كيف جنب الملك العرب مخاطر تبعات هجمات أيلول 2001 ؟
أ.د محمد الفرجات
بعد هجمات أيلول عام 2001 في نيويورك ومواقع أخرى من أميركا، وتوصل التحقيقات آنذاك إلى أول الخيوط والتي دلت على أن الفاعلين عرب مسلمين، -بغض النظر عما تبع الأمر بالسنوات اللاحقة من تحاليل مختلفة وعن نظرية المؤامرة-،… إلخ، إلا أنه ونسبة للحدث الجلل آنذاك والذي هز العالم وكان مفاجأة صادمة وغير متوقعة، فلقد واجه العرب والمسلمين من طلبة ومغتربين تضييق ومضايقات مختلفة وحادة، وكلها تلومهم وتضعهم بلا إستثناء في دائرة الشك سواءا أمام الأهالي أو السلطات في أميركا وأوروبا وكندا… إلخ.اشكال
ولقد أصيبت آنذاك السياسة والدبلوماسية العربية بالشلل، وإلتزم الجميع الصمت بإنتظار ردود الفعل السياسية المنتظرة على الصعيد الأمريكي.
يسجل التاريخ للملك عبدالله الثاني والذي كان حديث العهد بالحكم آنذاك، أنه كسر حاجز الصمت، وحط بطائرته في الولايات المتحدة الأمريكية، وإجتمع بالجاليات العربية والمسلمة، وصلى الجمعة في أحد المساجد المعروفة هناك على الرغم من خطورة الموقف على شخصه وحياته نظرا لأعمال العنف والقتل والتي سجلت ضد العرب والمسلمين في تلك الفترة، وقابل خلال هذه الزيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، وإلتقى على هامشها العديد من الشخصيات في مجالس صناعة القرار، ليعلن وفي مؤتمر صحفي وعلى الأرض الأمريكية، بأن العرب والمسلمين براء من كافة أشكال الإرهاب وقتل المدنيين وإستهدافهم، ويطلق في ذات المؤتمر المصطلح السياسي للعالم “الوسطية والتسامح والاعتدال كعنوان للدين الإسلامي الحنيف” ويقدمه بصورته الحقيقة، وأن الإسلام والذي نزل على جده محمد صلى الله عليه وسلم دين سلم وسلام وإعمار، ويؤكد في ذات المؤتمر بأن السلام في الشرق الأوسط رهن بحل القضية الفلسطينية، وأن إستمرار الاحتلال الاسرائيلي يهدد المنطقة والعالم على حد سواء.
اللقاءات الإعلامية الهامة والموسعة والتي جرت مع الملك آنذاك وكأول رئيس عربي يصرح عما حدث، وخلال أوج تبعات ردود الفعل، لقت رواجا عالميا وإستحسانا وتناولتها كل شبكات الإعلام العالمية، وقد فوتت بالمقابل الفرصة على الإعلام الصهيوني والمضاد والذي لطالما روجنا للعالم للأسف كقتلة وسفكة دماء، وشهدنا كطلاب في ألمانيا آنذاك تطور إيجابي وملحوظ في النظرة لنا كعرب ومسلمين، ولمس ذلك أبناء الجاليات العربية والمسلمة في دول العالم.
كان لذلك أثر بالغ في تجنيب الجاليات العربية والمسلمة قرارات منتظرة كان يدعو لها البعض من المتشددين، ولم تكن حقيقة بالصالح أبدا أو تسر أحد لو أتخذت.
أطلق بعدها الملك “رسالة عمان في الوسطية والتسامح والإعتدال”، ولطالما قد عانى الأردن ذاته وتصدى بقيادته الهاشمية الحكيمة لكافة أنواع الإرهاب والمد الفكري المتطرف والعابر للحدود، بجانب حماية حدودنا الشمالية والشمالية الشرقية ضد توغل قوى الإرهاب، في وقت أرادت القوى السياسية العالمية إقحامنا بحرب سوريا، وشددوا علينا إقتصاديا ثمنا لموقف الملك والمملكة الحكيم.
اليوم نحارب قوى الشر على ذات الحدود والتي تستهدف أمننا القومي والشباب بمحاولة إغراق البلاد بالمخدرات، والملك القائد الأعلى للقوات المسلحة لهم بالمرصاد.
مواقف القيادة ضد الارهاب، والتعامل مع تبعات الربيع العربي محليا وإقليميا وتجنيب البلاد ويلات التشرد وصراعات وحمامات الدماء، وتحمل كلف وتبعات إستضافة الأشقاء اللاجئين الناجين بأرواحهم وأطفالهم، وحكمة التعامل مع إلتهابات الإقليم، وملف صفقة القرن، وطول النفس بالتعامل مع ملف كورونا ضمن ظروف إقتصادية صعبة ومعقدة، كلها تعكس حكمة وثبات الملك.
سيد البلاد يبذل أقصى طاقاته لبيان عدالة القضية الفلسطينية، ويقف بدولته وشعبه مع الأشقاء في فلسطين، ويبين للعالم عكس الرواية الصهيونية المهودة للأرض والمزورة للتاريخ، وحرب غزة منذ السابع من أوكتوبر بذل الملك خلالها جهودا دبلوماسية دولية مكثفة لكبح جماح آلة الحرب والدمار الصهيونية، بجانب الدعم الطبي والإنساني للأهل في غزة.
اليوم نقف جميعا مع سيد البلاد وولي عهده لتحقيق مخرجات ثلاثية الملك، والتحول بالدولة إلى حكومات منتخبة وأجيال تصنع قرارها من خلال الصناديق، أمام معارضة برلمانية صحية وشارع يراقبون ويقيمون ويقومون الأداء، وكلنا أمل بتحسن الاقتصاد لينعم الجميع بجانب نعمة الأمن والأمان بالرفاه وفرص العمل وجودة وشمولية الخدمات والبنى التحتية والفوقية.