إفتاء كبار علماء الشريعة بإمكانية حِل اللحوم المزروعة
قد تؤثر هذه الفتوى الأولى من نوعه على الطريقة التي يتناول بها مليارات البشر اللحم في المستقبل
أعلن اليوم GOOD Meat، قسم اللحوم المزروعة التابع لشركة Eat Just, Inc. أن مجموعة من كبار العلماء المسلمين أفادوا الشركة بإمكانية حِل اللحوم الحقيقية المصنوعة من الخلايا بدون تربية الحيوانات أو ذبحها إذا استوفت عملية الإنتاج معايير معينة. جدير بالذكر أن التوصل إلى إجابة قاطعة لهذه المسألة الفقهية هو خطوة مهمة للغاية تسهم في القبول الدولي للحوم المزروعة نظرًا إلى أن مستهلكي المنتجات الحلال يمثلون نحو 25% من سكان العالم.
صدرت هذه الفتوى التاريخية من ثلاثة من العلماء الأجلاء في المملكة العربية السعودية بالتزامن من بدء دخول اللحوم المزروعة إلى السوق في الولايات المتحدة الأمريكية ومع وصول المعلومات التي تفيد المستهلكين على مستوى العالم بأن اللحوم المصنعة بهذه الطريقة يمكن أن تساعد في مواجهة تحديات النظم الغذائية العالمية المرتبطة بتغير المناخ وسلامة الأغذية والأمن الغذائي ورعاية الحيوانات. وفي ظل الزيادة السريعة في عدد السكان المسلمين، يتزايد استهلاكهم للحوم أيضًا، إذ بلغ حجم تجارة اللحوم الحلال على مستوى العالم 202 مليار دولار أمريكي في عام 2021، ومن المتوقع وصوله إلى 375,05 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، وفقًا لبعض التقديرات.
نظر علماء الشريعة في الوثائق التي أعدتها GOOD Meat والمحامون في AlDhabaan & Partners بالتعاون مع Eversheds Sutherland، والتي وصفت كيفية صنع الدجاج المزروع الذي يعد المنتج الأول للشركة. وقد درست اللجنة التفاصيل المتعلقة بكيفية الحصول على الخلايا واختيارها والمكونات التي تتغذى بها الخلايا لتحفيز النمو، وكيفية حصاد الخلايا وكيفية تصنيع المنتجات النهائية.
بالإضافة إلى ذلك، استعانت GOOD Meat أيضًا بقسم استشارات المنتجات الحلال، وهو قسم تابع لشركة Halal Product Development Company، التي تعد شركة فرعية مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية، بغية تقديم المشورة ومساعدة الشركة في العملية الرسمية الهادفة إلى الحصول على التصديق المسبق على حِل المنتجات في المملكة العربية السعودية والعالم.
خلص العلماء إلى أن اللحوم المزروعة يمكن أن تكون حلالاً وفقًا للشروط التالية:
• استخلاص سلالة الخلايا من حيوان مباح أكله، مثل الدجاج أو البقر
• ذبح الحيوان الذي تُستخلص منه سلالة الخلايا وفقًا للشريعة الإسلامية
• أن تكون المواد الغذائية المغذية للخلايا مباحًا أكلها، وألا تتضمن أي مواد محظور أكلها، مثل الدم المسكوب أو الكحول أو المواد المستخرجة من الحيوانات غير المذبوحة بالطريقة الصحيحة أو الخنازير
• أن تكون اللحوم المزروعة صالحة للأكل وألا تُشكل أي ضرر على صحة البشر، ويتم تأكيد هذا الأمر عن طريق الاستعانة بالمتخصصين، مثل هيئة الرقابة على الأغذية في الدولة
لم تستوفِ سلالة خلايا الدجاج ولا عملية الإنتاج في GOOD Meat، والتي حصلت على موافقة الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة وسنغافورة، هذه المعايير المذكورة سابقًا بعد، ولكن في ظل توضيح المعايير المطلوبة ستعمد الشركة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لاستيفاء معايير حِل المنتجات.
صرح Josh Tetrick، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة GOOD Meat، قائلاً: “إذا كانت اللحوم المزروعة ستلعب دورًا في تلبية احتياجات نظامنا الغذائي المستقبلي، فيجب أن تكون خيارًا متاحًا لمليارات البشر على مستوى العالم الذي يأكلون الطعام الحلال. وقد أسهمت الفتوى التاريخية في توضيح المتطلبات اللازمة لتحقيق هذا الهدف المنشود، ومن هذا المنطلق، يجب على الشركات العمل على تصميم آلية من شأنها اتباع هذه الإرشادات.
جدير بالذكر أن الفتوى المذكورة آنفًا هي مؤشر إيجابي لشركات اللحوم المزروعة التي ترغب في خدمة مناطق في العالم تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين، مثل الشرق الأوسط. وفي واقع الأمر، أظهر استطلاع حديث شمل أكثر من 2000 مستهلك في ستة بلدان كبيرة في الشرق الأوسط أن الغالبية العظمى من المشاركين أعربوا عن إمكانية شراء اللحوم المزروعة واستبدال اللحوم التقليدية بها، بشرط حِلها وبيعها بسعر مماثل وتمتعها بنفس المذاق المعتاد. هذا، وقد استطلعت الدراسة التي أجرتها GOOD Meat الصادرة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ العام الماضي آراء المستهلكين في المملكة العربية السعودية وقطر وغيرها من البلدان في المنطقة.
كانت الرسائل المناخية واحدة من الأدوات الفعالة المؤثرة على نية الشراء في الاستطلاع الذي أجرته PSB Insights، الشركة الاستشارية المستقلة الرائدة. إضافةً إلى ذلك، يسلط مقال حديث في مجلة Frontiers in Nutrition بعض الضوء على هذا الدافع، مشيرًا إلى أن تناول اللحوم المزروعة الحلال قد يعتبره البعض خطوة مهمة نحو حماية الطبيعة، إذ يشير المؤلفون إلى أن “اتباع نظام غذائي ذي تأثير سلبي أقل على البيئة يعتمد على استهلاك منتجات البروتين البديلة، يمكن اعتباره وسيلة لدعم اثنين على الأقل من المبادئ الرئيسية الخمسة: الحفاظ على الحياة والذرية.”
ومن علماء الشريعة الذي أصدروا الرأي الجديد:
الشيخ عبد الله المانع
يعد الشيخ عبد الله المانع عالم شريعة جليل يحظى باحترام كبير على الصعيد المحلي والدولي، فهو عضو في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية منذ عام 1971، فضلاً عن أنه عضو في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، كما شغل سابقًا منصب رئيس محاكم مكة المكرمة، وهو حاليًا عضو في هيئة الفتوى الشرعية للعديد من البنوك في المملكة، بالإضافة إلى أنه يشغل منصب مستشار في الديوان الملكي السعودي. ومن هذا المنطلق، جعلته خبرته في الفقه الإسلامي مرجعًا مهمًا له وزنه في إصدار الفتاوى.
الأستاذ عبد الله المطلق
يعد الأستاذ عبد الله المطلق من علماء الشريعة البارزين وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقد شغل سابقًا منصب رئيس قسم الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء ويشغل حاليًا منصب مستشار في الديوان الملكي السعودي، إلى جانب إسهاماته العظيمة في مجالات الفقه الإسلامي والتعليم والخدمة العامة. وقد أثرت أعماله العلمية المكتبات الإسلامية وحظت بمكانة كبيرة في الأوساط الأكاديمية.
الأستاذ سعد الشثري
يعد الأستاذ سعد الشثري عالم شريعة جليلاً، يشغل منصب مستشار في الديوان الملكي السعودي كما أنه عضو في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وعضو حالي في اللجنة الدائمة للإفتاء. له الكثير من المؤلفات التي بلغت أكثر من 60 كتابًا ونشر أكثر من 10 مقالات في المجلات العلمية. إضافةً إلى ذلك، يشتهر بدعوته إلى الاعتدال والتفسير المتوازن للتعاليم الإسلامية ويمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من المملكة ليصل إلى جمهور عالمي.