مقابلة نادرة لرئيس سابق للموساد: إسرائيل خانت مواطنيها المحتجزين في غزة.. وخطة “حماس” مثالية
فيما يواصل قادة المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين التهديد والوعيد بضربات قوية في جنوب القطاع، مثلما حصل في شماله، يحذّر مراقبون إسرائيليون من صعوبة تحقيق أهدافها المعلنة، ويطالبون بإخراج صفقة تبادل كبرى، قبل أن يصبح الثمن أكبر.
وبخلاف المزاعم الإسرائيلية الرسمية، التي تقول إن صفقة التبادل تمت حتى الآن بسبب الضغط العسكري على “حماس” في الميدان، يؤكد تامير باردو، رئيس الموساد الأسبق، في حديث للقناة العبرية 12، أن ضغط العائلات والرأي العام والصحافة في إسرائيل دفع الحكومة نحو وضع صفقة الإفراج عن عدد كبير من الإسرائيليين لقمّة سلم الأولويات، وهذا يفسّر نجاح الإفراج المرتجى، وقد كان واضحاً، منذ اللحظة الأولى، أنه يمكن استعادة المجموعة الأولى بثمن معقول، ولكن كلما اقتربنا نحو المجموعة الثانية منهم -الجنود- سيرتفع الثمن”. لكن “حماس” هي التي توقّفت في مرحلة الإفراج عن النساء.
رداً على سؤال مقدمة البرنامج التلفزيوني، قال باردو أيضاً إن “حماس” كانت قد “توقّفت قبل ذلك بمرحلة أو مرحلتين لحساباتها هي، وربما من جملة هذه الحسابات أنها أدركت أهمية عودة المخطوفين بالنسبة للإسرائيليين إزاء الانشغال الكبير للقنوات العبرية، وكيف تقف دولة كاملة تحبس أنفاسها أمام صور الإفراج عنهم. عندها فهمت “حماس” أن الأوراق التي بيدها الآن أكثر قوة مما كانت لديها في المرحلة الأولى”.
في اليوم التاسع والخمسين للحرب على غزة، قال رئيس الموساد الأسبق، في هذه المقابلة النادرة، إن تل أبيب خانت وأهملت كل الإسرائيليين داخل غزة أحياءً وأمواتاً، داعياً للإفراج عنهم الآن، محذراً أن ثمن الصفقة لاحقاً سيكون باهظاً أكثر.
ورداً على زعم الكابينيت بأن الضغط العسكري على المقاومة الفلسطينية داخل القطاع قد دفع “حماس” لدخول حالة ضغط، وبالتالي الإفراج عن عدد كبير من المحتجزين، قال باردو إن “ما يقوم به الجيش حتى الآن ممتاز، ولكن ينبغي أن توجّه الجهود نحو تحرير الأسرى”. وتابعَ: “واضح أنه إذا نجحنا بالقيام بدفعة أو دفعتين، فإن الصفقة الكبرى سيكون ثمنها كبيراً جداً بل مضاعف”.
لكن السنوار يقول إن تبادل الأسرى سيتم فقط بعد انتهاء الحرب؟
رداً على سؤال القناة 12 العبرية هذا قال باردو: “جميل. نهاية الحرب هي عندما نتلقى كل الأسرى، وإعادة الجيش لحدود السادس من أكتوبر في ذات الوقت، وهذا ثمن عظيم”.
وما معنى ذلك؟ هل ننسحب ونترك “حماس” موجودة في غزة؟ تستطيع إسرائيل التعايش مع واقع يكون فيه “حماس” محتفظة بقدرات عسكرية جوهرية؟
رداً على ذلك قال باردو إنه “سيكون هذا هو الثمن، سنضطر لتسديده إذا رغبنا باستعادة المخطوفين من القطاع”.
ورداً على سؤال القناة 12 العبرية: عندئذ لن يرضى النازحون الإسرائيليون عن بيوتهم في الشمال، وهذا ينطوي على رسالة إشكالية لـ “حزب الله”؟
“عندها علينا أن نفكّر ما هو سلم أولوياتنا: هل هو تدمير “حماس”، مع كل ما تعنيه هذه الكلمة، أم استعادة المخطوفين؟. علينا أن نسأل ذاتنا السؤال الآن. دون الانتظار، بل إعطاء جواب فوراً، لأنه عندئذ ستعرف إدارة الحرب بشكل أكثر حكمة وجدوى”.
وهل يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها ببقاء “حماس” داخل القطاع بعد ما حدث في السابع من أكتوبر؟
“لو، لا سمح الله، اختطفت “حماس” عائلتك إلى غزة ما كنت ستجيبين؟ من المؤكد أنك كنت ستقولين كما يقول الجميع في مثل هذه الحالة: أعيدوا لي أقربائي. فشلنا الفشل الذي لم تفشله إسرائيل من قبل”.
أنت تقول هذا عن عائلات المخطوفين، ولكن ماذا يقول النازحون الإسرائيليون في الجنوب والشمال؟
“سنحلّ كل مشكلة في وقتها. بحال فقدنا المخطوفين سيكون عندنا 130 رون أراد إضافي (ملّاح الجو الإسرائيلي الذي افتقد في لبنان عام 1983)، ومع واحد بالكاد تدبّرْنا أمرنا. كيف تفكر إسرائيل بالسؤال كيف ستواجه مستقبلها إذا كان ظل هذا هو الوضع: مواطنون فيها أُهملوا، وتمّ اختطافهم، وكل يوم يقرّبهم من الموت هناك. ما يفعله الجيش هناك أمر عظيم، ومهم جداً، لأنه من المفترض أن يدفع “حماس” في نقطة معينة للقول تعالوا نُنْهِ هذه الحادثة، وهذا يعني أمرين؛ الأول استعادة المخطوفين مع كل ثمن يترتب على ذلك، وللأسف لا أرى أن هذه الحكومة قادرة على تسديد هذا الثمن، والأمر الثاني العودة للسادس من أكتوبر، ونحن نسدّد الحساب مع “حماس” لاحقاً، فنحن دولة قوية. صحيح أن ما تعرّضنا له في السابع من أكتوبر هو إهانة، لكن بقاء المخطوفين إهانةٌ أكبر بكثير بيد هؤلاء المتوحشين”.
دعنا نتحدث عن الحملة العسكرية: الانطباع هو أن مقاتلينا جنود ممتازون مع قصص بطولة، لكننا لم نشهد بعد عملية اختراق وكسر لحالة التعادل، وخطواتنا العسكرية متوقعة لحد بعيد ولا تفاجئهم؟
“هذا صحيح. أولاً لأننا دخلنا هذه الحرب ونحن في حالة ضيق، ولم يكن بحوزتنا الوقت الكافي للتخطيط والتدرّب، وفي المرحلة الأولى. كذلك تَصَرَّفْنا، في الجولة الأولى، بشكل غرائزي طبيعي جداً لجيش تمت إهانته، وكذلك دولة تعرّضت للإهانة. فتحنا بحملة جوية واسعة، طيلة أسبوعين، قبل أن تبدأ الحملة البرية، وقمنا بذلك بأفضل طريقة ممكنة، ولكن وسط ضرورات واجهتنا، ولذلك لم ننجح بمباغتتهم، فهم مكثوا داخل الأنفاق، وقد فهموا، منذ البداية، أننا سنتوغّل براً، وربما لم يعرفوا بعد بأي قوة، بيد أنهم علموا أن الثمن سيكون عظيماً. لقد خطّطت “حماس”، للأسف، خطة مثالية مسبقاً، وهم مستعدون، وهذا يضطرنا لقتال ضارٍ وصعب، وهذا بفضل قادة وجنود شجعان يقاتلون داخل منطقة هي الأخطر في العالم، ويتقدمون رويداً رويداً بطريقة تستحق الثناء”.