تركيا تستعد لقفزة في التضخم مع اختبار أعلى مستويات الفائدة
من المحتمل أن يكون التضخم الشهري في تركيا قد زاد خلال يناير بأسرع وتيرة له منذ الصيف، وهو ما يمكن أن يمثل اختباراً لتوجهات رئيس البنك المركزي الجديد بعد إعلان سلفه عن انتهاء دورة التشديد النقدي.
على خلفية الزيادة الكبيرة في الحد الأدنى للأجور والتعديلات الضريبية التي أقرتها الحكومة، ربما تُظهر البيانات التي ستصدر يوم غد الاثنين أن زيادات الأسعار في يناير مقارنة بالشهر السابق، وصلت نسبتها إلى 6.5%، وذلك بعد خمسة انخفاضات شهرية متتالية، وفقاً لمتوسط التوقعات في استطلاع بلومبرغ لآراء الاقتصاديين.
وقد أظهر استطلاع منفصل أن الزيادة السنوية للأسعار تباطأت بشكل طفيف إلى 64.6% من 64.8% في الشهر السابق.
التحول إلى السياسات التقليدية
استقالت محافظة البنك المركزي التركي حفيظة غاية إركان بشكل مفاجئ في وقت متأخر من يوم الجمعة، وذلك بعد ثمانية أشهر فقط من تعيينها كأحد أعضاء فريق اقتصادي جديد مكلف بقيادة تحوّل كبير في السياسة الاقتصادية للبلاد. وسرعان ما قام الرئيس رجب طيب أردوغان بتعيين نائبها، فاتح كاراهان، ليحل مكان إركان، الأمر الذي يرجّح استمرار الانتقال إلى سياسات اقتصادية تقليدية أكثر ملاءمة للمستثمرين.
وبعد استقالة إركان، قال وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك في بيان إن الرئيس “لديه ثقة ودعم كاملان في فريقنا الاقتصادي وبرنامجنا”.
زاد البنك المركزي التركي بقيادة إركان في الآونة الأخيرة أسعار الفائدة إلى 45% بعد دورة تشديد نقدي واسعة النطاق، في خطوة معاكسة للسياسة غير التقليدية المتمثلة في إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة، والتي كان يفضلها أردوغان سابقاً.
ستكون بيانات شهر يناير حاسمة لتحديد ما إذا كان التضخم سيظل على المسار الذي يتوقعه البنك المركزي. إذا تجاوزت زيادة الأسعار الشهرية توقعات المحللين بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى مراجعة تصاعدية للتوقعات، وربما مراجعة سياسة أسعار الفائدة. ويُتوقع أن يقدم كاراهان تقديرات جديدة للتضخم لنهاية العام يوم الثامن من فبراير الجاري.
ويتوقع البنك المركزي أن تتباطأ الزيادات الشهرية في الأسعار خلال فبراير وما بعده، لكنه يشير أيضاً إلى أن الطلب المحلي والمخاطر الجيوسياسية، من بين العوامل التي قد تُبقي التضخم عند مستويات مرتفعة وراسخة.
وقد تشكل الانتخابات المحلية في نهاية شهر مارس، عاملاً إضافياً يضغط على توقعات الأسعار، نظراً لما تحمله معها من زيادة في الإنفاق العام. وقد تعهد البنك المركزي التركي بإعادة تقييم السياسة النقدية، إذا ظهرت مخاطر ملحوظة ومستمرة على التضخم.
تأثيرات مستمرة
ستنعكس تأثيرات لأرقام التضخم لشهر يناير على الأشهر المقبلة، وفقاً لما تقوله سيلفا ديميرالب، أستاذة الاقتصاد في جامعة كوك في إسطنبول، والتي تقدر زيادة الأسعار بنسبة 49% بحلول نهاية العام.
قالت ديميرالب: “لقد ظهرت بالفعل مخاطر ملحوظة ومستمرة، وستكون هناك حاجة إلى مزيد من التشديد النقدي إذا كان البنك المركزي صادقاً بشأن الوصول إلى تقديراته لنهاية العام والبالغة 36%”.
يعتبر قطاع الخدمات أحد أبرز المجالات التي يتم التركيز عليها، بعدما وصلت الزيادة الشهرية في أسعار التجزئة في إسطنبول، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في تركيا، إلى 6.7% في يناير، مدفوعة بزيادات تفوق 20% في قطاعات مثل الصحة والنقل.
ويقول البنك المركزي إن بعض الخدمات -بما في ذلك الإيجارات والتعليم والصحة- ستؤدي إلى استمرار الضغوط التضخمية.
ويُرجح أن يؤدي التأثير الإحصائي للقاعدة المرتفعة اعتباراً من عام 2023، إلى كبح التضخم خلال فصل الصيف، خصوصاً إذا نجح صناع السياسة النقدية في الإبقاء على تراجع قيمة الليرة تحت السيطرة. وقد تشهد مقاييس الأسعار السنوية انخفاضات بنحو 10 نقاط مئوية كل شهر في يوليو وأغسطس، وفقاً لتقديرات بلومبرغ إيكونوميكس.
وقال إبراهيم أكسوي، كبير الاقتصاديين في “إتش إس بي سي أسيت مانجمنت” لإدارة الأصول في إسطنبول، في مذكرة يوم الجمعة: “قد يفكر البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة مع تراجع التضخم، بسبب تأثير القاعدة الإحصائية في النصف الثاني من العام”.