لنبرأ انفسنا امام الله و التاريخ*
جرائم ضد الإنسانية ، جرائم حرب ، و جرائم إبادة ، و غيرها الكثير الكثير من المصطلحات التي تبناها النظام العالمي و المواثيق والاعراف الدولية ، لوصف ما يُرتكب بالوقت الراهن على ارض فلسطين المحتلة و تحديداً في قطاع غزة ، هذه الإبادة الجماعية المنظمة و المستمرة و التي يتعرض لها اهالي غزة على مرأى و مسمع المجتمع الدولي ، الذي ما فتأ يصدع رؤوسنا ليلاً نهاراً يطالبنا بتطبيق القوانين و المواثيق الدولية و التي في بعض منها يتعارض مع عاداتنا و تقاليدنا و احياناً تتعارض مع تعاليم الأديان السماوية كافة ، تحت ذريعة ما يسمى ( بحقوق الإنسان )
اقول ذلك رغم ايماني التام و المطلق بهذه الحقوق ، و لكن ما يجعلني اقف مذهولة واجمة هو ما نراه من ازدواجية في تطبيق هذه المعايير و خاصة عندما يتعلق الأمر بالانسان الفلسطيني الذي يقبع تحت نير الاحتلال الغاشم ، تضيق الدائرة اكثر عندما تتعلق هذه الحقوق بحق سكان قطاع غزة ، هذا القطاع الذي يعاني منذ عشرات السنين من القهر و الظلم ، الحصار و التجويع و الاكثر من ذلك يعاني من حرب إبادة و تطهير عرقي يمارس عليه بشكل ممنهج ، تسلبه ليس فقط الحق في الغذاء و الصحة و التعليم و في مسكن آمن و غيرها من الحقوق و انما تعداه الى سلبه الحق في الحياة
لا بل اخذت حرب الابادة هذه شكلاً اكثر وحشية كالقمع و التنكيل و التهجير و النزوح القسري ، قطع المياة و هدم و تفجير البيوت و المدارس و المستشفيات و كافة الاعيان المدنية ، التي يحرم التعرض لها بموجب القانون الدولي الانساني و اتفاقيات جنيف
ليس هذا فحسب بل تعدا الامر الى اغلاق الممرات الإنسانية الآمنة التي تهدف الى إيصال الاغذية و الدواء للسكان المهددين بالموت جوعاً و عطشاً تحت الحصار المفروض عليهم ، او الموت تحت نيران المدافع و الصواريخ
كل هذا حدث و يحدث امام انظار العالم في تحدٍ سافر لجميع القرارات التي صدرت منذ عام 2000 و المتعلقة بالامن و السلم
ولا نعلم ماذا ينتظر مجلس الامن الدولي للقيام بدوره في ظل هذه الظروف الدامية
فالمجلس مناط به التصدي لكل ما من شأنه تهديد للسلم و الأمن الدوليين أو حدوث عمل من أعمال العدوان
من خلال دعوة أطراف النزاعات لحلها بالوسائل السلمية، كما أنه يوصي بطرق التسوية أو شروطها و في بعض الحالات، يمكن للمجلس اللجوء إلى إجراءات لفرض تدابير الحفاظ على السلم والأمن الدوليين أو استعادتهما وتتنوع تلك التدابير ابتداء من فرض عقوبات اقتصادية وانتهاء بالعمل العسكري الدولي او بارسال قوات حفظ السلام او بعثات سياسية خاصة لضمان وقف الحرب
فما بال هذا العالم يغمض عينيه عما يجري من انتهاك لهذه الحقوق ؟؟!!
وماذا عن دور المحكمة الجنائية الدولية و التي انضمت اليها فلسطين منذ سنوات حين اعلنت اختصاصها بالنظر في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي على أرض فلسطين المحتلة باعتبارها جرائم ضد الانسانية!!
فالاسئلة كثيرة و الإجابات موجعة و مخيبة للآمال
و لكن حتى لا نركن الى عجزنا و قهرنا ،علينا كمؤسسات مجتمع مدني مسؤولية تفرض علينا الاستمرار بمخاطبة هذه المنظمات لحثها على التحقيق بهذه الممارسات دون كلل او ملل ، و على المدافعين و المدافعات عن حقوق الانسان في الأردن و فلسطين بشكل خاص مسؤولية اخذ زمام المبادرة و ذلك اضعف الايمان بالتلويح لهذة المنظمات بالرغبة في التنازل عن الجوائز العالمية التي منحت لهم خلال العام الحالي باعتبارهم مدافعين/ت بقوة عن حقوق الانسان
، و ذلك لإظهار احتجاجهم رفضهم و ادانتهم لموقف الدول الغربية من ما يحدث لشعبنا الفلسطيني الاعزل من قتل و تهجير و باعتبار ما يحدث هو انتهاك خطير لحقوق الانسان ، و ليس فقط مجرد الاكتفاء بالتنديد باستخدام كلمات منمقة و منتقاه بعناية على وسائل التواصل الاجتماعي
فهذا والله لا يخدم قضيتنا و لا يستقيم مع مبادئنا التي نؤمن بها ،و المرتكزة على حق الانسان في الحياة قبل اي حق ، لو تحقق ذلك يكون هولاء الذين تم تكريمهم ،فعلاً خير مثال للمدافعين عن حقوق الانسان حول العالم
فهل أنتم فاعلين ؟؟!!