هل يتأثر التضخم فى مصر بارتفاع تكاليف الشحن العالمية والتأمين على البضائع؟
توقع محللون اقتصاديون انعكاس ارتفاع تكلفة التأمين والشحن البحرى على الواردات المحلية خلال الأشهر المُقبلة، ما يؤثر على مؤشر التضخم إذا استمر تجنب المرور من مضيق باب المندب لفترة طويلة.
وبحسب بيانات سوق التأمين فى لندن، فإن السفن من جنوب البحر الاحمر بين الأعلى المخاطر، وأن السفن بحاجة لإبلاغ جهات التأمين عليها عند الإبحار فى تلك المنطقة ودفع علاوة مخاطر خلال فترة التغطية البالغة 7 أيام، وارتفعت علاوة المخاطر الأسبوع الحال من 0.07% من قيمة السفينة إلى 0.2% وفق تقديرات السوق الثلاثاء الماضى، وفق ما نقلته رويتر.
ومنذ نوفمبر الماضى، استهدفت جماعة الحوثى اليمنية ما تقول إنها سفن الشحن الإسرائيلية، باستهداف جميع شركات الشحن التى تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية.
وأظهرت بيانات البنك المركزى المصرى تراجع التضخم الأساسى إلى 38.1% أكتوبر الماضى مقارنة 39.7%سبتمبر.
وتُمثل صادرات مصر إلى قارة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية (خارج منطقة التوتر) نحو 56.9% من إجمالى قيمة الصادرات، وسجلت قيمتها نحو 22.5 مليار جنيه، خلال العام المالى 2022/2023، بينما بلغت واردات مصر من القارة الأوروبية والولايات المتحدة تصل إلى 40.6% من إجمالى قيمة الواردات، وقيمتها 28.8 مليار دولار.
قالت آية زهير، رئيس قسم البحوث فى شركة زيلا كابيتال، إن تأثر الواردات المصرية بارتفاع تكاليف الشحن البحرى وتكلفة تأمين الرحلات البحرية لن يكون سريعًا لأن المصانع والتجار المحليين لديهم مخزون، بالإضافة إلى أنه غير معروف المدى الزمنى لتطبيق القرار، وربما تكون فترة قصيرة وغير مؤثرة.
أضافت زهير أن التأثير سيطول أبرز السلع التى تُنقل لمصر من خلال تلك الشركات إذا طالت مدة سريان القرار، ولكن إذا توقف تنفيذ القرار خلال أسابيع قليلة، سيكون التأثير محدود.
قالت دينا الوقاد المحلل الاقتصادى بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن السناريو الأصعب هو انخفاض أسعار النفط العالمية لأنه سيُشجع شركات الشحن على استمرار تجنب المرور من قناة السويس خوفًا من التوترات السياسية فى المنطقة، ما يؤثر سلبًا على إيراداتها.
أضافت الوقاد، أن انعكاس ارتفاع تكلفة الواردات المتوقع لن ينعكس على مؤشر التضخم فورًا، ولكن سيظهر بدءًا من يناير وسيستمر حتى انتهاء فترة التوترات، ولن يكون أثره قويًا بما يُثير المخاوف.
قال هشام حمدى، محلل بقسم البحوث فى شركة النعيم، إن التأثير يعتمد على المدة التى سترتفع فيها تكلفة الشحن، فإذا كانت فى غضون شهر أو شهرين فقط فتأثيرها سيكون طفيف ولكن إذا طالت تلك الفترة، سيظهر تأثيرها على السلع ومن ثم سينعكس على معدلات التضخم بالبلاد.
وأوضح أن تأثير ارتفاع تكلفة الشحن على السلع سيختلف من سلعة لأخرى حسب نوع السلع، فتكلفة الشحن على الصناعات الثقيلة أكبر من تكلفتها على الصناعات الأصغر.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن هيئة قناة السويس، فى 30 نوفمبر الماضى، ارتفعت عائدات قناة السويس خلال نوفمبر 20.3%، مُسجلة 854.7 مليون دولار مقابل 710.3 مليون دولار خلال شهر نوفمبر من 2022، وسجلت حركة الملاحة عبور 2264 سفينة من الاتجاهين، مقابل عبور 2171 سفينة خلال نوفمبر 2022.
وأشار إلى مدى تأثير تلك الأحداث على إيرادات قناة السويس وان تطور تلك الأحداث من الممكن أن تمثل ضغط كبير على قناة السويس.
قال متى بشاي، رئيس لجنة التجارة بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن أسعار تكلفة الشحن ارتفعت بنحو 10 آلاف دولار للحاوية عقب تصاعد توترات البحر الأحمر، وعدد كبير من شركات الشحن أوقفت نشاطها لحين استقرار الأوضاع.
أضاف لـ «البورصة»، أن الزيادة فى التكاليف ستنعكس بالتبيعة على السعر النهائى للمنتجات وستساهم فى تغذية معدلات التضخم ، وفى حال حدوث تغييرات فى مسارات الشحن بعيدًا عن قناة السويس ستضطر الشركات لرفع أسعار الشحن للضعف.
قال أحمد شيحة عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إن الانعكاس السلبى لتوترات الحادثة سيظهر تأثيره سريعًا على السوق بارتفاع أسعار تكاليف التصنيع وجميع المنتجات المستوردة بما فيها الصناعات الغذائية.
قال محمد قاسم رئيس جمعية المصدرين المصريين “إكسبولينك”، إن تلاحق الأحداث بالبحر الحمر نتيجة هجمات الحوثيين على السفن التى لها علاقة بإسرائيل، من المتوقع أن يسهم فى انعكاسات سلبية على حركة التجارة العالمية الفترة المقبلة .
أضاف أن اعلان عدد من شركات الشحن توقف المرور بقناة السويس من شأنه التأثير على سلاسل الإمداد عالميا نتيجة تغيير السفن وجهتها إلى طرق بديلة للبحر الأحمر ومنها طريق رأس الرجاء الصالح وهو ما سترتيب عليه بالضرورة ارتفاع تكلفة الشحن للبضائع.
وأعلنت شركة الشحن الدنماركية إيه.بى مولر ميرسك، وتعد واحدة من كبريات شركات الشحن، وتخدم 374 مكتباً فى 116 دولة وتوظف أكثر من 30 ألف موظف، سوف تسلك مساراً أطول حول القارة الأفريقية، بعد وقف عمليات الشحن فى البحر الأحمر.
وأعلنت الشركة الفرنسية CMA CGM مطلع الأسبوع الجارى عن إيقاف جميع شحناتها عبر البحر الأحمر: “الوضع يتدهور أكثر والمخاوف بشأن السلامة تتزايد”.
قال يسرى الشرقاوى رئيس جمعية المصريين الأفارقة « إذا لم يتمكن المجتمع الدولى من السيطرة على تلك الأوضاع وتأمين الخطوط لملاحية بالبحر الأحمر سيؤثر بالسلب ليس على حركة الواردات فقط بل الصادرات».
وتتكبد شركات الشحن العالمية ما يوازى نحو 3 أضعاف تكلفة الشحن نتيجة تغيير مسارها عن البحر الأحمر ما يرفع من تكلفة الشحن وبالتالى ارتفاع تكلفة المنتجات والقدرة التصديرية للصناع .
قال محمد أشرف مدير المبيعات والتسويق لمجموعة العشرى، إن تصاعد التوترات فى مياه البحر الأحمر ينذر بارتفاع أسعار المنتج النهائى من الحديد بقيمة تتراوح بين 20 و30 دولارا للطن.
أضاف لـ «البورصة»، أن الشركة لم تتأثر فى الوقت الحالى لاتفاقها على عقود طويلة الآجل عائدة من الدول تصل إلى سنة أو أكثر.
قال تميم الضوى نائب المدير التنفيذى للمجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إن المجلس لم يرصد أى مشكة من شركات الصناعات الغذائية تتعلق بتعطيل حركات الشحن فى البحر الأحمر لصادرات الشركات.