دولة جديدة تكاد تولد.. خبير يكشف سيناريو اليوم التالي بعد معركة غزة
مع تواصل معركة غزة التي تكاد تختتم شهرها الثالث، يبحث الجميع عن سيناريوهات انتهائها بما يضمن للطرفين الوصول لأهدافهم المُعلنة، فيما يؤكد خبير متخصص أن ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده على المنطقة كاملةً، حيث سيختلف شكل حركة حماس أيضاً وهو ما يدركه قادة الحركة التي ظهر فيها اختلافات وجهات نظر بين شقيها السياسي والعسكري.
وتعتبر معركة غزة “طوفان الأقصى” أحداثًا تاريخية تُحفر في الذاكرة، حيث تقود حماس، بإشراف يحيى السنوار، حربًا ذات أبعاد استثنائية. حسب ما يرى الدكتور منير أديب، الباحث المختص بالجماعات الإسلامية، والذي يؤكد أن هذه المعركة ستكون نقطة تحول حقيقية للشرق الأوسط.
تبقى إسرائيل في مرمى الانتقادات، حيث يتساءل الكثيرون عما إذا كانت نهاية الحرب ستكون مرتبطة بمقتل السنوار أو موافقته على التهجير، وهو واحد من الأهداف الرئيسية التي أعلنت عنها تل أبيب.
يقول الدكتور منير أديب، في حديث لوكالة ستيب نيوز: “إسرائيل تسعى لأكثر من مجرد القضاء على شخص معين أو التهجير، بل هدفها الرئيسي يتعلق بإلحاق ضربة بالهوية الفلسطينية بشكل شامل”.
ويضيف: “إسرائيل هي دولة حرب وليست دولة سلام، وبالتالي هدفها ليس فقط احتلال الأرض وقتل أصحابها، وقد يكون هدف إسرائيل ليس فقط قتل السنوار أو تهجير الفلسطينيين كما هو معلن بل يوجد هدف أعمق وأكبر من ذلك، هو القضاء على السكان الأصليين كهدف كلّي، أي أن قتل السنوار أو تهجيره كما كان مطروح لن يوقف آلة القتل كليّاً بهذه البلاد”.
هل هناك اختلافات بين قادة حماس
ظهرت تقارير مؤخراً تتحدث عن اختلافات بين المكتب السياسي لحركة حماس الذي يقوده إسماعيل هنية، ومكتب الحركة بغزة الي يقوده يحيى السنوار، وهو صلة الوصل مع الجناح العسكري “كتائب القسام” التي تقود معركة غزة.
يقول الدكتور أديب: “وجود اختلافات واضحة في رؤية القيادة السياسية والعسكرية في حماس، خاصة فيما يتعلق بدور السنوار. يعزز فهمنا للتفاصيل المعقدة لقرارات الحرب والتحديات التي تواجه حماس”.
ويضيف: “نعلم أن هناك الجناح السياسي في الخارج وهناك الجناح العسكري ممثلة بكتائب القسام، وهناك مكتب سياسي بالداخل يدير الأمور بينهما، وقد لوحظ مؤخراً اختلاف وجهات النظر، وهناك فرق بين اختلاف وجهات النظر وبين الخلاف أو تباين الآراء، ويبدو أن وجهات نظر القيادة السياسية تختلف عن رؤية القيادة العسكرية، لكن من المؤكد أن القرار الأول للقيادة العسكرية، فحتى لو اتفق اسماعيل هنية وخالد مشعل على قرار ما فإن القرار النهائي بيد السنوار”.
والسنوار ظهر كشخصية محورية في معركة غزة. حيث يعتبر السنوار هدفًا رئيسيًا لإسرائيل، وتركزت عليه الانتقادات والتهديدات، وذلك بسبب دوره القوي والمحوري في قيادة حركة حماس، فرغم أنه أمضى أكثر من عقدين من عمره في سجون إسرائيل، وكانت تتوقع إسرائيل أنها استطاعت التأثير عليه وضمنت تغيير شكل حماس بقيادته، إلا أنه فاجأها بتكتيكه العسكري “الحاسم” واتخاذ قرار الحرب التي فشلت أجهزة إسرائيل الأمنية والاستخباراتية بتوقعه.
ويرى خبراء أن شخصية السنوار أكثر ميلاً للتصعيد و”المقاومة” من بعض القادة الآخرين في حماس، وما يزال صاحب القرار الأول بالحرب والسلم.
تأثير الخلافات الداخلية بحماس على معركة غزة
وبالوقت الذي لم يخفَ وجود بعض وجهات النظر المتباينة بين قادة حماس، لا سيما بعد حديث تقارير عن عدم معرفة كل قادة حماس بقرار معركة طوفان الأقصى وهو ما كان مفاجأة للجميع، يرى الخبير أن الاختلاف لم يفسد للود قضية.
ويقول: “اعتقد أن من اطلع على قرار الحرب في 7 أكتوبر كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة، ولو أن اتفاق الجميع في حماس كان على المقاومة وتحرير الأرض، لكن قرار الحرب والسلم بيد القسام وحدها، ولو أن المكتب السياسي يحدد استراتيجيات وسياسة عامة بينما يبقى قرار التفاوض وشكله وشروطه بيد من يقاتل على الأرض”.
مستقبل حماس بعد حرب غزة
تبحث الدول الإقليمية والغربية شكل الحكم في اليوم التالي للحرب، وهو الأمر الذي لم يتضح بعد وما زال معقداً ومحل نقاش مستمر بينها، فبالوقت الذي يدفع البعض لعودة السلطة الفلسطينية وإخراج حماس، يطرح آخرون حكومة موحدة، وترى إسرائيل أنها سيكون لها دور بالحكم ولو أمنياً على الأقل، ويبقى التوافق بين الجميع أن شكل حركة حماس لابد أن يكون مختلفاً.
ويقول الدكتور منير أديب: “أرى أنه يمكن أن تتراجع حماس خطوتين للخلف فهناك العديد من السيناريوهات المطروحة والتي تتفق كلها على أن ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده، فقد نرى اندماج مع فتح بحكم غزة وغالباً فإن التغيير سيتجاوز حدود غزة أصلاً بل قد يشمل المنطقة كلها وهذا ما تدركه حماس بشقيها العسكري والسياسي”.
هل توقعت حماس حجم الرد الإسرائيلي في معركة غزة
وبالنظر إلى أن قادة حماس لا سيما السنوار نفسه من اتخذوا قرار الحرب بهذا الوقت، تسائل البعض عن إمكانية توقعهم لسيناريو هذه الحرب التي طالت وتسببت بدمار هائل قتل خلالها الآلاف وهُجّر مئات الآلاف، وهل شاركت الفصائل الفلسطينية الأخرى بوضع مثل هذا السيناريو؟
يقول الدكتور منير أديب: “عند اتخاذ قرار الحرب اعتقد أن حماس أخذت بعين الاعتبار كيفية الرد الإسرائيلي، لا سيما أنها تعرف إسرائيل كدولة احتلال وقتل وهذا ما يتضح من حجم الدمار التهجير وما يجري بغزة الآن”.
ويضيف: “اعتقد أن الفصائل الفلسطينية تتجهز منذ سنوات لمواجهة إسرائيل بحرب ما كان يتوقع أن تشتعل بأي وقت لذلك لا أرى أنها كانت متفاجئة بقرار القسام يوم 7 أكتوبر، ودخلت جميع تلك الفصائل بغرفة عمليات عسكرية موحدة بشكل سريع وبدأت تنسق فيما بينها وظهر ذلك جليّاً على أرض المعركة، وهذه المعركة لم تكن الأولى ولا أعتقد أنها الأخيرة هناك”.
يجمع الخبراء والسياسيين أن حرب طوفان الأقصى دفعت إلى إعادة طرح إقامة الدولة الفلسطينية لتصبح أقرب من أي وقت مضى، لكن منظمة التحرير الفلسطينية وعدت بمحاسبة حماس بعد الحرب، فهل سيطيح ذلك بآمال التوحد بين الحركات والفصائل الفلسطينية؟
يقول الدكتور أديب: “وعود محاسبة حماس كانت من منظمة التحرير التي تحدثت عن ذلك بعد انتهاء الحرب، ولا أعتقد أن الحساب يفترض أن يكون عقاب بقدر ما يمكن أن يكون اتفاق يفيد الشعب الفلسطيني ككل، واعتقد أن الدولة الفلسطينية باتت أقرب إلى إقامتها بعد هذه الحرب التي تدفع بقوة اليوم إلى ذلك بحكم الحسابات السياسية والدبلوماسية لدول المنطقة والعالم”.
ويؤكد الباحث والخبير بالجماعات الإسلامية أن حجم الضرر والدمار بغزة لن يكون أقل من حجم الفائدة الراجعة على الشعب الفلسطيني لأجيال قادمة، حيث ستحدد نهاية هذه الحرب شكل المنطقة كلها بدءاً من مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مروراً بالتقارب الإسرائيلي العربي ووصلاً إلى تحديات إقليمية وملفات كبيرة أخرى مرتبطة بها.