لماذا الذكاء الاصطناعي العدو الأول للمرأة في العالم؟ قوانين دولية أولى خطوات معركة البقاء لمواجهة كوارثه على النساء
يبدو أن المرأة لديها قضية عالمية جديدة في السنوات المقبلة، ولكن في تلك المرة، العدو الأول لها الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أن كشفت العديد من التقارير العالمية، أن تلك التكنولوجيا الجديدة تسببت في فصل الملايين من النساء حول العالم، وبالطبع بنسب تفوق بكثير بالمقارنة بالرجال، وهي ظاهرة رصدتها العديد من الأبحاث والشركات المتخصصة في هذا المجال.
وكان البعد الآخر الذي يجعل الذكاء الاصطناعي عدوا كبيرا للمرأة، هو التوسع الكبير حول العالم، لصناعة مواد إباحية من صور ومقاطع فيديو، وذلك لأسباب مختلفة، سواء بحثا عن الماكسب الماية، بوضع شخصيات شهيرة بمقاطع فيديو، أو بهدف الابتزاز للنساء، وهي ظاهرة تعد عالميا، بعد أن تم رصدها في العديد من بلدان العالم، وذلك وفقا لتقارير عالمية رصدت تلك الأزمة.
وظائف النساء الأكثر تهديدا
وفي أحدث دراسة تم نشرها في شهر يوليو الماضي، توصلت شركة تحليلات الموارد البشرية “Revelio Labs”، إلى أن وظائف النساء هي الفئة الأكثر تهديداً بسبب التكنولوجيا الحديثة، مقارنة بالمهن التي يشغلها الرجال، وأكدت نتائج الدراسة أن السبب الرئيسي وراء ذلك، هو التحيز المجتمعي في توزيع الجنسين على المهن، وبالتالي تأثير الذكاء الاصطناعي سيكون متحيزا هو الآخر، ووفقا لما ذكرته وكالة “بلومبرغ” فإن الدراسة حددت الوظائف، التي من المرجح استبدالها، كجامعي الفواتير والحسابات، ومنظمي الرواتب والأمناء التنفيذيين والسكرتارية.
وعلى سبيل المثال يمكن لأداة ك ChatGPT البحث عن كميات كبيرة من النصوص ومراجعتها وتلخيصها بسرعة، وهي مهام تستغرق عادة من المساعدين الإداريين والقانونيين وقتا أطول لإنجازها، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة عملية فرز السير الذاتية، وغيرها من المهام التي تتطلب المزيد من الأشخاص، وقد رجح خبراء أن ثورة الذكاء الاصطناعي، يمكنها القضاء على 300 مليون وظيفة بدوام كامل في العالم لكلا الجنسين، وعلى سبيل المثال صنف موقع “stylecraze” الوظائف التي تتولاها النساء في أميركا، وفي صدارتها التعليم، إذ بلغت نسبة النساء العاملات بالتعليم في الولايات المتحدة الأميركية 76 في المئة وهي نسبة أكبر مما كانت عليه منذ عقود، وذلك وفقًا لبيانات وزارة التعليم الأميركية، وهي من القطاعات التي سيكون للذكاء الاصطناعي دورا كبيرا به على حساب النساء، وهكذا في العديد من المجالات حول العالم.
وكذلك الحال في قطاع الموارد البشرية حيث يمثل النساء به 86%، وكذلك في مجال المحاسبة، رغم أنه يُنظر إلى المحاسبة على أنها مهنة يسيطر عليها الذكور، فقد تحولت المحاسبة على مر السنين لتصبح أكثر مساواة في أميركا، ويعود الأمر إلى عام 1983، عندما بدأت النساء في اكتساب مكانة في هذه المهنة، وهي أيضا من المهن التي بدأ الذكاء الاصطناعي السيطرة عليها.
النساء أبرز ضحايا المواد الإباحية المزيفة
ومن أكثر الأمور التي تشكل تهديد للمرأة، وأزمة مازال العالم حائرا أمامها، تنتشر مئات تطبيقات الصور التي تعرّي النساء رقمياً، وتساهم في آلاف الرسائل الجنسية الطابع التي تُستخدم فيها صور لفتيات ولّدهن الذكاء الاصطناعي، والصور التي خضعت للتلاعب بهدف “الابتزاز الجنسي”، حيث تزدهر المواد الإباحية المزيفة، فيما يعجز المشرّعون عن اللحاق بتطورها السريع، وقد تجاوز الانتشار السريع لمحتويات مماثلة مُعدَّلة عبر برامج الذكاء الاصطناعي، الجهود الأميركية والأوروبية لتنظيم هذا المجال التكنولوجي الجديد.
وبحسب تقرير نشرته مؤخرا وكالة فرانس برس، فإن أكثر استخدام الخوارزميات في العالم، يكون بهدف لتوليد محتوى إباحي من دون علم الأطراف المستهدفين الذين تُدَمَّر حياتهم أحياناً، لذلك وبحسب الخبراء، فإن النساء هنّ أولى ضحايا هذه الممارسات، وتقول الباحثة في جامعة بنسلفانيا صوفي مادوكس التي تتعقب الانتهاكات الجنسية المرتبطة بالصور، إن ظهور المواد الإباحية المفبركة عبر برامج الذكاء الاصطناعي يجعل استخدام صورة امرأة ما من دون موافقتها مسألة عادية، وتضيف كمجتمع، ما هي الفكرة التي نوصلها عن الموافقة عندما يكون من الممكن تجريد أي امرأة تقريباً من ملابسها؟”.
96% من مقاطع الفيديو المزيفة تمت بدون علم أصحابها
وبالطبع أصبح الذكاء الاصطناعي مخاطرة كارثية على النساء، حيث أنه من شأن هذه الصور المزيّفة أن تدمّر سمعة الشخص المُستهدف من خلال استخدامها لتخويفه أو مضايقته، فيما تشكل مؤشراً إلى الخطر الذي تنطوي عليه المعلومات المضللة المُبتكرة بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتشير دراسة أجرتها شركة “سينسيتي” الهولندية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي عام 2019، إلى أن 96% من مقاطع الفيديو المزيفة عبر الإنترنت تضم مواد إباحية لم تحظ بموافقة المعنيين بها ومعظمهم من النساء، وهناك آلاف الشهادات التي تم نشرها عبر وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية تدلي بها أكاديميات أو ناشطات صُدمن عندما رأين وجوههنّ في محتويات إباحية مزيفة.
وتقول المسؤولة عن الذكاء الاصطناعي لدى شركة “بلاك بيرد دوت ايه آي” روبرتا دوفيلد إن المخيلة الجنسية التي تعد مسألة شخصية وكانت سابقا ترتبط مباشرة بدماغ شخص ما حصرا، بات ينقلها مجال التكنولوجيا ومبتكرو المحتوى في العالم الفعلي، وتشير إلى أن سهولة إتاحة برامج الذكاء الاصطناعي وعدم خضوع هذه التكنولوجيا للمراقبة، فضلاً عن تزايد الاحترافية في المجال، ترسخ هذه التقنيات كأشكال جديدة من استغلال النساء وإضعافهن.
صناعة حرفية مربحة جدا
وقد أدى التقدم التكنولوجي إلى ظهور ما تطلق عليه روبرتا دوفيلد “صناعة حرفية مربحة جدا” لمواد إباحية يتم إنشاؤها عبر برامج الذكاء الاصطناعي، مع موافقة عدد كبير من الفاعلين على إنشاء محتوى مدفوع لشخص ما يختاره الزبون، وقد حذر مكتب التحقيقات الفدرالي خلال الشهر الفائت من عمليات الابتزاز التي تستند إلى صور جنسية ابتُكرت بواسطة الذكاء الاصطناعي وجرى نشرها عبر وسائل التواصل واستخدامها للحصول على أموال من الضحايا الذين قد يكونون أطفالاً، أو أسرهم، ويبدو أن التشريعات لا تلحق بالانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي.
فيما يقول مدير عام ومؤسس شركة “سيرتس” المتخصصة في حماية الماركات دان بورسيل، إن القانون بحاجة إلى أن يتدارك تأخره، مضيفا أن هذه الأفعال ليست جانبا مظلما للانترنت حيت يتم ابتكار الصور ومشاركتها، بل مسألة نواجهها في أي مكان، داعيا إلى إقرار قوانين عالمية في هذا الشأن، ويقول إن الإنترنت مجال لا حدود له، وبالفعل في بريطانيا، يتم إعداد قانون لتجريم مشاركة المحتويات الإباحية واستغلالها، وقد سبق لأربع ولايات أميركية بينها كاليفورنيا وفيرجينيا، أن حظرت نشر مواد مماثلة، لكن غالباً ما يحجم الضحايا عن اللجوء إلى القضاء في حال كان صانعو المحتوى يعيشون خارج هذه الولايات.