سلالة مختلفة من كورونا هذا الخريف
تتجه أنظار العلماء نحو سلالة جديدة من كورونا مختلفة عن سلالة (إكس بي بي) المنحدر منها متحور (إي جي 5)، الذي نشط بشكل لافت هذا الصيف. تم اكتشاف سلالة “بي إيه 2.86″، التي أطلق عليها بعض العلماء اسم “بيرولا”، لدى قرابة 12 شخصاً فقط، في أنحاء عديدة من العالم، فيما يقول العلماء إن ما يثير القلق بشأن السلالة الجديدة هو احتواؤها على أكثر من 30 طفرة في البروتين الشوكي (السبايك)، وهو ما يساعد الفيروس على دخول الخلايا والتسبب في العدوى. وهذا يعني أن السلالة الجديدة “بيرولا” قادرة على مقاومة اللقاحات الحالية بسهولة، وعدوى كورونا السابقة أيضاً. ومن المحتمل أن تقاوم أيضا الجرعة التعزيزية المتوقع أن تتم الموافقة عليها الخريف القادم. تقول كاتلين جتيلينا، المستشارة العلمية في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ومؤلفة نشرة “عالم الأوبئة المحلي”، إن “السلالة مختلفة تماما عن السلالات السائدة المتداولة الآن، ومن غير الواضح ما إذا كان سينجم عنها أعراض أكثر خطورة..” ماذا نعرف عن سلالة “بي إيه 2.86″؟
سُجلت حالات إيجابية بسلالة “بي إيه 2.86” في الولايات المتحدة وإسرائيل والدنمارك وجنوب أفريقيا والبرتغال والمملكة المتحدة. وبعض الحالات لأشخاص سافروا حديثاً، ما يوحي بأن هناك انتقالا مجتمعيا للفيروس. أيضاً تم رصد المتحور الجديد في مياه الصرف الصحي في الولايات المتحدة وتايلند وسويسرا، ولكن الشيء غير المعروف بعد هو مدى قابلية انتقال هذا المتحور، وما إذا كان سينتشر على نطاق واسع أم يتلاشى مثل العديد من السلالات الأخرى، وهل سيكون المرض الناجم عنه أكثر خطورة؟.
تفترض الباحثة “جتيلينا” أن انتشار سلالة “بي إيه 2.86” على نطاق واسع سيجعلها قادرة على مقاومة الأجسام المضادة الموجودة في أجسامنا من اللقاحات وعدوى كورونا السابقة بالفيروس، ما يجعل الإصابة بالعدوى أسهل، لكن هذه السلالة قد لا تنجح في اختراق الخلايا التائية (نوع من خلايا الدم البيضاء التي تقاوم العدوى)، والتي تعتبر خط الدفاع الثاني لجهاز المناعة في أجسامنا، وتحمي من الأمراض الخطيرة . وفي تقييم المخاطر الصادر في 23 آب الجاري، قال مركز السيطرة على الأمراض (CDC) إن العلماء يعكفون على تقييم فعالية الجرعة المعززة للقاح (كوفيد-19)، المتوقع طرحها خريف هذا العام، على السلالة الجديدة. يرى عالم الفيروسات في مركز سياتل للسرطان “جيسي بلوم” أن الانتقال المجتمعي للسلالة الجديدة من المحتمل حدوثه الآن، في ظل اكتشاف تسلسلات متعددة من المتحور في دول مختلفة، موضحاً بأن “القفزة التطورية” لمتحور “بي إيه 2.86” تشبه تلك التي حدثت لمتحور أوميكرون الأصلي، والذي ظهر على الساحة في شتاء العام 2021، ونجم عنه ارتفاع كبير في عدد الإصابات بالفيروس.
بدورهم، لا يعرف العلماء أصل السلالة الجديدة، لأنها تحوي الكثير من الطفرات، ولكنهم يتوقعون بأنها تطورت ربما على مدار أشهر لدى شخص يعاني من ضعف المناعة ويعاني من عدوى مزمنة. ومع تقليل جهود المراقبة للسلالات الجديدة من كورونا، يمكن أن تكون السلالة الجديدة شائعة في منطقة ما دون أن تتم ملاحظتها، كما يقول العلماء. ويرى أستاذ علم الأوبئة في جامعة نورث كارولينا “جاستن ليسلير” أنه حتى وإن لم تنتشر سلالة “بي إيه 2.86” على نطاق واسع، فإنها تذكرنا على الدوام بأن سلالات مختلفة قد تظهر على السطح فجأة، ولكن حقيقة أن الأماكن التي وجدت فيها السلالة لم تشهد زيادة كبيرة في عدد الحالات هي علامة إيجابية تبعث على الأمل بأن السلالة قد لا تتكاثر بسرعة، على حد قوله. ويحذر بعض خبراء الصحة العامة من المبالغة في قراءة السلالة الجديدة، ويقولون إنهم لا يريدون دق ناقوس الخطر من سلالة ربما تزول وتندثر سريعاً، فالقيام بذلك يعني إطلاق أجراس الإنذار كل يوم.