ تحكم هذا
التعامل خصوصية ونوعية العمل الذي تقدمه.
وعلى سبيل المثال ال الحصر، تنجز دائرة االحوال المدنية ثالثة ماليين وثيقة سنوية، اضافة الى
قيامها بإعداد جداول الناخبين باعتبارها مرجعية في هذه الوثائق.
، الى دور هذه الدائرة في إصدار الوثائق للمواطنين األجانب عند حدوث
ويمكن االشارة، أيضًا
الواقعة في االردن )الوالدة أو الوفاة(، وكذلك ما تقدمه. في خدمة المغتربين االردنيين.
« هي تفويض المحكمة الشرعية في القدس بقبول
ومن الخدمات المهمة للدائرة، حديثًا
طلبات جوازات المقدسيين.
أما عن عملي الحالي الذي أتشرف به لخدمة المواطن األردني وتسهيل معامالته في الدائرة،
فهو الناطق اإلعالمي للدائرة وإدارة فريق العالقات العامة الذي يستند في العالقة
الوظيفية الى مبدأ التشاركية والمسؤولية والتعاون الوظيفي،والتنافس في تقديم الخدمة
العامة.
زمالئي جميعًا من موظفي وموظفات، دائرة األحوال المدنية، ومنهم موظفو المديرية، هم
اهمية
على قدر كبير من الكفاءة واالخالص ونعمل بتوجيهات اإلدارة العليا التي تؤكد دائمًا
التواصل مع المواطنين وتلمساحتياجاتهم وقضاياهم واالجابة على استفساراتهم، كما تركز
على ضرورة وجود خطة واضحة لتنفيذ المبادرات المتعلقة بالتسهيل على المواطنين، واألهم
من ذلك )عامل الوقت( في تنفيذ تلك المبادرات.
من يعمل في هذه الوظيفة)عالقات وإعالم( عليه أن يتمتع بالصبر ويتفهم احتياجات
المراجعين ويحتويهم عند حدوث أي اختالف في وجهات النظر، وأن يبني عالقات ثقة مع
الجمهور.
را في نفسك؟
ّث
موقف وظيفي وآخر خاصأ
أن تخدم الناس من خالل عملك الوظيفي بكل احترام وأن تشعرهم بأنك موجود في هذا
المكان لخدمتهم، فهذا له تأثير إيجابي على مقدمي الخدمة ومتلقيها، ويعكسصورة حضارية
للموظف وللمؤسسة التي يعمل بها، ويرسخ العالقات الطيبة بين الطرفين.
،
هكذا يجب أن تكون الخدمة، ولكن أكثر ما تأثرت به، وكان فيه جانب انساني، ووظيفي معًا
عندما دخَلْت الى المكتب سيدة اردنية تطلب إصدار هوية)بدل فاقد(، للمرة الثانية، البن لها
ُقتل في ليبيا، أثناء النزاع الليبي.
ولغاية تتعلق بالدفن، كان يجب إصدار الهوية الخاصة بالمتوفى، التي يترتب على فقدانها-
نجزت المعاملة بموجب هذا التفهم.
للمرة الثانية- اجراءات مالية وادارية.. تفهمتها الدائرة فُأ
وللتوضيح، فإن الحاالت االنسانية لها مبررات، وفي القانون صالحيات للمسؤول حيث تكون
الحالة االنسانية منسجمة مع احكام القانون.
على الصعيد الشخصي أو الخاص، فقد كان لرحيل والدي ووالدتي أثر عميق في حياتي.
هما من كانا شديدي الحرص على أن يكون االبناء والبنات صادقين مع مجتمع المنطقة،
وأينما كانوا، وأن للناسكرامات، واحترامهم واجب، ومساعدتهم عمل انساني وفيه خير.
لنا أثناء دراستنا وبعد
َحِرصا على ُحسن تربيتنا وأن نتميز في تعليمنا، اذ كان والدي متابعًا
الدوام، وعادة ما كان يكلفنا بحفظ آيات من القرآن، كل يوم.
والدي علمني أن حب األرض من حب اإلنسان والوطن، وأن الزراعة تغرس اإلنسان جذورًا
في أرضه وليست فقط غرسالشجر والحبوب.
هل أنت حزبي؟
لحزب، مع أن الحزبية كانت منتشرة في مرحلة
بأن أكون منضّمًا
فكر يومًا
أنا لست حزبيًا ولم ُأ
دراستي الجامعية، سواء في العراق أو االردن، كما هي األحزاب في دول عربية وغربية، ذلك أن
قناعتي في العمل العام ومدى قدرتي على خدمة الناس دون النظر ألي اعتبار جهوي أو
مناطقي أو عرقي، تجعلني أن أظل مواصًال القيام بهذه الخدمة. وإليماني بأن الخدمة حق
أصيل من حقوق الناس، وواجب من واجبات مهمتي في العمل، فإنني أحسبها كذلك، نوعًا
من الخدمة التي تتطلب من المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، ومنها
األحزاب، تقديمها ألصحابها الذين يشاركون في بناء الدولة، من خالل ما يترتب عليهم من
استحقاقات مادية وعملية.
على أنني انظر الى التحديث السياسي بأنه مشروع وطني واعد يقوده جاللة الملك، ويجب أن
نكون على قدر المسؤولية تجاه هذا المشروع بتشجيع الشباب على المشاركة في العمل
الحزبي ألنهم عماد الحياة السياسية في األردن.
آخر لتجديد النشاط الوظيفي للنخب السياسية
والتحديث السياسي يجب أن ال يكون ميدانًا
واالقتصادية اال بمقدار مساهمتها الحقيقي في اثراء العمل السياسي وتعزيز دور الشباب
فيه.
كما أرى أن مشاركة المرأة في التحديث السياسي ضرورة وطنية وهو ما يعزز ادوارها في
الحياة العامة في األردن.
اليوم نحن نبدأ مرحلة جديدة في مسيرة التحديث السياسي ومن المهم استثمار هذا التوجه
لتفعيل أدوار المرأة والشباب في األنشطة الحزبية.
في مشروع التحديث اإلداري، فإنه من الضرورة أن نستعيد القيمة اإلدارية للموظف العام
والقيمة المهنية للوظيفة العامة، فهناك قيمة للموظف غابت خالل الفترة السابقة، قيمته
كقائد ومحاور ومبدع، كما أنه يجب أن يكون أحد محاور مشروع التحديث، تحسين األوضاع
المالية للموظف العام بما ينعكسعلى تحسين تعامله مع متطلبات وظيفته.
كيف ترى االعالم االردني؟
اإلعالم األردني كان نموذجًا عربيًا كما تميز األردن بالعديد من المجاالت.. مثل الصحة والتعليم
العالي واإلنتاج الدرامي الذي حقق فيه االردنيون قصب السبق في سنوات سابقة، ولكن
يجب أن نعترف ومن باب التأشير على الخلل وليس من باب النقد، اننا شهدنا تراجعًا في
العديد من الميادين.. ويجب أن نفكر جميعًا إلعادة األلق إلى المنجزاألردني.
للدفاع عن
للدولة االردنية وشكل سالحًا
اإلعالم االردني كان له دور كبير، وكان ذراعًا قويًا
األردن وتاريخه ومنجزاته ولكنه لم يحافظ على التطور الذي حققه ويمكن ان تكون هناك
اسباب كثيرة لذلك ومنها انه تأخر في مواكبة التطورات اإلعالمية وتأخر في مواكبة تحديث
ادواته بما يوازي الثورة الرقمية.. هذه واحدة من األسباب وهناك العديد منها.. وهنا استثمر
هذه الفرصة للدعوة إلى تكثيف الحراك اإلعالمي الستعادة األلق لإلعالم األردني.
رسالتك الوظيفية؟
الرسالة التي أعمل بها وظيفيًا وادعو الزمالء لها، أن ننظرالى المواطن بأنه شريك في إصدار
الوثائق، وضرورة احتواء المراجعين وإشعارهم بعدم التقصير من تقديم الخدمة، والمهم أن
يتفهم المواطن إجراءات العمل ودقتها وقانونيتها وأنه في جميع األحوال يجب أن تكون
هناك ثقة متبادلة في اإلنجاز والوقت المطلوب.
إن انتقال العمل من الورقي أو اليدوي الى االلكتروني وفر على الجميع الجهد عما كان عليه
قبل سنوات، ال بل أن ترويج الخدمة االلكترونية بشكل مؤسسي وفي برنامج سينفذ خالل
أيام، ستؤتي هذه الخدمة ثمارها لصالح المواطنين والعمل في هذا المجال.