12 تريليون دولار جائزة بوتين الكبرى| روسيا تستولي على كنوز أوكرانيا الثمينة.. معارك ذات أبعاد اقتصادية

ملفات12 تريليون دولار جائزة بوتين الكبرى| روسيا تستولي على كنوز أوكرانيا الثمينة.. معارك ذات أبعاد اقتصادية

الأحد 27/أغسطس/2023 – 02:30 م

printer طباعة

شارك

صورة أرشيفية صورة أرشيفية

معتز شمس الدين

“لا يوجد حرب ليس لها أبعاد اقتصادية” .. مقولة كانت تحث أي متابع أو قارئ للتاريخ للبحث عن الأسباب الأعمق للحروب بين الدول، وعند النظر وتحليل الحرب الروسية على أوكرانيا، هنا نكتشف بعد آخر للمعركة، بل وتفسر الكثير من التحركات العسكرية الروسية داخل الأراضي الأوكرانية، وبالتعمق أكثر فأكثر، تتلألأ في أعيوننا بريق الكنوز التي لم نكن ننظر إليها كهدف عند متابعة الحرب والبعد السياسي لها، ففى تلك اللحظة نكتشف الكنوز التي لا حصر لها التي أصبحت تحت يد قيصر روسيا الأعظم، الرئيس فلادمير بوتين.

 

وقد تُعرف أوكرانيا في جميع أنحاء العالم باسم “مخزن الحبوب في أوروبا”، ولكن للبلاد ثروات أخرى لا حصر لها، وهي التي تكمن أيضاً تحت الأرض، وتسيطر روسيا الآن على أجزاء كبيرة منها، مما يشكل قبضة خانقة على الاقتصاد الأوكراني، ومكاسب لا حصر لها للدب الروسي، فيكفي أن نعرف أنها تحوي الكثير من الحفريات بالغة الأهمية، سواء حديد أو الليثيوم وكذلك الذهب واليورانيوم، وهي كنوز تقدر بـ 12 تريليون دولار أمريكي.

 

 

 

كنوز بعمق كيلو واحد .. حديد زابوريزهيا بقبضة روسيا

 

 

 

قبل الحرب الروسية الأوكرانية، كان لأوكرانيا مناجم استخراج حديد بنسبة حديد تزيد عن 60 في المائة، وتلك الخامات التي كان يتم استخراجها من الأرض بالقرب من دوبروبيليا في منطقة زابوريزهيا بجنوب أوكرانيا، كانت على عمق حوالي كيلومتر واحد فقط، وكانت مطلوبة بشدة، حيث كان يتم تصدير حصة الأسد البالغة 4.5 مليون طن من هذه المواد الخام ذات الأهمية الاستراتيجية إلى دول أوروبية أخرى – إلى سلوفاكيا وجمهورية التشيك والنمسا، وكانت مناجم دوبروبيلجا تجلب عملات أجنبية تبلغ قيمتها حوالي 200 مليون يورو سنويًا إلى أوكرانيا، وقد كان يتم معالجة حوالي ثلث الحديد المستخرج في مصانع الصلب في العاصمة الإقليمية زابوريزهيا ويتم تصديره أيضًا على شكل فولاذ.

 

ولكن منذ صيف عام 2022، انتهى هذا الأمر في الوقت الحالي، حيث احتلت القوات الروسية دوبروبيليا، بلدة الطبقة العاملة الواقعة جنوب خزان كاتشوكا، والتي جفت الآن، وذلك لأن تلك الموارد ذات الأهمية الاستراتيجية تتجه الآن إلى روسيا، وقد تمت مصادرة مستثمري الشركة الأوكرانيين والسلوفاكيين والتشيكيين بحكم الأمر الواقع من قبل روسيا، وأصبحت تلك الكنوز تعوض بوتين عن تكاليف المعارك، بل وقد تحقق له مكاسب مالية مع باق الكنوز، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة فوكس الألمانية.

 

 

 

كنوز المواد الأولية تقدر بـ12 تريليون دولار أمريكي

 

 

 

ووفقا للصحيفة الألمانية، فقد انخفضت صادرات أوكرانيا من الخامات المعدنية بنسبة 60 % تقريبًا على أساس سنوي في عام 2022، حيث انخفضت إلى أقل من 3 مليارات دولار، وفقًا لدائرة الجمارك الأوكرانية، ووفقًا لتحليل أجراه مركز معلومات الصناعة GMK Center، ويعود جزء من هذا الانخفاض إلى الاحتلال الروسي لمناطق التعدين، وبشكل عام، يقدر الخبراء في مركز الأبحاث الكندي SecDev القيمة الإجمالية لرواسب المواد الخام الأوكرانية المحتلة بنحو 12 تريليون دولار أمريكي، فبالإضافة إلى خامات الحديد، هناك مواد خام أخرى مهمة لصناعة المعادن مثل الفحم الصلب والتيتانيوم والمنغنيز، ولكن أيضًا الذهب والغاز الطبيعي والبترول والكاولين والملح والجبس والزركونيوم واليورانيوم.

 

ولا يزال أكبر مخزون من خام الحديد – حوض كريفي ريه – ومجمعات المعالجة تحت سيطرة الحكومة في كييف، ولكن يتم قصفها بشكل منهجي من المناطق المجاورة التي تحتلها روسيا في جنوب شرق البلاد، فحسابات موسكو السياسية تكمن في المقام الأول في تدمير الإمكانات الاقتصادية لأوكرانيا، ويقول ياروسلاف شاليلو من المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في كييف: “لا يهم ما إذا كانت الموارد قد تم الاستيلاء عليها أو تدميرها عن طريق القصف”.

 

ويتحدث الخبير الاقتصادي عن العواقب الوخيمة التي لحقت بإنتاج الصلب الأوكراني بسبب نقص الموارد، وفي حين صدرت أوكرانيا ما يقرب من 20 مليون طن من المنتجات المعدنية في عام 2021، فقد بلغت 2.5 مليون طن فقط في النصف الأول من عام 2023 – بانخفاض قدره 80 بالمائة تقريبًا على مدار العام، فقد دمرت القوات الروسية مصانع الصلب الأوكرانية الكبيرة في ماريوبول، وتكافح مرافق الإنتاج المتبقية من أجل البقاء.

 

 

 

صعوبة الحصول على المواد الخام تحت الحصار

 

 

 

وبحسب التقارير الأوكرانية، فإنه يوجد ما يصل إلى 80 بالمئة من الفحم الأوكراني في المناطق التي تحتلها روسيا في شرق البلاد، حيث فحم الأنثراسايت ذو القيمة الخاصة من حيث الطاقة، وهو يخضع للسيطرة الروسية بنسبة 100% ويجب استيراده من دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو جنوب إفريقيا، وهذه الواردات باهظة الثمن بشكل خاص بسبب الحصار الروسي على موانئ البحر الأسود الأوكرانية، فيجب استيراد المواد الخام عبر موانئ الدول المجاورة مثل بولندا أو رومانيا، ومن ثم يتم نقلها بالسكك الحديدية.

 

وتواجه الصناعة الثقيلة الأوكرانية نفس المشكلة عند تصدير الإنتاج، الأمر الذي يثير التساؤلات حول القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية الأوكرانية، ويقول الخبير الاقتصادي شاليلو: “تريد روسيا استنزاف أوكرانيا اقتصاديًا وتصوير البلاد في الدعاية على أنها “دولة فاشلة” لا يمكنها البقاء بدون روسيا”.

 

 

 

المنافسة على المواد الخام للمستقبل؟

 

 

 

وترى أوليفيا لازارد، من مركز أبحاث كارنيجي أوروبا في بروكسل، أن الاستيلاء على المواد الخام الأوكرانية هو أحد الدوافع الرئيسية للغزو الروسي، واستخدام القوة لتأمين الموارد الاستراتيجية – ويرى عالم السياسة أن هذا نمط في السياسة الروسية، وأشافت لازارد: “بمساعدة مرتزقة فاغنر، لم تقم موسكو بتأمين الذهب والماس في أفريقيا منذ سنوات فحسب، بل أيضا المواد الخام الضرورية للتحول الأخضر، مثل الليثيوم والكوبالت وغيرها من العناصر الأرضية النادرة”.

 

وقبل أشهر قليلة من غزو روسيا لأوكرانيا – في يوليو 2021 – أبرم الاتحاد الأوروبي شراكة استراتيجية في مجال المواد الخام مع كييف، حيث هناك 30 مادة مدرجة في قائمة الاتحاد الأوروبي للمواد الخام الحيوية المطلوبة “للتحول الأخضر”، ويقول الخبراء إن ثلثيهم موجودون في أوكرانيا، ولكن في ضوء المخاطر المترتبة على تغير المناخ فإن ثروة أوكرانيا تثير أيضاً الجشع في موسكو.

 

وعلى خلفية نقص الموارد، ترى روسيا نفسها بشكل متزايد لاعبا رئيسيا في توفير موارد الطاقة والأمن الغذائي وإمدادات المياه، وبالاستعانة بمثال اتفاقية الحبوب المعلقة، فإننا نشهد الآن كيف تحول أمن الإمدادات العالمية إلى رهينة للطموحات الروسية إلى السلطة، فبالنسبة لروسيا، جميع الموارد هي أيضًا أداة، وذلك بحسب ما جاء بتقرير الصحيفة الألمانية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى