سنحيا ونموت كراماً
نادية ابراهيم القيسي
لم تضع الحرب يوماً أوزارها ولن تضعها إلى أن تتحقق النبوءات فينطق الحجر والشجر لنخوض المعركة الفيصل بسيوف الحق في شتى بقاع الأرض في معركة قدرية ننال فيها شرف نصرة نهائية لما توالى قبلها عبر العصور من محاربة لمنهجية الغي والغدر المتشبع في بني صهيون الذين حاربوا قاتلوا وقتلوا الأنبياء ونقضوا المواثيق والعهود باستمرار عبر تاريخهم الحقيقي. لذا سيبقى صراعنا مع الكيان الصهيونى صراعاً محتدماً بكافة الأشكال متبايناً ما بين مد وجزر متقلباً بتغير الظروف والمستجدات.
لقد سطر الأردن دوماً بشعبه وقيادته الهاشمية الحكيمة المواقف المشرفة النابعة من الأصالة والعزة معتصمين فيها بقوة من الله ومجتمعين على ما يمليه الضمير الإنساني الحي وما تقتضيه حقوق القومية العربية والدينية من نصرة وانتصار.
فكانت معاهدات السلام وما تلتها من اتفاقيات من منظور الإعداد والاستعداد لخلق حياة أفضل تمكن شعوب دول منطقة الشرق الأوسط من التنمية والازدهار وأن يحيا الشعب الفلسطيني في أرضه بسلام شامل وعادل ياعتناق حل الدولتين المتفق عليه.
لكن كما هو العهد ببني صهيون لم يصدقوا بأي مما عاهدوا وبل على العكس تمادوا في تجاوزاتهم و عدوانهم الآثم على حقوق ممتلكات وأرواح كل من حولهم يقودهم خيلاء أوهامهم بما أطلقوا عليه أرض الميعاد. فجاءت حرب غزة العزة لتبدد كل ما نسج هذا الكيان الغاصب من خيوط عنكبوتية واهية ونسف ادعاءاته بالتحضر والمدنية الحديثة فكانت المجازر الوحشية والإبادة الجماعية هي الوجه الحقيقي الذي ينذر بما قد يكون ذات يوم آت خاصة بعد الخذلان الرسمي الدولي برغم كل الوقائع ومساندتهم اللامشروطة لهذا الكيان الغاصب.
وبازدياد التوحش الصهيوني ازداد التصعيد الأردني فأعلنت الحكومة بممثليها وقف توقيع اتفاقية الماء مقابل الطاقة برغم كل الضغوط الخارجية وإعادة النظر في كافة الاتفاقيات السابقة ومنها اعتبار معاهده السلام في خضم ما يرتكبه الاحتلال من جرائم ”وثيقة يتراكم عليها الغبار” فكان لهذا الاعلان الرسمي الوقع المبهج المثلج لصدور الشعب الأردني ولاقى تأييدًا له وتعظيماً كما أنه وبالمقابل هزت هذه التصريحات الجانب الصهيوني المتغطرس لتصدر عنهم تصريحات متطرفة بأن الأردن سيموت عطشاً ليأتي فوراً الرد الشعبي مجلجلاً صارخاً نموت عطشاً ولا نموت ذلاً وليخسأ بني صهيون.
لقد أثبت المجريات والأحداث بما لا يدع مجالاً لأدنى شك أن الكيان الصهيوني عدو لا يؤتمن جانبه خاصة بسيطرة اليمين المتطرف على حكومته في أغلب الفترات مما يجعل أي اتفاقية وخاصة في موضوع الماء والطاقة سلاحا استراتيجيا بيدهم يزيد المخاطر على الأمن الوطني الأردني والمصلحة الوطنية العليا.
ومن هنا تحركت الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه بإيجاد الحلول الناجعة و البديلة الفورية لتعزيز الأمن المائي واستدراج المنح والقروض للعمل الفوري على مشروع تحلية المياة من خليج العقبة (الناقل الوطني) وتأكيد جلالته على أن هذا المشروع هو أولوية وطنية.
إن تحقيق الأمن المائي ليس بالأمر المستحيل برغم كل المعيقات التي جابهها الأردن عبر العقود الماضية لذا يجب العمل على تبني الكثير من الحلول والوسائل المبتكرة للاستغلال الأمثل للمصادر المائية المختلفة كمياه الأمطار، فائض السدود، بناء سدود جديدة، استخراج المياه الجوفية العميقة وتغيير أنماط الزراعة لترشيد الاستهلاك بما لا يؤثر على الانتاجية بالإضافة للمطالبة باسترجاع الحقوق المائية الأردنية الكاملة والعمل على ايجاد تعاون مائي طاقي بديل مع الدول العربية المجاورة تغني عن أي اتفاقيات مع الكيان المحتل.
إن الأردن كان وما زال أرضاً شعباً وقيادة هو الخط الأول والأطول في مواجهة كافة مخاطر الصراع العربي الصهيوني منفرداً في أغلب الأحيان بتحمل الكثير من الأعباء والتبعات لمواقفه الحاسمة الباسلة التي تعكس جوهر قيمنا وفضائلنا وما يسري في دمائنا من إباءٍ وكرامة.
كنا وسنبقى حاملين الراية الأصدق في الذود عن ديننا وقوميتنا العربية أوطاننا ومبادئنا الراسخة مهما كلف الثمن و ضيق علينا الزمن سنحيا و نموت كراماً تحت رايتنا الخالدة الله الوطن المليك تحت الراية الهاشمية. والله من وراء القصد