هل ستعيد البنوك الأردنية حسابات الفائدة في 2024 ؟
كتب أ.د. محمد الفرجات
بالأمس وبناءا على إلحاح من الأطفال ذهبنا لنرى أحد المولات الحديثة الإفتتاح في العقبة، وقد أعجبني هذا الإنجاز الإستثماري في العاصمة الإقتصادية من تصميم وديكورات ونظافة… إلخ، وبذات القدر شعرت بالحزن على التجار الذين يشغلون محلات المول، فبين أجور المحل والترخيص السنوي والضرائب وأجور العمال ومع حال يعكس شح السيولة والجمود الإقتصادي تساءلت بداخلي: إلى متى سيصمدون؟
الحال ذاته في كل المولات في المملكة، وفي كل الأسواق ولدى كل التجار.
القطاع الخاص من مقاولات وإعمار ومال وأعمال وصناعة وزراعة وتجارة وخدمات ونقل وتكنولوجيا وسياحة… إلخ، تشهد الجمود كذلك.
خرجنا من أزمات القت بظلالها علينا وعلى الإقليم إقتصاديا؛ حرب العراق وحرب لبنان وأزمة إفلاس قطاع العقارات في أميركا “الأزمة الإقتصادية العالمية”، والربيع العربي والإرهاب الداعشي، وصولا إلى كورونا وإغلاقاته،
واليوم فالإعتداء الصهيوني على الأشقاء في غزة يلقي بظلاله على المنطقة وعلينا إقتصاديا.
حدودنا البرية مع سوريا وطرق التجارة عبرها إلى تركيا وشرق أوروبا أصبحت من الماضي، ليتزامن كل ذلك مع إرتفاع جنوني على كلف النفط وتبعات ذلك علينا من إرتفاع في كل الأسعار وكلف الخدمات والمواد الخام، ولا ينتهي الأمر فالتغير المناخي فرض إرتفاعات كبيرة على أسعار المواد الغذائية وزاد الطلب على الكهرباء للتكييف، وقلل من إنتاجية الأرض كذلك ويهدد مصادرنا المائية.
سردنا ذلك يا قطاع البنوك الموقر وأنتم تعلمونه جيدا بالأرقام وتقيمون إنعكاسات الأمور بشكل أفضل بالتأكيد.
ومع قرارات الفيدرالي الأمريكي، رفعتم نسبة الفائدة على القروض القائمة وعلى الإقتراض بشكل مبالغ فيه وكأننا في أميركا ذاتها، ونسيتم الفرق بمعدل دخل المواطن بين أميركا والأردن.
على كل الأحوال فلقد توجه الأغنياء في المملكة للبنوك لإيداع أموالهم كأفضل وأسهل وأضمن إستثمار، وقلت المشاريع والإستثمارات، فانكمش القطاع الخاص الذي يملكه ويشغله هؤلاء الأغنياء ذاتهم.
أما من كان لديه النية من رجال الأعمال والتجار وأصحاب شركات الإسكان للإقتراض لغايات البناء أو الإستثمار أو التجارة… إلخ، فأصبح ينتظر لإرتفاع الفوائد والخوف من تكرار اللحاق بالرفع الأمريكي على الفوائد.
الأقساط الشهرية على القروض القائمة للطبقة الوسطى والفقيرة من الشعب قمتم برفعها بشكل دوري وأصبحت تقترب من ضعفي قيمة القسط الشهري… ودون إستشارة أصحاب القروض، فأصبحت كلف الحياة عليهم أصعب وهذا قلل من قدرتهم الشرائية وأثر على الأسواق سلبا.
الآن هنالك جمود كبير في الأسواق، وهنالك شيكات راجعة؟ وهنالك محلات تغلق ومصانع تغلق وشركات تغلق، وهنالك رب أسرة مديون لكم يعاني، وهنالك كفلاء يعانون.
أخشى أن تصل الأمور حد عدم الإقبال على الإقتراض من البنوك، وأتساءل حينها عن إمكانية الوفاء بأرباح أصحاب الودائع، فالأمور بأبسط مفهومها يقال لها دورة الكاش.
هنالك تعطل قد يحدث بدورة الكاش وهذا خطير جدا على إيرادات الموازنة وعلى الأسواق والبنوك وعلى القطاع الخاص، مما يفرض على الحكومة وقطاع البنوك دراسة إمكانية وضع برنامج لتخفيضات مدروسة ومتتالية على الفوائد خلال عام 2024، وعدم التخوف ممن يربط ذلك بقوة الدينار الشرائية أو سعر الصرف، فالخوف من الجمود وتعطل دورة الكاش على الدينار أكبر بالحقيقة.