مصر.. بيع أراضي لمستثمرين عرب بالأمر المباشر مقابل سداد قيمتها بالدولار
توسعت الحكومة المصرية، في تخصيص الأراضي لمستثمرين عرب وأجانب بالمدن الجديدة مقابل سداد قيمتها بالدولار بتحويل من الخارج، وذلك بهدف زيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي للتغلب على مشكلة نقص العملة، وزيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، في الوقت نفسه شهد سوق الصرف الموازية انخفاض في سعر صرف الدولار بعد تحركات لتدبير الدولار للشركات لاستيراد السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
وأقرت الحكومة المصرية، منذ ديسمبر عام 2022 آلية للتعامل مع طلبات المستثمرين الأجانب للحصول على قطع أراض بالمدن الجديدة بأنشطة متعددة بالدولار الأمريكي بتحويلات من الخارج، وبالفعل وافقت على تخصيص أراضي لـ 219 طلبًا تقدم لوزارة الإسكان خلال الفترة من ديسمبر 2022 حتى سبتمبر 2023 بإجمالي مساحة 926 فدانًا، وفقًا لبيانات حكومية.
وخلال الساعات الماضية، خصصت الحكومة أرضا بمساحة 157 فدانًا لمستثمر إماراتي لإنشاء مشروع عقاري باستثمارات 60 مليار جنيه (1.9 مليار دولار)، بمدينة القاهرة الجديدة، وأرض أخرى بمساحة 47% لمستثمر مصري مقيم بإنجلترا لإقامة مشروع طبي تعليمي عمراني متكامل بمدينة الشروق، ويترقب الإعلان عن أرض جديدة بمدينة رأس الحكمة لمستثمرين إماراتيين.
وقال رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، محمد البستاني، إن آلية تخصيص الأراضي بالدولار للمستثمرين العرب والأجانب ساهمت في جذب استثمارات ضخمة للبلاد سواء من حصيلة بيع الأراضي أو حجم الاستثمارات المنفذة لإنشاء مشروعات عقارية تسهم في تحقيق التنمية العمرانية، كما تساهم بشكل فعال في تعويض عجز ميزان المدفوعات، والذي نشأ نتيجة تراجع موارد الدولة من تحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس.
وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022، وتراجع تحويلات المقيمين بالخارج نتيجة ظهور سوق موازية لسعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، وتحاول الدولة التغلب على هذه الأزمة بتنويع مصادرها من النقد الأجنبي.
أضاف “البستاني”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، أن هناك إقبالًا من المستثمرين العرب على الاستفادة من آلية تخصيص الأراضي بالدولار لشراء قطع أراضي بالمدن الجديدة، خاصة في ظل انخفاض سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية مما جعل أسعار الأراضي في مصر مغرية أمام المستثمرين العرب، كما أن هناك إقبالًا من المصريين المقيمين بالخارج لشراء الأراضي المباعة بالدولار، ولذا تتوسع الدولة في حجم الأراضي المطروحة أمام المقيمين بالخارج، ضمن مشروع “بيت الوطن”.
وبلغت حصيلة الحكومة المصرية من بيع الأراضي والوحدات السكنية بالدولار بلغت 5.5 مليار دولار خلال عام 2023، مما دفعها لاتخاذ قرار بالتوسع في آلية تخصيص الأراضي بالدولار لتمتد حتى شهر مارس المقبل.
ذكر محمد البستاني، أن الحكومة المصرية تعمل على محاور عدة لزيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي، مشيرًا في هذا الصدد إلى مقترح تدرسه الحكومة لإنشاء شركة متخصصة في التصدير العقاري مما يسهم في نمو مبيعات الشركات العقارية، وفي الوقت نفسه زيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي، من خلال تخصيص وحدات تناسب المشترين الأجانب.
وتعد الحكومة المصرية، مبادرة لإتاحة الوحدات العقارية للبيع بالدولار سواء للمصريين بالخارج، أو الأجانب، وسيشارك في هذه المبادرة الوحدات التابعة للمطورين العقاريين بالقطاع الخاص، على أن يتم طرح عدد من المحفزات تسهم في نجاح المبادرة، وفقًا لبيان حكومي.
من جانبه قال الخبير المصرفي طارق متولي، إن السوق الموازية للصرف تشهد انخفاضًا في أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري نتيجة قرب الإعلان عن صفقات ضخمة لاستثمارات عربية في مصر خلال الفترة القريبة المقبلة، وتدبير البنوك طلبات الشركات من العملات الأجنبية لاستيراد المواد الخام والسلع الأساسية مما يسهم في القضاء بشكل كبير على السوق الموازية.
ونقلت وسائل إعلام محلية، عن تلقي المستوردين إخطارات من البنوك بإيداع قيمة الشحنات الجديدة بالجنيه لفتح اعتماد مستندي لها وذلك تمهيدًا لتوفير الدولار اللازم للاستيراد.
أشار “متولي”، في تصريحات خاصة لـ”CNN بالعربية”، إلى أن هناك إقبالًا على ضخ استثمارات أجنبية مباشرة في مصر في ظل المزايا التنافسية لها سواء سوق استهلاكي ضخم يضم أكثر من 106 ملايين نسمة أو نفاذ للسلع المصرية للعديد من الدول لارتباط مصر باتفاقيات تجارة حرة مع هذه الدول، إضافة إلى فرص استثمارية متنوعة في العديد من القطاعات الاقتصادية بهوامش ربحية مرتفعة إلا أن التحديات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية تشكل تحديًا لمواجهة تدفقات الاستثمارات الأجنبية.
ويرى طارق متولي، أن الحلول الأمنية لمواجهة المضاربة في الدولار بسوق الصرف الموازية لن تؤدي إلى حل للأزمة على المدى طويل الأجل، والذي يتطلب سرعة زيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي المستدام بزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك زيادة حجم الصادرات والسياحة مما يسهم في علاج عجز ميزان المدفوعات.