وزيرة البيئة التونسية: حريصون على التنسيق المستمر وتبادل الخبرات مع مصر
قالت الوزيرة – في حوار خاص مع وكالة أنباء الشرق الأوسط – إن التعاون مع مصر يعتمد على العديد من البرامج التنفيذية وقع آخرها خلال مؤتمر المناخ بشرم الشيخ في مجال حماية البيئة بين وزارتي البيئة المصرية والتونسية على هامش انعقاد المؤتمر 27 للأطراف في الاتفاقية الأممية حول التغيرات المناخية نوفمبر 2022، موضحة أن لجان العمل المشتركة مستمرة وهناك لقاءات متعددة على مستوى الخبراء في مجال البيئة.
وعن أهم ملفات التعاون، أوضحت الوزيرة أن البلدين يمتلكان العديد من الخبرات المميزة في مجال البيئة، فهناك اهتمام من الجانب التونسي للتعرف على التجارب المصرية الناجحة في حماية الشريط الساحلي، فيما تهتم مصر بتجربة تونس في متابعة ومراقبة نوعية الهواء، لافتة إلى أن تنفيذ المشروعات المشتركة ينقصها فقط التمويل لإتمامها.
وأكدت أن تونس ومصر تمتلكان العديد من عناصر القوة لتتمكن من بلوغ أشواط هامة في مجال استغلال الطاقات المتجددة أيضا، اعتبارا من الإمكانيات الطبيعية التي تتمتع بها خاصة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إضافة إلى تواجد الخبرات والمعارف في هذا المجال، كما أن تواجد تونس ومصر بالحوض الجنوبي للمتوسط، وبمقربة من دول الاتحاد الأوروبي يمثل فرصة هامة لتصدير الطاقات المتجددة وتعزيز الاستثمار وتطوير أنواع جديدة من الطاقة في المستقبل وخاصة الهدروجين الأخضر.
وبشأن أهمية التزام الدول بتعهداتها تجاه البيئة ومدى تأثير ذلك على قضايا البيئة، قالت وزيرة البيئة التونسية إن هناك أهمية كبيرة في التزام الدول الغنية والمتقدمة بتعهداتها السابقة فيما يتعلق بمساعدة الدول الأكثر هشاشة وتضررا من التغيرات المناخية، خاصة وأن ذلك ينعكس بشكل مباشر على مصلحتها الخاصة فيما يتعلق بملف الهجرة.
وأوضحت الوزيرة أن عدم إيفاء البلدان المتقدمة بالتزاماتها تجاه الدول المتضررة من آثار التغيرات المناخية يجعلها غير قادرة على إتمام المشاريع والبرامج المتعلقة بتخفيض الانبعاثات، ويصعب من مهامها في مواجهة التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، وبالتالي تصبح هذه الدول الهشة أكثر هشاشة وأكثر عرضة للمشاكل المناخية، وإذا أضفنا إلى هذه الأمور الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها هذه البلدان، فبالتالي ستتفاقم العديد من الإشكاليات مثل تنامي البطالة والفقر ومن ثم ارتفاع ظاهرة الهجرة.
وأشارت إلى أنه على الدول المتقدمة والغنية أن تعي أن عوامل الهجرة كلها مترابطة وتدور في دائرة واحدة ويجب معالجتها من الجذور، لافتة إلى أن هناك اجتماعات تمت في نيروبي لمناقشة العلاقة بين البيئة والتغيرات المناخية والهجرة على مستوى أفريقيا، وبالتالي على الدول المتقدمة أن تعي أن الالتزام بتعهداتها كما يمثل فائدة للدول الحاصلة على المساعدات، يمثل أيضا فائدة لها.
وقالت الوزيرة إن مسألة معالجة آثار التغيرات المناخية مسؤولية جماعية، تتطلب معالجة دولية، فإن أي تقصير من دولة تجاه التزاماتها تجاه البيئة لا ينعكس عليها منفردة، بل يؤثر على العالم ككل، وبالتالي لابد من حشد العزيمة وتفعيل الإرادة من أجل الوقوف أمام أخطار تضرر البيئة.
وأكدت أن التغيرات المناخية تمثل حاليا أحد التحديات الرئيسية للتنمية المستدامة والعادلة وتتطلب تدخلا عاجلا أكثر من ذي قبل بسبب تنامي التداعيات التي نعيشها حاليا، لافتة إلى أن الوضع العالمي الحالي يتطلب مسارات تفاوضية أكثر سرعة والتزاما أكثر وضوحا من كل الدول، خاصة الدول المصنعة لمجابهة تغير المناخ، ودعم مجهود الدول النامية الأكثر حساسية لهذه الظاهرة.
وبشأن دلالات استضافة دولة عربية ثانية لمؤتمر المناخ “كوب 28” للمرة الثانية على التوالي، قالت إن استضافة منطقتنا العربية لمؤتمرين متتاليين حدث في حد ذاته، كما يشكل فرصة هامة لتعزيز تموقع الدول العربية في إطار المفاوضات الدولية حول المناخ، والتركيز على الأولويات الخاصة بالمنطقة العربية خاصة في مجال الأمن المائي، والأمن الغذائي وتعزيز التمويلات في مجال تغير المناخ.
وثمنت الوزيرة استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر المناخ العالمي نهاية العام الجاري باعتبارها ثاني دولة عربية تستضيف هذه التظاهرة العالمية بعد الشقيقة مصر، معربة عن أمنياتها بنجاح هذه الدورة مثلما حققته الدورة السابقة “كوب 27” للأطراف في الاتفاقية الأممية حول التغيرات المناخية بشرم الشيخ نوفمبر 2022.
وبيَّنت أن من أهم الملفات التي يجب التركيز عليها خلال قمة الإمارات هي مسألة التمويل فيما يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية، ومناقشة الأمور المتعلقة بإدخال فكرة الصندوق الخاص بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية حيز التنفيذ وهو ما يعد تحديا كبيرا، وهناك كذلك ملف التوصل لصيغة نهائية بشأن توفير مبلغ 100 مليار دولار لمكافحة آثار التغير المناخي، والتي كانت قد تعهدت بتأمينها الدول المتقدمة قبل سنوات، لما لذلك من أهمية خاصة للدول النامية المتعرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وقالت إن هناك أيضا المسائل المتعلقة بصفة خاصة بالتكيف مع التغيرات المناخية على غرار برنامج عمل تحديد الهدف العالمي للتكيف والمسائل المتعلقة بالتمويل على غرار تحديد الهدف العالمي للتمويل ابتداء من سنة 2025، إضافة إلى بذل المزيد لتفعيل أسواق الكربون بموجب الفصل 6 من اتفاق باريس وهي النقاط التفاوضية الرئيسية التي سيتم التركيز عليها خلال المشاركة التونسية في القمة 28 للمناخ بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وفيما يتعلق بالمنتظر من “كوب 28″، أضافت الوزيرة أن أهم النتائج المأمولة من المؤتمر هي استكمال أعمال برنامج الحصيلة العالمية، والذي سيمكن من تحديد الأهداف والمنهجيات العملية لإعداد التقييم الدوري لمدى نجاح تنفيذ الاتفاقية وتحديد أهم الحاجات المستقبلية خاصة للدول النامية في المجالات المتعلقة بالتكيف والتقليص من الانبعاثات وآليات الدعم والمساعدة.. فضلا عن إحراز تقدم فيما يتعلق بآلية الخسائر والأضرار والتي تم إقرارها خلال المؤتمر 27 بشرم الشيخ.
وتابعت الوزيرة “تبقى أيضا الإجراءات العملية لتمويل مشاريع وبرامج الدول الأكثر تضررا من المسائل الجوهرية لتفعيل آلية الخسائر والأضرار، واستكمال برنامج العمل لتحديد الهدف العالمي للتكيف مع التغيرات المناخية وإحراز تقدم فيما يتعلق بالتمويل المناخي، خاصة من خلال تحديد هدف عالمي جديد للتمويل وتقييم نجاح الآليات المالية للاتفاقية، واستكمال الإجراءات العملية لتفعيل أسواق الكربون بموجب الفصل 6 من اتفاق باريس حول المناخ”.
وعن أبرز التحديات التي تواجه تونس جراء تأثير التغيرات المناخية، قالت الوزيرة يأتي على رأس تلك الملفات التقلص الواضح في المعدلات السنوية لتساقط الأمطار، وهو ما ساهم في تفاقم الفقر المائي بتونس، حيث لا تتجاوز حصة الفرد الواحد 300 م3 لكل مواطن وهي نسبة دون الحد الأدنى للفقر المائي على المستوى العالمي بكثير (1000م3 لكل ساكن).
وقد تسببت التغيرات المناخية في العديد من الإشكاليات البينية والاقتصادية والاجتماعية، تمثلت خاصة في تقلص الموارد المائية بصفة ملحوظة سواء في مجال مياه الشرب أو الري الزراعي والذي يمثل حوالي 80% من الحاجات الوطنية من المياه، بالإضافة إلى العديد من الانعكاسات على القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على الموارد الطبيعية أو المنظومات البيئية الهشة على غرار الزراعة والسياحة والصناعة، فضلا عن تأثيرات التغيرات المناخية في تفاقم عدد من الإشكاليات الاجتماعية نتيجة لتقلص المردودية الاقتصادية للأنشطة الزراعية والسياحية.
وأضافت الوزيرة أن التكيف مع التغيرات المناخية وتقليص تداعياتها على الأمن المائي والغذائي والمنظومات البيئية والقطاعات الاقتصادية الأكثر هشاشة من أهم التحديات التنموية بتونس في الوقت الحالي.
وأوضحت أن تونس قبل المؤتمر 26 بجلاسكو حددت استراتيجية وطنية “NDC” لمجابهة التغيرات المناخية حتى 2030، تضمنت أهدافا طموحة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال التقليص من كثافة الكربون بنسبة 45% مقارنة بمستواها سنة 2010، كما حددت أهم أولوياتها وهي التكيف مع تداعيات التغير المناخي مع التركيز خاصة على تعزيز مقومات الأمن المائي والغذائي والمحافظة المستدامة على المنظومات الأكثر حساسية، على غرار الغابات والمراعي والسواحل والمناطق الرطبة والواحات.
ولفتت الوزيرة إلى أن تونس تولت قبل انعقاد مؤتمر “كوب 27” بشرم الشيخ تقديم استراتيجيتها للتنمية ذات المستوى المنخفض من الانبعاثات حيث راهنت على بلوغ الحياد الكربوني في 2050 كهدف أساسي للتنمية المستدامة بتونس.
ورأت أن بلوغ هذه الأهداف يتطلب إمكانيات مالية تتجاوز بكثير القدرات الوطنية وهو ما يتطلب إرساء آليات أكثر فاعلية على المستويات الدولية والإقليمية والتزاما أكثر من الدول المتقدمة بدعم تمويل برامج مجابهة التغيرات المناخية بالدول النامية الأكثر هشاشة وحساسية لتداعيات تغير المناخ.